ما هي منظمات الإغاثة التي تمنعها إسرائيل عن غزة الآن — وماذا سيعني ذلك؟

أعلنت إسرائيل أنها ستعليق تصاريح أكثر من ثلاثين منظمة إغاثية لعدم امتثالها لمتطلبات جديدة للعمل في قطاع غزة المدمّر بسبب الحرب، وهو قرار قد يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية لسكان القطاع.

وقالت السلطات الإسرائيلية، الثلاثاء، إن المنظمات التي ستُمنع نشاطها اعتباراً من 1 يناير 2026 لم تلتزم بتقديم معلومات مفصَّلة عن كوادرها ومواردها وعملياتها كما تطلب القواعد الجديدة.

وزير شؤون الشتات أمياخاي تشيكلي أكد أن “المساعدات الإنسانية مُرحَّب بها، لكن استغلال الأطر الإنسانية للإرهاب غير مقبول”.

قرار الحظر صدر في وقت طالب فيه تحالف من وزراء خارجية دول مثل المملكة المتحدة وكندا وفرنسا واليابان والدول الإسكندنافية إسرائيل بضمان قدرة المنظمات غير الحكومية على تقديم مساعدات “مستمرة وقابلة للتوقّع”، مع التعبير عن قلق شديد إزاء الوضع الإنساني في القطاع.

لماذا علّقت إسرائيل عمل هذه المنظمات؟

قالت وزارة شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية إن الإجراء يدخل في إطار “تقوية وتحديث” القواعد الناظمة لعمل المنظمات الدولية في الأراضي الفلسطينية المتأثرة بالحرب. وأوضحت الوزارة في بيان أن “المنظمات الإنسانية التي تفشل في تلبية متطلبات الأمن والشفافية ستُعلّق تراخيصها”.

وأضافت الوزارة أن مجموعات لم تتعاون ورفضت تقديم قوائم بالعاملين الفلسطينيين لديها “لاستبعاد أي روابط محتملة مع الإرهاب” قد أُخطرَت رسمياً بأن تراخيصها ستُلغى اعتباراً من الأول من يناير.

وقالت الوزارة إن تلك المنظمات أُعطيت مهلة عشرة أشهر لتقديم المعلومات المطلوبة لكنها “فشلت في الامتثال للمتطلبات”.

من بين المنظمات التي شُملَت بالإجراء منظمة أطباء بلا حدود، التي اتهمتها الوزارة بتوظيف شخصين لهما مزاعم عن صلات مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي، دون أن تقدّم أية أدلة علنية على هذه الادعاءات. وذكرت الوزارة أن المنظمة “لم تكشف بالكامل عن هويات هؤلاء الأفراد وأدوارهم” رغم الطلبات المتكررة.

وردت أطباء بلا حدود بأنها “لن توظف عن علم أشخاصاً يشاركون في أنشطة عسكرية” لأن ذلك يعرض موظفيها ومرضاها للخطر، وأنها “تواصلت وتعاونت” مع السلطات الإسرائيلية وأنها لم تتلق قراراً نهائياً بشأن إعادة التسجيل.

في وقت سابق من هذا العام، اتهمت أكثر من مائة منظمة إغاثية إسرائيل بـعرقلة وصول مساعدات منقذة للحياة إلى غزة ونددت بـ”تسليح المساعدات” بعدما رفضت تلقي قوافل مساعدات إلى المناطق المدمرة.

المنظمات الكبرى التي شملها الحظر

قائمة المنظمات البالغ عددها 37 جهة شملت وكالات إغاثة دولية كبيرة تقدم خدمات طبية وغذائية ومأوى ومياه وصرف صحي وتعليم ودعم نفسي. من بينها:

يقرأ  بعد أسبوع على وقف إطلاق النار — وصول المساعدات إلى غزة ما يزال يواجه عوائق إسرائيلية

