«لكل شخص قُتل في ٧ أكتوبر — يجب أن يموت ٥٠ فلسطينياً»

قال آهيرون حليفا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق في جيش الدفاع الإسرائيلي، إن «انهم يحتاجون إلى نكبة بين الحين والآخر ليشعروا بالثمن».

سُرّب تسجيل صوتي عرضته قناة 12 الإسرائيلية، وثّق تصريحات لحليفا يؤكد فيها أن إخفاقات السابع من أكتوبر تستدعي إجراء إصلاحات هيكلية عميقة في منظومة الدفاع الإسرائيلية. وأضاف أن هذه الإخفاقات ليست مسألة سطحية يمكن حلها بتبديل وجوه، بل تتطلب تفكيكًا وإعادة تركيب للنظام بأكمله، لأن الخطأ أعمق من أن يُعزى لمجرد حادث عابر.

في التسجيلات تعالت ملاحظات حادة حول خسائر الفلسطينيين، ونقد لاذع لوزراء جدد في الحكومة لتجربتهم المحدودة، وتفصيل لخطط ما قبل الحرب التي كانت تستهدف قادة حماس، على رأسهم يحيى السنوار ومحمد ضيف.

«نحن أفضل جيش في العالم، نحن أفضل دولة في العالم»، قال حليفا وهو يتأمل في مجريات الحرب على عدة جبهات وحال البلاد. وردًا على مزاعم أن «المنبهات» كانت من مسؤوليته، نفى ذلك وقال: «لا شيء بسببّي. المسألة ليست حولي، وليست حتى حول أشخاص. إنها أعمق بكثير وعلى مدى سنوات عديدة». خلال الحرب أصبح مصطلح «المنبهات» أو «البيبرز» مرادفًا للتنبيهات الطارئة التي تحشد الوحدات والكوادر.

تطرّق حليفا لواحدة من جذور الإخفاق الاستخباراتي، واعتبر أن من أصعب المشكلات قبل السابع من أكتوبر كان الاعتقاد بأن الاستخبارات كليّة القدرة — مشيرًا إلى أن الأمر يتجاوز الغطرسة ليصل إلى عمق منهجي وفكري. وقال إن سؤاله في احتفالات الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر عما إذا كان ممكنًا تكرار مثل هذا الحدث، كانت إجابته بالإيجاب، مع استطراد لتاريخ هجمات مفصلية مثل بيرل هاربر و11 سبتمبر وحرب 1973: «أعرف ما حدث في بيرل هاربر، وأعرف ما حدث في 11 سبتمبر، وأعرف ما حدث في 1973. أقول لكم اليوم، يمكن أن يتكرر ذلك».

يقرأ  شان ٢٠٢٤المجموعة الثالثةغينيا ضد الجزائرمواجهة حاسمة

هدفه في مداولات ما بعد الحرب كان دفع تكرار الفشل من «مرة كل خمسين سنة إلى مرة كل مئة سنة»، وفق عباراته. ورفض ادعاءات بأن ليلة ما قبل السابع كان ينبغي أن تثير استجابة مختلفة، موضحًا أن وجود مفهوم راسخ مسبقًا بأن الاستخبارات ستوفر إنذارًا واضحًا يجعل الاستجابة لكل إشارة متفرقة غير ممكنة عمليًا من دون إبقاء «300 ألف احتياطٍ في الخدمة يوميًا». وصف الاستخبارات بأنها «لغز مجنون» تظهر فيه شظايا متفرقة بشكل مستمر. واعترف بالتكاليف الاقتصادية والاجتماعية لحشد الاحتياط الكبير، وأن إسرائيل تعتمد اعتمادًا كبيرًا على قوات الاحتياط.

بحسب التسجيلات، قال حليفا إن جهاز الشاباك كان قد بدأ بالفعل التخطيط لقتل قيادات حماس قبل السابع من أكتوبر. أشار إلى أنه عُلم له أن هناك فتحًا لإعادة تنظيم مشترك مع الشاباك لجمع معلومات عن ضيف والسنوار بغرض القضاء عليهما، لأنهما كانا يتجاوزان كل خطة تُعد ضدهما، «فيُضطرّون لإعادة جمع المعلومات عنهما».

وفي أقسى مقاطع التسجيل، قال حليفا: «حقيقة أنه هناك بالفعل 50 ألفًا قتيلًا في غزة أمر ضروري ومطلوب للأجيال القادمة. مقابل كل ما حدث في السابع من أكتوبر، من كل شخص في ذلك اليوم، يجب أن يموت خمسون فلسطينيًا. لا يهم الآن إن كانوا أطفالًا. أنا لا أتكلم من باب الانتقام، أنا أتحدث للأجيال القادمة. هم بحاجة إلى نكبة من وقت لآخر ليشعروا بالسعر. لا خيار في هذا الحي المجنون». (النكبة مصطلح فلسطيني يشير إلى حرب 1948 وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين.)

