مرجّح أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة مع تبريد سوق العمل وتصاعد التضخّم — أخبار دونالد ترامب

نيويورك، الولايات المتحدة — الأسبوع المقبل يعقد مجلس الاحتياطي الفدرالي اجتماع سياسة لمدة يومين ليقرر ما إذا كان سيخفض أسعار الفائدة أم لا، وذلك بعد توقّف استمر أشهراً وسط ضغوط متزايدة على البنك المركزي.

الاجتماع يأتي في ظل تصاعد التوترات السياسية: الرئيس الأميركي دانلد ترامب أقال مؤخراً عضو مجلس الاحتياطي لِيـزا كوك متّهماً إيّاها بالاحتيال العقاري، وهي تردّ على ذلك قضائياً، كما كثّف انتقاده الموجّه لرئيس الاحتياطي جيروم باول. البنك من جانبه يؤكد استقلاليته عن التأثيرات السياسيه وسينظر في بيانات اقتصادية جديدة قبل اتخاذ أي قرار. معدل الفائدة المرجعي ثابت عند نطاق 4.25%–4.50% منذ ديسمبر.

حتى الآن أبقى الاحتياطي على معدلاته معلناً أن هذا الموقف يحافظ على المرونة لمواجهة صدمات اقتصادية مرتبطة بتقلبات سياسة التجارة، لكن العديد من الاقتصاديين يتوقّعون خفضاً وشيكاً. يشيرون إلى دلائل تراجع سوق العمل والضغوط التضخمية الناتجة عن الرسوم الجمركية كعوامل مبررة لتخفيض الفائدة، وليس مجرد ضغوط سياسية.

دانيل هورنونغ، باحث في معهد ستانفورد لبحوث السياسات الاقتصادية وكان نائب مدير في المجلس الاقتصادي القومي، قال لقناة الجزيرة إن الاحتياطي أوضح على الأرجح نيته لخفض الفائدة في سبتمبر وأن الأسواق تتوقّع ذلك. مؤشر CME FedWatch، الذي يتابع احتمالات قرارات الاحتياطي، يضع احتمالية خفض ربع نقطة عند 94.5%، متطابقاً مع نتائج أبحاث جي بي مورغان الشهر الماضي. ومايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين في جي بي مورغان، رأى أن إدارة المخاطر قد تجعل خفض 25 نقطة أساس في سبتمبر الطريق الأقل مقاومة.

ارتفاع الأسعار

أظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الصادرة عن وزارة العمل ارتفاع الأسعار 0.4% في أغسطس على أساس شهري — أسرع زيادة خلال سبعة أشهر — بعد صعود 0.2% في يوليو. توقعات الاقتصاديين لأجل التضخم الأساسي كانت حول 0.3% شهرياً.

يقرأ  السودان يناشد المجتمع الدولي للمساعدةبعد انهيار أرضي في دارفور يسفر عن وفاة أكثر من ١٠٠٠ شخص

ارتفعت تكاليف الطاقة 0.7% بدفع من قفزة البنزين 1.9%. وارتفعت أسعار تذاكر الطيران 5.9%، والملابس 0.5%، والإيجارات 0.4%، ومشتريات المواد الغذائية 0.6%، ووجبات المطاعم 0.3%. سجّلت بعض السلع زيادات حادة؛ فأسعار القهوة قفزت 3.6% شهرياً بعدما قامت البرازيل، أكبر مصدر للقهوة في العالم، بتحويل شحنات بعيداً عن السوق الأميركية نتيجة رسوم جديدة. مؤشر أسعار المنتجين أظهر ارتفاع سعر القهوة بنحو 7% منذ يوليو وأكثر من 33% على أساس سنوي.

ظاهرة مماثلة ظهرت مع لحوم البقر التي تعتمد الولايات المتحدة على واردات كبيرة منها من البرازيل؛ بيانات CPI أظهرت ارتفاعاً 2.7%، بينما سجّل PPI زيادة شهرية 6% وارتفاعاً سنوياً 21%.

