ملاجئ تُطلق نداء استغاثة لأهالي غزة مع أمطار الشتاء وارتفاع مخاطر الأمراض والوفيات

يولاند نيل، مراسلة شؤون الشرق الأوسط في القدس
وهيبة أحمد، القدس

حذر يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، من أن الأطفال والأسر قد يفقدون حياتهم هذا الشتاء ما لم تُسرّع جهود الإغاثة وتُسمح بدخول المزيد من الخِيَم والإمدادات الأساسية إلى غزة.

شددت منظمات الإغاثة مجدداً على ضرورة أن تسمح إسرائيل بدخول خيام ومساعدات عاجلة إلى القطاع، بعد أول أمطار غزيرة في الشتاء، قائلة إن أكثر من ربع مليون أسرة بحاجة ماسة لمأوى طارئ.

«سوف نفقد أرواحاً هذا الشتاء. الأطفال والأُسر ستهلك»، يقول يان إيغلاند، الذي يقود المجلس النرويجي للاجئين (NRC). وأضاف باستياء أن الفترات الحاسمة المهدورة منذ إعلان خطة السلام الأميركية أصبحت مكلفة للغاية: «نشعر بخيبة أمل أن أسابيع حاسمة ضاعت منذ تبني خطة ترامب للسلام، التي قالت إن المساعدات الإنسانية ستتدفق وأن الفلسطينيين لن يظلوا يعانون بلا سبب».

مع نزوح غالبية السكان بعد عامين من الحرب المدمرة، يعيش العديد من الغزاويين الآن في خيام — والغالب منها متهالكة ومؤقتة. بعدما ضربت عاصفة شتوية يوم الجمعة، امتلأت الخيام بمياه الأمطار والناس يعملون على تنظيف مخلفاتها. وتوجد مخاوف من تفشّي الأمراض بسبب اختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي.

أمضت فاطمة حمدونة، وهي mutّسربة الدموع يوم نهاية الأسبوع، وهي تُظهر لمراسل BBC مستقل بركة ماء بعمق الكاحل داخل خيمتها المؤقتة في مدينة غزة: «أطفالي مرضى بالفعل، وانظروا ماذا حلّ بخيمتنا». وأضافت بمرارة: «لم يعد لدينا طعام — لقد تبلل الطحين. نحن ناس انهارت حياتنا. إلى أين نذهب؟ لا مأوى لنا الآن».

المشهد تكرر في جنوب القطاع بمدينة خان يونس، حيث قالت نهى شبات إنها حاولت يوم الاثنين تنشيف ملابس وأسرة وبطانيات غمرتها المياه: «ننام داخل مأوى مصنوع من أغطية وبطانيات». وأضافت: «نخشى أن نُغرق مرة أخرى. لا نستطيع شراء خيمة».

يقرأ  البيت الأبيض يدافع عن روبرت ف. كينيدي الابن في خضم الاضطرابات داخل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها

تقرير حديث للامم المتحدة وجد أن أكثر من 80% من المباني في كافة أنحاء غزة قد دُمرت، وبلغت النسبة 92% في مدينة غزة. وفق المجلس النرويجي للاجئين — الذي يقود ما يُعرف بـ «عنقود المأوى» في غزة ويضم نحو 20 منظمة غير حكومية — فإن نحو 260 ألف أسرة فلسطينية، أي ما يقارب مليون ونصف المليون شخص، بحاجة إلى مساعدات طارئة للمأوى، ويفتقرون إلى الأساسيات لتجاوز فصل الشتاء.

تقول المنظمات غير الحكومية إنها تمكنت من إدخال حوالي 19 ألف خيمة إلى غزة منذ دخول وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر. وهناك نحو 44 ألف منصة (بالتَّقليب) من المساعدات — تتضمن مواد غير غذائية من ضمنها خيام وفراش — معرّقة عن الدخول. الإمدادات التي اُشترِيت ما تزال عالقة في مصر والأردن وإسرائيل.

يلوم إيغلاند ما وصفه بـ «مستنقع بيروقراطي وعسكري وسياسي» يعرقل التدفق الإنساني ويتعارض «مع كل المبادئ الإنسانية». في مارس، قدمت إسرائيل إجراء تسجيلياً جديداً لمجموعات الإغاثة العاملة في غزة لأسباب أمنية، ويتطلب هذا الإجراء أن تقدم المنظمات قوائم بالعاملين الفلسطينيين المحليين لديها. لكن المنظمات تقول إن قوانين حماية البيانات في دول المانحين تمنعها من تسليم مثل هذه المعلومات.

