مزارعو كشمير يراقبون تفاحهم يتعفن بسبب إغلاق طريق سريع حيوي

سريناغار، كشمير تحت إدارة الهند — يشعر جاويد أحمد بهات بقلق شديد من فقدان ما كسبه طوال العام من محاصيل التفاح.

شاحنتان محملتان بتفاحه تقدر قيمتهما بأكثر من عشرة آلاف دولار تقفان ضمن صفوف طويلة من الناقلات العالقة التي تمتد لأميال على الطريق السريع الحيوي الذي يربط مدينته بارامولا ببقية أنحاء الهند. أغطية الشادر منتفخة بصناديق الفاكهة التي بدأت تسود وتنهار تحت ثقل العفن.

«كل جهودنا طوال العام ذهبت سدى. ما اعتنينا به بعناية منذ الربيع ضاع. لا أحد سيشتري هذه التفاحات الفاسدة، ولن تصل قط إلى نيودلهي. لم يبقَ أمامنا خيار سوى رمي حمولة الشاحنتين على جانب الطريق»، قال بهات لقناة الجزيرة يوم الثلاثاء.

طريق جامو–سريناغار الوطني — وهو الطريق الوحيد القابل للاستخدام طوال العام في المنطقة الجبلية — أُغلق مراراً منذ 24 أغسطس بعد أن تسببت انهيارات أرضية بفعل الأمطار في تدمير جزء منه. ولأكثر من شهر تعرضت المنطقة لعاصفة موسمية عنيفة أودت بحياة ما لا يقل عن 170 شخصاً وتسببت بأضرار واسعة في الممتلكات والطرق والبنى التحتية.

[سائق شاحنة يعرض تفاحاً متعفناً في مركبته متعطلة على طريق جامو–سريناغار الوطني، بعد إغلاق الطريق جراء انهيارات أرضية وفيضانات، في بلدة قاضيغوند بمحافظة أنانتناغ، كشمير الهندية، 10 سبتمبر 2025]

حصار في موسم الحصاد

يُشكّل قطاع البستنة العمود الفقري لاقتصاد كشمير الخاضعة لإدارة الهند، إذ تنتج الوادي نحو 20–25 مليون طن متري من التفاح سنوياً — ما يعادل نحو 78% من إنتاج الهند الكلي من التفاح، بحسب بيانات جمعتها الجزيرة من جمعيات مزارعي الفاكهة.

يتزامن إغلاق الطريق مع ذروة موسم الحصاد في كشمير، المعروف محلياً باسم «الحَروض»، حيث يتم جمع التفاح والجوز والأرز من آلاف البساتين والحقول في أنحاء الوادي.

يقرأ  ريان إير تقلص المقاعد الشتوية في إسبانيا بسبب ارتفاع رسوم المطارات

«هذا الأمر لا يمسّني وحدي ولا قريتي فقط — هذه الأزمة تضرب كل مزارعي التفاح في كشمير. رزقنا بالكامل يرتبط بهذا الحصاد»، قال بهات، واصفاً الأمر بأنه ضربة ثانية لاقتصاد الإقليم هذا العام بعد هجوم باهالغام في أبريل الذي قُتل فيه 28 شخصاً، ما اضطرّ إلى تعطيل قطاع السياحة — وهو ركن أساسي آخر لاقتصاد الوادي.

قال مسؤول حكومي محلي، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث للإعلام، إن نحو 4000 شاحنة علقت على الطريق في منطقة قاضيغوند بمحافظة أنانتناغ جنوب كشمير لأسبوعين، وإن الحمولة الفاكهية عليها بدأت تتعفن، ما أسفر عن خسائر تقدر بنحو 146 مليون دولار تقريباً.

وفي احتجاج على ذلك، أغلق المزارعون أسواق الفاكهة في أنحاء كشمير يومي الإثنين والثلاثاء مستنكرين عجز الحكومة عن فتح الطريق الرئيسي.

«إذا ظل الطريق مغلقاً لأيام إضافية قليلة فحسب، فسوف تتصاعد خسائرنا إلى ما لا يُصدق»، قال إشفاق أحمد، مزارع فاكهة في بلدة سوبور، للجزيرة.

سوبور في مقاطعة بارامولا، تبعد نحو 45 كم عن سريناغار، وتحتضن أكبر سوق فاكهة في آسيا. لكن المجمع الواسع بدا يوم الثلاثاء مشهداً للخيبة؛ صناديق التفاح الطازجة ظلّت مكدسة في انتظار لا نهاية له، ومع كل يوم تنخفض قيمتها أو تقترب أكثر من التحلل. بعض التقديرات أشارت إلى أن سعر صندوق التفاح تراجع من 600 روبية إلى 400 روبية.

