لماذا تنهار المنازل المتضررة في غزة خلال فصل الشتاء؟

تدهورت الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بشكل حاد في أواخر الأسبوع الماضي مع مرور عاصفة “بايرون” التي صاحبها هطول أمطار غزيرة ورياح شديدة.

أظهرت مقاطع واسعة الانتشار على مواقع التواصل فرق الدفاع المدني الفلسطينية وهي تبحث بين أنقاض المباني المنهارة محاوِلة إنقاذ الأشخاص المحاصرين تحت الركام.

ما الذي يحدث في غزة؟
العديد من المنازل المتضررة انهارت خلال العاصفة الأخيرة، مما أدى إلى احتجاز نساء وأطفال وأسر بأكملها تحت الأنقاض. وسقطت أحياناً أجزاء من المباني وجدران على الخيام المجاورة حيث يقيم النازحون، ما زاد من مخاطر المدنيين الذين يعيشون بالفعل في ظروف بالغة الهشاشة.

آلاف العائلات في غزة تقيم داخل مبانٍ تعرضت لأضرار هيكلية بعدما فقدت منازلها أثناء الحرب، ولا تتوفر لها بدائل آمنة. وهطول الأمطار الشديد حوّل هذه البنايات المتهالكة إلى تهديدات مباشرة، وغمرت المياه عشرات الآلاف من الخيم.

لماذا تنهار هذه المنازل؟
الانهيارات لم تنجم عن المطر وحده؛ فقد أضعفت سنتان من القصف المكثف خلال الحرب الباداةية على غزة سلامة المنشآت وجعلتها عرضة للانهيار. كما يعوق الحصار الإسرائيلي دخول مواد الترميم ومواد البناء اللازمة لإصلاح المنازل.

تعرضت آلاف المباني السكنية لأضرار مباشرة جراء الضربات، أو لتشققات نتيجة القصف القريب والعمليات البرية، ما أدى إلى صدوع في الأعمدة والأساسات وانفصال للجدران الحاملة وانهيار جزئي للأسقف. ومع عدم وجود مأوى بديل، يضطر كثيرون إلى اللجوء إلى بيوت شبه متهدمة أو نصب خيم بجوار الخراب أو فوقه، معرضين أنفسهم لسقوط جدران وكتل خرسانية أثناء العواصف.

المطر الغزير يتسبب بتفاقم الأضرار: يتسلل الماء إلى الشقوق فيضعف الأساسات والأعمدة، ويتآكل التربة المشبعة تحت المباني فتزداد احتمالات الانهيار المفاجئ. كما يؤدي الاكتظاظ داخل المساكن المتضررة إلى تحميل إضافي على الهياكل الضعيفة، حيث تجبر عائلات متعددة على العيش في طابق واحد أو غرفة واحدة.

يقرأ  انطلاق أول تحليق لثلاثة صقور شاهين من «نيستفليكس»

كم عدد المتضررين والضحايا؟
أودت العاصفة الأخيرة بحياة 11 فلسطينياً خلال أقل من 24 ساعة، وتسببت بأضرار هيكلية واسعة. بحسب مكتب الإعلام الحكومي، انهارت 13 منزلاً وغمرت المياه أو جرفتها 27,000 خيمة. وأفادت مصادر في الدفاع المدني ووزارة الصحة أن الضحايا الـ11 عُثر عليهم تحت أنقاض منازل منهارة أو داخل خيام قريبة، فيما أصيب ستة آخرون. من بين القتلى أطفال ونساء وكبار سن، وتم تأكيد وفاة رضيعة نتيجة البرد الشديد. وقعت الحوادث في مدينة غزة وشمال القطاع ومناطقه الوسطى والجنوبية، وشملت أحياء مثل النصر وشاطئ والعودة إلى تل الهوا.

أثناء العاصفة تلقت فرق الدفاع المدني أكثر من 2,500 مكالمة استغاثة من النازحين، وحذّر المسؤولون من أن حصيلة القتلى قد ترتفع مع استمرار حالة عدم الاستقرار الجوية وهطول مزيد من الأمطار.

هل هناك أي مساعدة للمتضررين؟
بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل، بقيت الاستجابة الطارئة محدودة. واجهت فرق الدفاع المدني صعوبات كبيرة في إخراج المحاصرين من تحت الأنقاض لافتقارها إلى الآليات الثقيلة ومعدات الإنقاذ والوقود، بالإضافة إلى الطرق المغمورة بالمياه. ونادَت الدفاع المدني السكان بالخروج من المنازل المتضررة أثناء العواصف.

لم تتمكن السلطات من توفير ملاجئ بديلة أو خيام صالحة للسكن للعائلات المشردة. في أماكن عدة اقتصرت المساعدات على توزيعات صغيرة من البطانيات والمواد الإغاثية الأساسية، وهي تقلّ بكثير عما يحتاجه السكان مع انخفاض درجات الحرارة وتفاقم أضرار البنى التحتية. كما تقرّ البلديات بعدم قدرتها على تنفيذ أعمال تصريف أو إصلاح وقائية نتيجة البُنى التحتية المدمرة ونقص الموارد، مما يبقي الناس عرضة لعواصف مقبلة.

هل يمكن لأهل غزة أن يتصرفوا ليبقوا بأمان؟
الخيارات ضئيلة أو منعدمة. آلاف الأشخاص لا يستطيعون الانتقال لأن لا مأوى آمن أو ملاجئ متاحة، كما أن القيود على الحركة داخل القطاع عبر “الخط الأصفر” تحصر تنقّل السكان وتمنع الانتقال إلى مناطق أكثر أمناً. إضافة إلى ذلك، يفتقر الناس إلى أدوات للتدعيم البنيوي أو العزل المائي أو التدفئة.

يقرأ  خمسة قتلى في حادث حافلة سياحية بولاية نيويوركمن بينهم أجانب — أخبار النقل

إجراءات مؤقتة بسيطة فقط يمكن اتخاذها، مثل نقل الأطفال إلى مناطق أكثر ثباتاً أو رفع الأمتعة عن الأرض أو استخدام البطانيات، لكنها لا تمنع الانهيارات أو الفيضانات. ورأت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أن المعاناة قد تخفّ لو سُمح بدخول المساعدات الإنسانية دون عوائق، مشيرة إلى أن الشوارع المغمورة والخيام المشبعة يزيدان من تدهور ظروف المعيشة والمخاطر الصحية.

رغم وقف إطلاق النار الذي بدأ في 10 أكتوبر، فإن ظروف المدنيين في غزة لم تتحسن بسبب عرقلة دخول المساعدات من قبل إسرائيل، وهو ما ينتهك شروط الهدنة ويحول دون توافر احتياجات إنقاذية وعاجلة. ليس لديهم اي خيار سوى البقاء في ظروف خطرة حتى تتبدل المعطيات.

أضف تعليق