تعدُّ كثير من المواد، بما في ذلك أعمدة الخيام، «مزدوجة الاستخدام» لدى إسرائيل — أي أنها قد تُستخدم لأغراض عسكرية ومدنية على حد سواء — ولذلك يحظر دخولها أو يخضع لقيود صارمة.

طلبت بي بي سي من “كوغات” (الهيئة الإسرائيلية المسؤولة عن المعابر) بيانات حول أعداد الخيام الموردة، لكن لم تتلق رداً حتى الآن. ونشرت “كوغات” على منصة X تغريدة مفادها: «خلال الأشهر القليلة الماضية، تحضيراً للشتاء وحماية من الأمطار، نسقت كوغات مع المجتمع الدولي وسهلت وصول قرابة 140,000 مشمع مباشرةً إلى سكان قطاع غزة».

يقرأ  صور فضائية تكشف بناء حاجز يحيط بمدينة سودانية محاصرة

وتدعو المنظمات الدولية إلى «تنسيق أكبر لتوريد خيام ومشمعات واستجابات إنسانية شتوية أخرى». وتذكر كوغات أنها تعمل مع المركز الأميركي الجديد للتنسيق المدني-العسكري (CMCC) الذي أُنشئ في جنوب إسرائيل ومع شركاء دوليين آخرين للتخطيط «لاستجابة إنسانية مهيأة لفصل الشتاء القادم».

تأمل مجموعات الإغاثة الدولية أن يساعد الـ CMCC — الذي سيشرف على تنفيذ خطة ترامب المكونة من 20 بنداً لغزة — على تخفيف القيود المفروضة على عملها. ومع توقع عقد مؤتمر دولي للمانحين في مصر قريباً لبحث إعادة إعمار الأراضي الفلسطينية، تقول المنظمات إنّ مواد المأوى الأساسية يجب أن تُسمح بدخولها فوراً بينما تُوضع خططٌ أطول أمداً لإعادة الإعمار.

«لن يكون أمراً مقبولاً أن يجتمع كل هؤلاء ممثلو الدول في القاهرة لبحث إعادة إعمار طويلة الأمد لشعب في حاجة ماسة إذا ما ماتوا قبل أن تُعاد أبراجهم العالية»، يقول إيغلاند الذي شغل سابقاً منصب منسق الأمم المتحدة للمساعدات الطارئة. وأضاف: «هم بحاجة إلى خيمة اليوم، لا إلى وعود ببناء شاطئي بعد خمس سنوات».

أبلغ فلسطينيون بي بي سي أن العديد من الخيام — التي جلبتها وكالات دولية وداعمون من دول الخليج — سُرقت وظهرت في السوق السوداء داخل غزة. ومع زيادة بسيطة في العرض، انخفضت الأسعار من نحو 2,700 دولار قبل وقف إطلاق النار إلى حوالى 900–1,000 دولار الآن. وهناك مناشدات باتجاه توزيع أكثر عدلاً للخِيام.

«آمل أن ينضم الجميع إلينا لوضع حد لهذه الأزمة التي نعيشها»، تقول علاء الدرغالي من خان يونس. «تحملت الخيام سنتين تحت الشمس وسنتين تحت المطر ولم تستطع أن تصمد أمام هذا الغزير». وأضافت: «حتى الآن، يعيد الناس إقامة هذه الخيام المكسرة لأنهم بلا بديل. أدعو الله أن يعطى المسؤولون الخيام لمن يحتاجها فعلاً. إنها تُسرق وتُباع بأسعار باهظة».

يقرأ  فيضانات جرّاء أمطار قياسية تغمر مدينة أثرية في فيتنام — أخبار الطقس

في مدينة غزة، جفف رامي ديف الله — النازح من بيت حانون — مراتب مبللة تحاول شمسه الضعيف أن يجففها، برفقة والدته المسنّة وأطفاله. وقال إن قريباً أعطاه خيمة مضادة للماء لكنها أمطرت أيضاً ودخلت فيها المياه. «فرّينا نحو 11 مرة ولم نجد مكاناً آمناً فالتجأنا إلى هذه الخيام المتواضعة، لكن كان كل ذلك عبثاً. عندما هطلت الأمطار لم تحمنا الخيام. اجتاحتنا المياه من فوق ومن تحت».

وكما كل الغزاويين، يتوق رامي إلى مسكن دائم: «ندعو أن تنتهي هذه الحرب تماماً، وأن يعود الجميع إلى بيوتهم. وحتى إن لم تَبق بيوتنا قائمة، فبجهدنا وعرقنا ودمائنا سنبني من جديد. لا يطاق هذا العيش في الشوارع».

أضف تعليق