مساعد بارز لترامب يلمّح إلى أن هجمات بالقوارب تهدف إلى الإطاحة بمادورو في فنزويلا

سوزي وايلز، رئيسة أركان البيت الأبيض، تبدو كما لو أنها خلّفت تباينًا صارخًا مع الرواية الرسمية التي تصف سلسلة الضربات البحرية بأنها مجرد حملة لمكافحة المخدرات.

في مقابلة طويلة نُشرت في ملف بمجلة فانتي فير، ألمحت وايلز إلى أن الهدف البعيد لتلك العمليات العسكرية ضد زوارق يُشتبه في نقلها مخدرات في مياه أمريكا اللاتينية قد يكون إسقاط الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. ونسبت المجلة إليها قولًا معبِّرًا: «هو يريد أن يستمر في تفجير الزوارق حتى يرفع مادورو رايته البيضاء»، وأضافت أن أناسًا «أذكى مني» يتوقعون أن يحصل ذلك.

صدرت المقابلة في وقت أعلن فيه البنتاغون تنفيذ ثلاث ضربات بحرية إضافية في شرق المحيط الهادئ، قالت إنها أودت بحياة ثمانية أشخاص، في إطار حملة أوسع قُتل خلالها أكثر من تسعين شخصًا، وفق تقارير مستقلة. وقد اكتفت وزارة الدفاع الأمريكية بتقديم لقطات ضبابية كدليل على أن الزوارق المستهدفة كانت محملة بالمخدرات، ووصف ضحاياها بـ«الإرهابيين التابعين للعصابات».

ردًّا على تصريحات وايلز، كتب السيناتور الديمقراطي كريس مورفي على منصة إكس: «لا علاقة لهذه الضربات بحرب على الكارتلات. الهدف تغيير نظام حكم»، مضيفًا أن ما يحدث «غير قانوني ولا معنى له».

وقد تصاعدت التكهنات بأن تصرفات واشنطن، التي كثفت انتشارها العسكري قرب سواحل فنزويلا وصنفت بعض تنظيمات تهريب المخدرات كمنظمات «إرهابية»، قد تُمهِّد لحرب تغيير نظام ضد حكومة مادورو اليسارية. ورفض خبراء أمميون استخدام هذا التصنيف ذريعةً لشنّ غارات جوية وبحرية مميتة، مؤكدين في تقرير حديث أن «هذه الهجمات لا تبدو قد جرت في إطار الدفاع عن النفس الوطني، ولا في سياق نزاع مسلح دولي أو غير دولي، ولا ضد أفراد يشكلون تهديدًا وشيكًا للحياة»، وأنها بذلك تنتهك قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان وتحظر الحرمان التعسفي من الحياة. كما أن هجمات وقتلًا غير مبررين في المياه الدولية تنتهك أيضًا القوانين البحرية الدولية.

يقرأ  كم عدد الأسرى الفلسطينيين الذين لا يزالون محتجزين في إسرائيل؟

على صعيد متصل، أثار استيلاء قوات أمريكية قبل أيام على ناقلة نفط قبالة السواحل الفنزويلية غضب كاراكاس التي وصفت العملية بأنها «قرصنة دولية». والرئيس الأمريكي قال في مناسبات متكررة خلال الأشهر الماضية إن «أيام مادورو معدودة»، ورفض استبعاد خيار غزو بري لفنزويلا، بينما أعلن أيضًا إغلاق المجال الجوي الفنزويلي «بشكل كامل».

وتأتي هذه الخطوات في ظل سجل متوتر لعلاقات واشنطن مع كاراكاس منذ صعود هوغو تشافيز، سلف مادورو، وتحت وطأة عقوبات أمريكية طويلة على البلد الغني بالنفط. وفي أثناء ذلك، برّر ترامب ضربة الزوارق وسياسات الضغوط ضد مادورو بوصفها حملة لمكافحة المخدرات، مع العلم أنه أعاد مؤخرًا العفو عن الرئيس السابق لهندوراس خوان أورلاندو هيرنانديز، الذي أدين بتهريب المخدرات.

قانونيًا، يرى مختصون أن استهداف سفن في مياه بحرية دولية بعمليات قاتلة قد يرقى إلى إعدامات خارج نطاق القضاء وينتهك القوانين الأمريكية والدولية. والأمم المتحدة أكدت أن تسمية شبكات التهريب كـ«إرهابية» لا تبرر استهدافًا مميتًا بهذه الصورة.

المشهد السياسي الإقليمي يزداد احتقانًا: إدارة ترامب رفعت لهجتها تجاه كولومبيا التي يقودها أيضًا فريق يساري، وأصدرت استراتيجيتها للأمن القومي مؤخرًا مع التشديد على ضرورة إرساء «تفوق» الولايات المتحدة في الأمريكتين. من جهته، اتهم مادورو واشنطن بابتداع «مبرر» للحرب، معبّرًا عن انفتاح نسبي على الدبلوماسية لكنه رفض ما وصفه بـ«سلام العبيد».

وعلى الساحة الداخلية الفنزويلية، تؤكد شخصية المعارضة البارزة ماريا كورينا ماتشادو — الحائزة على جائزة نوبل للسلام هذا العام — أنها في حال خسارة مادورو ستعمل على خصخصة قطاع النفط ودعوة الاستثمارات الأجنبية لتطويره. ملف وايلز يسلط ضوءًا جديدًا على استراتيجيات واشنطن الإقليمية ويثير أسئلة جدية حول القانون والشرعية والدوافع الحقيقية وراء ما يجري في المياه المحيطة بفنزويلا.

يقرأ  توافق مجموعة شبه عسكرية في السودان على اقتراح وقف إطلاق النار

أضف تعليق