«توقفنا عن جلب مزيد من التفاح إلى السوق هنا. نُجبر على تركه في البساتين لأن المساحات نفدت، والشاحنات التي غادرت سابقاً ما زالت عالقة على الطريق»، قال أحمد.

[تفاحات فاسدة مرمية قرب شاحنات عالقة على طريق جامو–سريناغار الوطني، بعد إغلاق الطريق جراء انهيارات أرضية وفيضانات، في بلدة قاضيغوند، 10 سبتمبر 2025]

يقرأ  إغلاق سفارة المملكة المتحدة في القاهرة وسط توتر عقب اعتقال ناشط مصري

«لاشيء يتحرك»

قال فياض أحمد مالك، رئيس جمعية مزارعي الفاكهة في كشمير، إن نحو 10% من الشاحنات انطلقت نحو نيودلهي يوم الثلاثاء بعد توقف دام 20 يوماً على الطريق، لكن الآلاف لا تزال عالقة.

«تقديراتنا الأولية تذهب إلى خسائر بملايين الروبيات»، أضاف، معتبراً أن الحكومة فشلت في اتخاذ إجراءات سريعة منذ بدء إغلاق الطريق مما فاقم الأزمة.

لمعالجة المشكلة، أطلق مدير المنطقة المعين من نيودلهي، مانوج سينا، في 15 سبتمبر قطاراً مخصصاً من محطة بُدغم في وسط كشمير إلى نيودلهي لنقل الفاكهة، قائلاً إن الخطوة ستُقلل زمن النقل وتزيد فرص دخل الآلاف من المزارعين وتعزز اقتصاد الزراعة في الإقليم.

«إنه أساساً عربة طرود مرفقة بقطار ركاب، وليس قطار بضائع كامل»، قال مسؤول في السكك الحديدية للجزيرة، شريطة عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخوّل بالحديث للإعلام، مضيفاً أن القطار قادر على حمل نحو 23–24 طناً من المحصول يومياً.

غير أن الفلاحين يرون في هذه الخطوة تخفيفاً محدوداً فقط، في ظل إنتاج المنطقة لما يقرب من مليوني طن من التفاح سنوياً.

«هي خطوة إيجابية، لكن بسعة كهذه ستحمل تقريباً حمولة شاحنة واحدة من التفاح يومياً، وهذا أقل بكثير مما يحتاجه المزارعون»، قال شكيلاً أحمد، مسؤول في سوق فاكهة بمقاطعة شوبيا، للجزيرة.

مع تصاعد الغضب والإحباط من الشاحنات المتوقفة، قال رئيس الوزراء الإقليمي عمر عبد الله، الذي يملك صلاحيات إدارية محدودة في إقليم تسيطر عليه نيودلهي مباشرةً، يوم الثلاثاء إنه إذا لم تستطع الحكومة الفدرالية إبقاء الطريق سالكاً فينبغي أن تُسلَّم له مسؤولية إدارة الأمر.

«لقد صبرنا، وانتظرنا وعوداً يومية بإتمام أعمال الاستعادة، لكن لم يُنفَّذ شيء»، قال عبد الله. «لقد طفح الكيل»، قال عبد الله خلال حديثه إلى الصحفيين في 15 سبتمبر في سريناغار، أكبر مدن الإقليم.

يقرأ  «كل شيء ضاع» — فيضانات وانهيارات أرضية في كشمير تودي بحياة العشرات

وفي تغريدة على منصة «إكس» في 16 سبتمبر، قال نيتين جادكاري، وزير النقل الفيدرالي والطرق السريعة، إن أكثر من خمسين جرافة تم نشرها في عملية تعمل على مدار الساعة لفتح وإصلاح الطريق السريع بين جامو وسريناغار.

«نحن مصممون على اعادة هذه الطريق الوطنية الحيوية إلى كامل جاهزيتها في أسرع وقت ممكن، مع ضمان سلامة وراحة جميع مستخدميها»، كتب الوزير.

لكن تصريحات الوزير لا تطمئن شبير أحمد، سائق شاحنة في قازيغند، الذي يصعد إلى سيارته كل صباح ليفحص صناديق التفاح.

«لقد بقينا عالقين هنا منذ عشرين يوماً، والحكومة لم تُظهر أي شعور بالإلحاح لإصلاح الطريق. الخسائر تفوق الوصف»، قال ذلك للجزيرة، مضيفاً أن على السلطات أن تكون قد أدركت أن هذه ذروة موسم الحصاد وكان ينبغي التصرف بسرعة.

وأضاف أن الفلاحين الذين يجدون إنتاجهم متعفناً يفرغون حمولاتهم بصمت ويعودون يبحثون عن مكان للتخلص مما كان ثمرة جهد موسمهم. «لا شيء يتحرك، ومع كل يوم يمر يتحول محصولنا إلى نفايات.»

أضف تعليق