كيف قفزت صادرات الهند بنسبة 20% رغم حرب ترامب التجارية؟ — أخبار الحرب التجارية

قفزة قياسية في صادرات الهند تُسجّل أسرع نمو منذ ثلاث سنوات، حيث ارتفعت الصادرات بنحو 19.4% على أساس سنوي في نوفمبر 2025 لتصل قيمتها إلى حوالي 38.13 مليار دولار، بدفع أساسي من شحنات إلى الولايات المتحدة والصين.

الخلفية والرسوم الأمريكية
شهدت هذه الزيادة معاناة دول عدة في حماية صادراتها من آثار الرسوم الأمريكية المرتفعة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب؛ ففي وقت سابق من العام فرضت الولايات المتحدة رسوماً إضافية بنسبة 25% على الهند رداً على مشترياتها المستمرة من النفط الروسي، ما رفع إجمالي الرسوم إلى 50%.

ماذا كانت قيمة صادرات الهند في نوفمبر؟
قِيّمت صادرات السلع الهندية في نوفمبر 2025 بنحو 38.13 مليار دولار، بارتفاع يقارب 19.4% بالنسبة لعام كامل مقارنةً بنوفمبر 2024. وقد مثل هذا تحوّلاً بعد تراجع الصادرات بنسبة 11.8% على أساس سنوي إلى 34.38 مليار دولار في تشرين الأول/أكتوبر.

وتراجعت الواردات، خصوصاً من الذهب والنفط والفحم، بنحو 1.88%، مما ساهم في تقليص عجز تجارة السلع إلى نحو 24.5 مليار دولار — أدنى مستوى منذ حزيران/يونيو، مقابل عجز بلغ 41.68 مليار دولار في أكتوبر. (ملاحظة: وردت كلمة “استيردات” هنا عن غير قصد).

محركات الصعود
أشارت وزارة التجارة والصناعة الهندية إلى أن العوامل الرئيسية التي دعمت الصادرات تضمنت السلع الهندسية والإلكترونيات والصناعات الدوائية، إلى جانب استراتيجيات التنويع نحو أسواق تصديرية جديدة.

إلى أين تُصدّر الهند معظم شحناتها الآن؟
رغم الرسوم الجديدة، زادت صادرات الهند إلى الولايات المتحدة — أكبر سوق فردي لها — بنسبة 22% في نوفمبر لتبلغ نحو 7 مليارات دولار. وكانت القطاعات الأكثر نشاطاً الهندسة والإلكترونيات والمجوهرات والأحجار الكريمة والمنتجات الدوائية.

وفي الوقت نفسه، قفزت الشحنات إلى الصين بنسبة تقارب 90% على أساس سنوي لتصل إلى حوالي 2.2 مليار دولار، مع تسجيل واردات صينية أعلى خاصة في الإلكترونيات والسلع الهندسية. كما ساهمت إسبانيا والإمارات وتنزانيا بزيادات ملحوظة في الصادرات الهندية.

يقرأ  في جلسة مجلس الأمن: تصاعد الخلاف بين الغرب وروسيا حول انتهاكات المجال الجوي للناتو — أخبار حرب روسيا وأوكرانيا

لماذا ما زالت الصادرات إلى الولايات المتحدة مزدهرة؟
جزئياً، شملت أرقام نوفمبر مبيعات هندية لسلع معفاة من الرسوم الأمريكية، كما قال سامبيت بهاتاچاريا، أستاذ الاقتصاد بجامعة ساسكس. فتصدر الهند إلكترونيات وأدوية إلى الولايات المتحدة، وفئات هذه المنتجات معفاة من الرسوم، كما أضيفت سلع مثل الشاي والقهوة والتوابل والمواد الغذائية إلى قوائم الإعفاء، فشهدت نمواً مطرداً.

ويرى محلّلون أن استمرار تدفّق الصادرات إلى الولايات المتحدة يعكس توقعات لدى التجار بتخفيف الرسوم لاحقاً في إطار مساعي الطرفين للتوصل إلى اتفاق تجاري. مثال على التعاون الاقتصادي الأخير: توقيع نيودلهي وواشنطن عقداً طويل الأمد يتيح لشركات هندية مملوكة للدولة (IOC وBPCL وHPCL) شراء 2.2 مليون طن متري من غاز البترول المسال الأمريكي سنوياً، ما يعادل نحو 10% من إجمالي واردات الهند من هذه المادة.