– العمل ضد الجوع
– ActionAid (أكشن إيد)
– Alianza por la Solidaridad (تحالف التضامن)
– Campaign for the Children of Palestine (حملة من أجل أطفال فلسطين)
– CARE
– DanChurchAid
– Danish Refugee Council (المجلس الدنماركي للاجئين)
– Handicap International / Humanity & Inclusion (هيومنتي آند إنكلوجن)
– Japan International Volunteer Center (مركز اليابان للتطوّع الدولي)
– Médecins du Monde فرنسا (أطباء العالم ـ فرنسا)
– Médecins du Monde سويسرا
– أطباء بلا حدود بلجيكا
– أطباء بلا حدود فرنسا
– أطباء بلا حدود هولندا
– أطباء بلا حدود إسبانيا
– Médicos del Mundo (أطباء العالم ـ إسبانيا/أمريكا اللاتينية)
– Mercy Corps
– Norwegian Refugee Council (المجلس النرويجي للاجئين)
– Oxfam Novib (فرع أوكسفام الهولندي)
– Première Urgence Internationale
– Terre des hommes Lausanne
– International Rescue Committee (اللجنة الدولية للإنقاذ)
– WeWorld-GVC
– World Vision International (وورلد فيجن الدولية)
– Relief International
– Fondazione AVSI
– Movement for Peace – MPDL
– American Friends Service Committee (لجنة أصدقاء أمريكا للخدمات)
– Medico International
– Palestine Solidarity Association in Sweden (جمعية تضامن فلسطين بالسويد)
– Defense for Children International (الدفاع عن الأطفال الدولية)
– Medical Aid for Palestinians UK (المعونة الطبية للفلسطينيين ـ المملكة المتحدة)
– Caritas Internationalis
– Caritas Jerusalem (كاريتاس القدس)
– Near East Council of Churches (مجلس كنائس الشرق الأدنى)
– Oxfam Quebec
– War Child Holland

هل فعلت إسرائيل شيئاً مشابهًا من قبل؟

ليست هذه المرة الأولى التي تتخذ فيها إسرائيل خطوات لتعليق أو حظر عمل وكالات إنسانية دولية تقدم مساعدات للفلسطينيين. ففي 2024 أقرَّ البرلمان الإسرائيلي قانوناً يقضي بمنع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من العمل داخل إسرائيل، متهمًا بعض الموظفين المحليين بالضلوع في هجمات 7 أكتوبر 2023 التي قادتها حماس ـ وهي اتهامات نفاها الأونروا بشدة. وبما أن إسرائيل تسيطر على الوصول إلى غزة والضفة الغربية، فقد عطّل هذا الحظر عمليات الأونروا في الأراضي الفلسطينية.

وأكدت محكمة العدل الدولية في أكتوبر أن ادعاءات إسرائيل ضد الأونروا لم تكن مدعومة بما يكفي، لكن ذلك لم يمنع توقف تمويل المنظمة من قبل بعض الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة في مرحلة ما، قبل أن تستأنف دول أخرى دعمها لاحقاً.

يقرأ  انسَ النبيذ المجاني«إير كندا» تكشف عن جرعة عافية جديدة — أذكى ترقية على متن الطائرة حتى الآن

ماذا عن المجتمع المدني الفلسطيني في غزة؟

يرى منتقدو إسرائيل أن الحظر والقيود المفروضة على المنظمات الدولية والأممية جزء من جهود أوسع تجعل الحياة في غزة شبه مستحيلة لأكثر من مليوني نسمة، عبر تدمير كل عناصر البنية الاجتماعية والاقتصادية الضرورية لاستمرار أي مجتمع وظيفي.

على مدى عقود، فرضت إسرائيل حصاراً على غزة أعاق دخول وخروج الأشخاص والمواد اللازمة لتطوير البنية التحتية. وخلال العامين الأخيرين، دمر الحرب الإبادية كما تصفها بعض التقارير ما بناه الفلسطينيون في غزة بصعوبة بالغة.

وفق أحدث إحصاءت الأمم المتحدة، قُتل 579 عاملاً في المجال الإنساني بينهم ما يقارب 400 من موظفي الأونروا منذ 7 أكتوبر 2023، كما قُتل أكثر من 1,700 عامل صحي، و أكثر من 140 من موظفي الدفاع المدني، و256 صحفياً. وبالإجمال تشير التقديرات إلى أكثر من 71,000 قتيل في غزة جراء الحرب.

تُظهر التقديرات أيضاً أن أكثر من 80 في المئة من المباني تعرضت للضرر أو الدمار، بما في ذلك جميع المستشفيات الثمانية عشر في غزة التي تعرَّضت للضربات؛ و93 في المئة من مباني المدارس، وأكثر من 63 مبنى جامعي. أكثر من 77 في المائة من سكّان غزة يواجهون مستويات مرتفعة من نقص الغذااء.