تحدث أيضًا عن الساعات التي سبقت الهجوم، مذكرًا أن معاونًا له اتصل مرة واحدة خلال الليل ليبلغ عن «تطوّر غير اعتيادي» تعاطت معه قيادة الجنوب وضابط العمليات المعني، وأنه سيوقظ إذا لزم. وأضاف أن هناك وثائق للشاباك من تلك الليلة تقول «بتقييمنا سيستمر الهدوء»، وأن كل شيء موثق، لكنه أصر أن المشكلة الأعمق كانت عقلية ما قبل الحرب وليس إشارة واحدة فائتة في ليلة بعينها.

يقرأ  الحادث الكارثي في بحر الصين الجنوبي يُظهر مدى خطورة المناورات البحرية المتهوّرة

وصف رئيس هيئة الأركان حينها، اللواء هرزي هليفي، بأنه «ليس متهاونًا، إنه بارانويا، رحمنا الله». وحدد أن جدولة تقييم في الثامنة والنصف صباحًا في يوم السابع من أكتوبر عبّرت عن أن «كل من زوده بالاستخبارات أعطاه انطباعًا بوجود تطور غير اعتيادي وليس أمرًا وشيكًا».

وانتقد حليفا بشدة قلة خبرة بعض أعضاء مجلس الأمن الحالي، مسمياً وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بيتسعل سموتريتش، قائلاً: «ماذا تتوقع من مثل هذا الشخص؟ تعلم. هذا مهنة جدّية. ابدأوا بتعلّم الاستخبارات والخطط التشغيلية والقدرات والذخائر وغيرها». وأضاف أن سموتريتش «لم يعرف ما هي النخبة»، في إشارة إلى وحدات الكوماندوز النخبوية لدى حماس. تساءل أيضًا عن مقدار الاستخبارات التي يقرأونها وعدد الإحاطات التي يتلقونها ومدى نقاشاتهم الأمنية المتعمقة حول غزة.

وعندما سُئل عما إذا كانت سياسة إسرائيل تستند على تقييمه أن حماس رادعة، أجاب بالنفي، واصفًا رئيس الحكومة بأنه «دقيق جدًا، وأكثر شخص يقظ في العالم. يقرأ ويصغي. ويمكن القول أيضًا إنه رزين جدًا، ولذلك يقلق من أمور أخرى. لا يندفع إلى الحروب؛ لا يندفع للضربات. كان لديه تردُّدات. كل ذلك مقبول. لكن في اختبار النتائج فشل كل شيء». لم يذكر حليفا اسم نفتالي نتنياهو مباشرة في المقاطع المنقولة، وإن ربطته وسائل الإعلام الإسرائيلية بذلك.

ردت أم ثكلى، شيلي مشعل-يوجيف، التي قُتلت ابنتها ليبي كوهين-ميغوري في السابع من أكتوبر بعد خروجها للرقص في مهرجان نوفا قرب رعيم، على حليفا في مقابلة مع راديو كان بعد تسريب التسجيل. وقالت بمرارة: «منذ متى أصبح حمل المسؤولية ستارًا؟ ما معنى تحمل المسؤولية؟ تحملوا اللوم». وأضافت أنها شاهدت التقرير مرتين ولم تستطع النوم: «يقول إن الشاباك أخفق، والحكومة أخفقت، والجيش أخفق. أين أنتم؟ آلاف قُتلوا. ليبي مدفونة، وأنا معذبة. يقول ‘تحمّلت المسؤولية’ ويخرج بمنحة تقاعد سمينة؟»

يقرأ  دليل كامل لخطط وتكاليف بايلوستيتحليل تفصيلي ومقارنة شاملة

تابعت: «لا تدّعِ المسؤولية ثم تطير بعد دقيقة إلى الخارج. اجلس متواضعًا في غرفة المعيشة لدي واشرح نفسك»، وختمت: «كلمة ‘المسؤولية’ لا تبرئك. أنت مذنب لأن ليبي مدفونة. تحمل اللوم. تقول إن الجيش أخطأ في مفاهيم استمرت سنوات. أنت المفهوم». وأكدت أن حليفا ليس وحيدًا في ذلك: «لا نبرّئ الحكومة ولا الشاباك ولا الشرطة ولا رئيس الأركان. كلهم مذنبون. لا أحد تحرّك.»

أضف تعليق