هل تسعى الهند للتنويع بعيداً عن السوق الأمريكية؟
نعم. رغم مؤشرات النمو الإيجابية، لا تزال علاقة الهند مع الولايات المتحدة محاطة بشكوك. ادّعى البيت الأبيض في وقت سابق أن الهند توافقّت على التوقف عن شراء النفط الروسي، لكن دلائل التراجع عن ذلك كانت ضئيلة. كما قاومت الهند ضغوط واشنطن لفتح قطاعات حساسة كالبُنى الزراعية ومنتجات الألبان، مؤكدة حرصها على حماية المزارعين ورفضها الرضوخ لمطالب تخفيض الرسوم.

وعلى صعيد الاتفاقيات، وقّعت الهند اتفاقيات مع المملكة المتحدة واتحاد التجارة الحرة الأوروبي (EFTA) وشرعت في محادثات مع المكسيك وعُمان لتوسيع ممرات التصدير والحد من تأثير سياسات الرسوم الخارجية. كما تُبدي الهند اهتماماً بالتوسع نحو أسواق أوراسيا وآسيا الوسطى.

عوامل إضافية لارتفاع الصادرات
أشار بهاتاچاريا إلى أن ضعف الروبية مقابل الدولار ساهم في تعزيز تنافسية الصادرات الهندية جزئياً، فالتخفيف النسبي في قيمة العملة عوّض بعض التأثير السلبي للرسوم على الأسعار التنافسية للمنتجات الهندية. كذلك قدّمت المقارنة السنوية مع نوفمبر 2024 قاعدة منخفضة نسبياً بسبب تداعيات أزمة البحر الأحمر آنذاك، ما جعل معدلات النمو تبدو أكثر تفاؤلاً.

يقرأ  شبّه موظفو سوذبيز هيكلَ رسومِ الدار بتعريفاتِ ترامب

دول أخرى تسجل نمواً رغم الرسوم الأمريكية
سجّلت الصين فائض تجارة يفوق تريليون دولار، مدفوعة بقدرتها على إعادة توجيه الصادرات إلى أسواق غير أمريكية والتوسع في المنتجات التقنية المتقدمة. كذلك بادرت الصين إلى خفض الاعتماد على السوق الأمريكي ومضاعفة الشحنات إلى أوروبا وجنوب شرق آسيا وأسواق آسيوية أخرى.

فيتنام بدورها سجلت زيادات في الصادرات خلال 2025، مع فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة رغم الرسوم التي فرضها ترامب، حيث ارتفعت صادراتها إلى السوق الأمريكية بنسبة تقارب 22.5% في نوفمبر.

هل تتجه الدول الأخرى لتنويع أسواقها بعيداً عن الولايات المتحدة؟
نعم. شهدت الفترة ازدياداً في زخم المفاوضات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف مع سعي الدول إلى بدائل عن السوق الأمريكية. تسعى دول عدة إلى تعزيز روابطها مع أسواق آسيوية comme الصين واليابان ودول رابطة آسيان، وتَستخدم الاتفاقيات التجارية كآلية لتخفيف عدم اليقين وتحفيز الاستثمارات وفتح الأسواق.

الاتحاد الأوروبي أبرم صفقات مع مجموعة ميركوسور والمكسيك وإندونيسيا، تضمنت تخفيضات أو إلغاء تدريجي للرسوم، وتوسيع فرص الصادرات الصناعية والزراعية إلى جانب التزامات بيئية وعمالية. كما أعلنت كندا عن رغبة في عقد اتفاقيات تجارية جديدة لتعويض أثر سياسات الرسوم الأمريكية.

خلاصة
تعكس بيانات نوفمبر 2025 قدرة الهند على الصمود وزيادة حصتها التصديرية عبر تنويع الأسواق والمنتجات، مع استمرار تأثير عوامل خارجية — كالرسوم الأمريكية وتذبذب أسعار العملات — على ديناميكيات التجارة العالمية. وتبقى مسارات التنويع والاتفاقيات التجارية المتبادلة أدوات مركزية للدول في حماية وتعزيز صادراتها المستقبلية.

أضف تعليق