ما الذي يمكن لمصممي التعليم أن يتعلّموه من المعلنين
في عالم يتسم بالاضطراب المستمر وتشتت الانتباه، تظل معادلة واحدة ثابتة في كل من الإعلان والتعلّم: كيف نستحوذ على انتباه الناس بسرعة ونسهّل عليهم فهم الرسالة. بينما يعتني مصممو التعليم ببناء المعرفة وتسلسلها، يركز المعلنون على الرؤية والوضوح والفهم الفوري. مبادئ التواصل البصري التي تجعل الإعلان ناجحاً يمكن أن تحوّل تجربة التعلّم الإلكتروني إلى تجربة أكثر سهولة وجذباً واستدامة. من خلال عملي في بيئات ذات حركة مرورية عالية، لاحظت كيف تغيّر خيارات تصميم بسيطة الطريقة التي يلاحظ بها الناس المعلومات ويعالجونها ويحتفظون بها؛ وتترجم هذه الاختيارات مباشرة إلى خبرات تعليمية أقوى حين تُطبّق بدقّة.
1. البساطة تحسّن الفهم
– نص موجز.
– صور ونمط بصري نظيف.
– هرمية بصرية واضحة.
– تركيز على رسالة أساسية واحدة ومهمه.
كيف نطبّق ذلك في بيئات التعلّم:
– قسّم الفقرات الطويلة إلى مقاطع قصيرة قابلة للهضم.
– اعتمد تصاميم شفافة بدل الشاشات المزدحمة.
– قدّم نتيجة أساسية واحدة لكل شريحة أو وحدة.
– تجنّب الخلفيات المزدحمة والزخارف غير الضرورية.
البساطة تساعد المتعلّمين على التركيز فيما يهم فعلاً.
2. التسلسل البصري يوجّه العين
في الإعلان يجب أن تُحدّد فوراً: ما الذي يراه المشاهد أولاً؟ ما الذي سيبقى في ذاكرته؟ يتم ذلك عبر:
– الحجم.
– التباين.
– اللون.
– الموضع.
– الطباعة.
في التعلّم، التسلسل البصري يساعد المتعلّمين على:
– تنقّل المحتوى بحدس.
– تمييز الأساسي من الثانوي.
– اتباع التدرّج المقصود دون ارتباك أو تعب.
شاشة تعلم مصممة جيداً “تقرأ نفسها” دون أن يشعر المستخدم بالتيه.
3. الاتساق يبني التعرف ويقلّل الجهد
تعتمد العلامات التجارية على اتساق بصري—اللّوغات، الألوان، النبرة، والتخطيط—لأن التكرار يولّد التعرف. نفس المبدأ ينطبق على التعليم: عندما تشترك الوحدات في عناصر ثابتة مثل:
– الألوان.
– الأيقونات.
– أنماط العرض.
– ملاحة موحّدة.
– عناوين متسقة.
– قواعد الطباعة.
يحتاج الدماغ لجهد أقل لمعالجة المادة الجديدة، فيتحرّر موارد عقلية أكبر للتعلّم الفعلي بدلاً من استكشاف كيفية الوصول إلى المحتوى.
4. الاستخدام الاستراتيجي للون يعزّز التركيز
اللون في الإعلان يُستخدم لإثارة العاطفة، تمييز الدعوات إلى الفعل، وجذب الانتباه. في التعلم اليكتروني، يمكن للون أن:
– يبرز الأفكار الرئيسة.
– يشير إلى الانتقالات.
– يدلّ على صح/خطأ.
– يدعم الهوية البصرية.
– يخلق نبرة عاطفية (هدوء، استعجال، فضول).
ولكن الإفراط في الألوان يخلق ضجيجاً بصرياً؛ لقد علمتنا الإعلانات أن لوحة مقتصدة تمنح تأثيراً أقوى.
5. التكرار يقوّي الذاكرة
تعتمد الإعلانات الخارجية على التكرار—رؤية نفس الرسالة يومياً تبني الألفة والاستدعاء. في التعليم، التكرار مبدأ ذاكرة أساسي، خصوصاً عبر:
– التعلّم المتباعد.
– أنماط بصرية متكررة.
– أيقونات أو أطر متكررة.
– هياكل وحدات متناسقة.
– شرائح تعزيزية.
كلما تكرّرت المؤشرات البصرية لدى المتعلّم، تعززت الروابط الذاكرية وتيسّر استرجاع المفاهيم.
6. الربط العاطفي يزيد الانخراط
الإعلانات الناجحة توقظ المشاعر—فضول، سعادة، تعاطف أو حتى فكاهة. العاطفة تحسّن التثبيت الذهني، وهذا مهم أيضاً في التدريب والتعليم.
طرق إدخال العاطفة في التعلم:
– سيناريوهات قابلة للتعاطف.
– سرد قصصي محوره الإنسان.
– نصوص صغيرة ودودّة.
– أمثلة من الواقع.
– صور تتناسب ونبرة الدرس.
يزداد الانخراط حين لا تبدو التجربة تعليمية بحتة، بل إنسانية وقابلة للاصغاء.
7. الحركة وأنماط الانتباه
يأخذ المصمّمون في الإعلان بعين الاعتبار حركة الناس وأين تقف العين طبيعياً وما الذي يبرز أثناء الحركة. المتعلّمون في بيئة إلكترونية أيضاً في حالة “حركة”—نقر، تمرير، تغيير شاشات. فهم هذه الأنماط يساعد في وضع:
– الأزرار حيث تسافر العين طبيعياً.
– عناصر الملاحة حيث يسهل الوصول إليها.
– الرسائل المهمة في الأعلى أو الوسط.
تدفّق بصري جيد يحافظ على تفاعل المتعلّم بدل أن يولّد إحباطاً.
8. الوضوح قبل الإبداع
تعلّمنا الإعلانات درساً قوياً: الوضوح يفوز دوماً. بينما تضيف الإبداع جاذبية، فإن الوضوح يضمن الفهم. في التعليم يعني ذلك:
– لغة مباشرة وواضحة.
– نداءات فعل واضحة (التالي، إرسال، متابعة).
– تعليمات مختصرة ومحددة.
– واجهة مستخدم متوقعة.
– تصميم يمكن الوصول إليه للجميع.
عندما لا يضطر المتعلّمون لفك شفرة الواجهة، يتعلّمون أسرع وبثقة أكبر.
الخلاصة
قد تبدو صناعة الإعلان وتصميم التعلم عوالم مختلفة، لكنهما يتقاطعان في فهم الانتباه البشري. مبادئ التواصل البصري التي تبرز الإعلان في بيئة مزدحمة—البساطة، الوضوح، التسلسل، العاطفة والتكرار—هي نفسها التي تجعل محتوى التعلم الإلكتروني فعالاً ومؤثّراً. بتطبيق هذه المبادئ بعناية ومقارنة النتائج، يستطيع مصممو التعليم خلق تجارب ليست جميلة بصرياً فحسب، بل تدعم فعلاً كيفية استيعاب الناس للمعلومة واحتفاظهم بها.