اتهمت الأمم المتحدة إسرائيل بأنها استهدفت بشكل متعمد البنية التحتية الصحية في غزة وأودت بحياة كوادر طبية في محاولة لتفكيك نظام الرعاية الصحية في القطاع.

المياه الصالحة للشرب شحيحة، إذ تضررت محطات التحلية وشبكات الصرف الصحي بشدة، ما يرفع من خطر انتشار الأمراض.

غزة كانت تعاني أصلاً أزمة مائية قبل الحرب الإسرائيلية التي امتدت لعامين ووُصفت بأنها إبادة جماعية من قبل بعض الأطراف، حيث أضرت العمليات العسكرية الإسرائيلية بأكثر من 80 في المائة من مناشآت المياه في القطاع.

في ظل هذا الواقع الحربي، أعربت بعض المنظمات الإغاثية عن قلق موظفيها الفلسطينيين من أن مشاركة بياناتهم مع إسرائيل قد تعرّضهم للاستهداف.

أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بشدّة قرار إسرائيل فرض متطلبات تسجيل جديدة على منظمات الإغاثة، محذّرة من أن هذه الإجراءات قد توقف وصول المساعدات المنقذة للحياة لمئات الآلاف من الناس في غزة.

يقرأ  فيديو جديد يُظهِر، على ما يبدو، الأب الهارب من نيوزيلندا

وقالت الوزارة إن “إسرائيل لا تملك سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس”، مؤكدة ترحيب الفلسطينيين بعمل المنظمات الإنسانية.

حذّر الاتحاد الأوروبي من أن تجميد عمل المنظمات في غزة سيمنع وصول مساعدات “منقذة للحياة” إلى السكان.

وقالت مسؤولة الشؤون الإنسانية في الاتحاد الأوروبي، حاجّة الحبّيب، في منشور على منصة X: «الاتحاد الأوروبي كان واضحاً: لا يمكن تطبيق قانون تسجيل المنظمات غير الحكومية بصيغته الحالية».

وأضافت أن القانون الدولي الإنساني لا يترك مجالاً للشك: لا بد أن تصل المساعدات إلى من هم في حاجة إليها.

كيف سيؤثر ذلك على الفلسطينيين في غزة؟

أعربت منظمة أوكسفام لقناة الجزيرة عن أملها في أن يُسمح لها بمواصلة عملها في غزة. وقال مات غراينجر، رئيس قسم الإعلام في أوكسفام الدولي: «ندرك خطر رفض إسرائيل تسجيل منظمات غير حكومية عدة، بما فيها أوكسفام. نفهم أن أي قرار نهائي سيتبع رسالة رسمية من إسرائيل ثم آلية استئناف. نركز على استمرار عملنا الإنساني في غزة».

أفادت منظمة أطباء بلا حدود لوكالة رويترز أن تأثير منعها من العمل سيكون مدمرًا في ظل تعمق الأزمة الإنسانية. وقالت المنظمة: «إذا مُنعت أطباء بلا حدود من العمل في غزة فسيُحرم مئات الآلاف من الناس من الوصول إلى الرعاية الطبية»، مشددة على خطورة الوضع على المدنيين الذين يكافحون أصلاً للحصول على خدمات صحية.

قالت شينا لو، المتحدثة باسم مجلس اللاجئين النرويجي لرويترز، إن «في وقت تفوق فيه الاحتياجات في غزة بكثير حجم المساعدات والخدمات المتاحة، إسرائيل منعت وستستمر في منع دخول المساعدات المنقذة للحياة».

نشرت وزارة الخارجية البريطانية يوم الثلاثاء بياناً بالتعاون مع فرنسا وكندا ودول أخرى دعت فيه إسرائيل إلى السماح للمنظمات غير الحكومية بالعمل في إسرائيل بطريقة مستمرة ومتوقعة.

وقال البيان إن إلغاء تسجيل المنظمات سيكون له «تأثير شديد على الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية».

وأضافت أن «مرفقاً صحياً من بين كل ثلاثة مرافق في غزة سيغلق إذا توقفت عمليات المنظمات الدولية»، موضحة أن المدنيين يواجهون ظروفاً مروعة مع حلول الشتاء وتساقط أمطار غزيرة وهبوط درجات الحرارة.

أضف تعليق