بشكل عام انخفض مؤشر أسعار المنتجين 0.1%، مما يشير إلى أن بعض الشركات تمتص تكاليف الرسوم بدلاً من تمريرها فوراً للمستهلكين. وانخفضت أسعار الخدمات 1.7% بدفع من هبوط هوامش التجار بالجملة للآلات والمركبات 3.9%، وهو ما عادل زيادة طفيفة 0.1% في أسعار السلع بعد أن تمّ تعديل تضخم الجملة في يوليو إلى أعلى ليصل 0.7%، بفارق كبير عن توقعات الاقتصاديين.

رغم ذلك، بدأت الشركات تحذّر من عدم قدرتها على مواصلة امتصاص التكاليف المرتفعة. في الأسابيع الأخيرة أعلنت شركات مثل كامبلز وP&G نيتها رفع أسعار بعض السلع الاستهلاكية في الأشهر المقبلة مع استمرار ضغوط الرسوم.

تراجع سوق العمل

أظهر سوق العمل الأميركي، وهو عنصر محوري في قرارات الاحتياطي، تباطؤاً واضحاً. قدّم حوالي 263 ألف شخص طلبات إعانة بطالة جديدة الأسبوع الماضي — أعلى مستوى خلال أربع سنوات — وفق بيانات وزارة العمل. كما عدّلت إدارة إحصاءات العمل صعودات الوظائف لأسفل في الأشهر الماضية وللفترة بين أبريل 2024 ومارس 2025، بخصم نحو 911 ألف وظيفة عما كان معلناً سابقاً.

يقرأ  برلين وباريس تدفعان لفرض عقوبات ثانوية على روسيا في خضم حرب أوكرانيا

في أغسطس أضيفت 22 ألف وظيفة فقط، تركزت الزيادات في الرعاية الصحية (31 ألفاً) والمساعدات الاجتماعية (16 ألفاً)، بينما ارتفعت نسبة البطالة إلى 4.3%. التعديلات أوضحت أن نمو التوظيف في يوليو كان أقوى قليلاً عند 79 ألفاً بدل 73 ألفاً، فيما تحوّل يونيو من مكسب متواضع إلى خسارة بـ13 ألف وظيفة.

مايكل كلاين، أستاذ الشؤون الاقتصادية الدولية، وصف بيانات الوظائف الأخيرة وتعديلات الأرقام بأنها مشكلة حقيقية للاقتصاد. كما انخفضت شواغر الوظائف ومعدلات التنقّل الوظيفي، مما ترك عدداً أكبر من العاطلين مقارنة بالوظائف الشاغرة للمرة الأولى منذ أبريل 2021. تقرير من شركة Challenger, Gray & Christmas بيّن زيادة 39% في عمليات التسريح بين يوليو وأغسطس، فيما أظهر تقرير التوظيف الوطني لشركة ADP تباطؤ نمو الرواتب الخاصة بإضافة 54 ألف وظيفة فقط مقابل 106 آلاف في الشهر السابق.

قوى متضاربة

عادةً ما يدفع التضخم المرتفع لارتفاع أسعار الفائدة لكبح الاقتراض والإنفاق والحدّ من الضغوط السعرية، بينما يحفّز سوق العمل الضعيف خفض الفائدة لدعم التوظيف. هذه التناقضات تضع الاحتياطي في موقف صعب: سوق عمل أضعف لكن تضخم أعلى.

تراجع سوق العمل بدأ يضغط على إنفاق المستهلكين؛ زيادة التسريحات وبطء التوظيف جعل المستهلكين أكثر حذراً، ومؤشرات ثقة المستهلك تُظهر تراجع النوايا لشراء السلع الكبرى والكمالية. ومع تحول سياسات الرسوم الجمركية وهجوم سياسات هجرة متشددة من جانب الإدارة، تتبنى الشركات موقف “الانتظار والترقب” مما يزيد حالة الضبابية.

“نرى سياسات هجرة ورسوم جمركية تؤثر في الوقت نفسه على رفع الأسعار وإبطاء نمو سوق العمل”، هكذا لخص دانيل هورنونغ أثر السياسات الراهنة على الاقتصاد.

أضف تعليق