ميلانيا ترامب تحتفي بعودة الأطفال النازحين في ظل الحرب بين روسيا وأوكرانيا

كشفت ميلانيا ترامب، زوجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنها شاركت في مفاوضات مع الحكومة الروسية لإعادة ثمانية اطفال نزحوا خلال غزو روسيا لأوكرانيا.

في خطاب مختصر استمر ست دقائق من البيت الأبيض يوم الجمعة، أوضحت السيدة الأولى أنها افتتحت «قناة اتصال» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأنهما تناقشا إرجاع الأطفال. وقالت: «ممثلي يعمل مباشرةً مع فريق الرئيس بوتين لضمان لمّ شمل الأطفال بأمن مع عائلاتهم بين روسيا وأوكرانيا. في الواقع، أعيد توحيد ثمانية أطفال مع عائلاتهم خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية».

منذ بدء الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، اتّهمت كييف موسكو بنقل آلاف الأطفال بالقوة. بعض هؤلاء وُضعوا في مرافق لإعادة «تثقيفهم» أو لتلقينهم تدريبًا عسكريًا، وآخرون تبنّوا داخل أسر روسية، ونادراً ما عاد كثيرون منهم إلى ذويهم في أوكرانيا. ووفق الحكومة الأوكرانية، نُقل إجمالاً 19,546 طفلاً إلى روسيا، ولم يعد منهم سوى 1,605 أطفال.

أدت عمليات النقل الجماعي إلى توجيه تهم جنائية ضد بوتين أمام المحكمة الجنائية الدولية؛ ففي مارس 2023 أصدرت المحكمة أمر توقيف بحقه، معتبرة أن «الترحيل غير القانوني» للأطفال قد يشكّل جريمة حرب وانتهاكاً لميثاق روما. روسيا ليست طرفاً في ميثاق روما بينما أوكرانيا عضو فيه. ووصفت الكرملين أمر التوقيف بأنه «مروع وغير مقبول»، مؤكدة أنها لا تعترف بسلطة المحكمة، وقد أنكرت موسكو مراراً اختطاف الأطفال الأوكرانيين.

الثناء على الاجتماعات بحسن النية

في تصريحاتها يوم الجمعة، تجنبت ميلانيا ترامب التطرّق إلى أمر التوقيف أو إلى الانتهاكات الإنسانية الواسعة المترتبة على اختطاف الأطفال، كما امتنع الحديث عن اتهام مباشر لروسيا. بل اختارت عبارات عامة مثل: «روح الطفل لا تعرف حدوداً ولا أعلاماً».

أعربت عن امتنانها لاستعداد الجانب الروسي للمشاركة في لقاءات واتصالات خلف الكواليس «بحسن نية». وقالت: «تعلمت كثيراً عن هذه المسألة خلال الأشهر الثلاثة الماضية. أظهرت روسيا استعداداً للكشف عن معلومات موضوعية ومفصّلة تعكس الوضع الراهن». وأضافت أن كل واحد من الأطفال الثمانية الذين أعيدوا خلال الأربع والعشرين ساعة حُدِّدَ وجوده في «تقرير مفصّل» يتضمن ظروفه وسيرته، وأن روسيا قدّمت وثائق تثبت حصول الأطفال على خدمات اجتماعية وطبية ونفسية.

يقرأ  هل سيعيق عجز تمويل الأمم المتحدة التحقيقات في جرائم إسرائيل؟أخبار النزاع الإسرائيلي الفلسطيني

ومع ذلك ألمحت تصريحاتها إلى أن واحداً على الأقل من الأطفال المشمولين في التسليم كان قاصراً روسياً نزح بفعل القتال. فقالت: «كل طفل عاش في اضطراب بسبب الحرب. ثلاثة انفصلوا عن ذويهم وانتقلوا إلى الاتحاد الروسي نتيجة القتال على الجبهات. الخمسة الآخرون انفصلوا عن أفراد عائلاتهم عبر الحدود بسبب النزاع، من بينهم فتاة شابت وقد جُمعت الآن من أوكرانيا إلى روسيا».

متابعة لقمة ألاسكا

جاء خطاب الجمعة قريناً تقريباً لمرور نحو ثلاثة أشهر على لقاء دونالد ترامب ببوتين في ألاسكا في 15 أغسطس. تلك القمة أخفقت في تلبية توقعات تحقيق تقدم نحو وقف لإطلاق النار، وكانت الأولى لبوتين على الأراضي الأمريكية منذ 2015، واتُهم فيها باستغلال الزيارة للتظاهر بعلاقة حميمة مع ترامب الذي استقبله بسجادة حمراء ورافقه في السيارة الرئاسية.

خلال القمة سلّم الرئيس ترامب رسالة من زوجته إلى بوتين تدعو فيها إلى مراعاة معاناة الأطفال جراء الحرب في أوكرانيا. كما في تصريحها الأخير، تجنّبت الرسالة الإشارة الصريحة إلى عمليات الاختطاف الجماعي، مكتفيةً بتعابير عامة: «في عالم اليوم، يُضطر بعض الأطفال إلى حمل ضحكٍ هادئ، غير ملوث بالظلمة من حولهم — تحدٍ صامت لقوى قد تصادر مستقبلهم. السيد بوتين، بوسعك وحدك أن تستعيد ضحكاتهم. بحمايتك لبراءة هؤلاء الأطفال لن تخدم روسيا وحدها، بل الإنسانية جمعاء».

حملة أوكرانيا

طوال الحرب قادت أوكرانيا حملة لاستعادة الأطفال الذين نُقلوا قسراً. ونشر أندريه يرمينك، رئيس مكتب الرئاسة الأوكراني، تحديثات منتظمة عن هذه الجهود، مشيراً هذا الأسبوع إلى مجموعة من 23 طفلاً أوكرانياً «أُنقِذوا» من مناطق تحت سيطرة روسيا، وذكر كيف سُلبت وثائق عائلة (أم وابنتها) لتقليل فرص فرارهم. وأضاف وصفاً لحالة «أختين، 11 و14 عاماً، اضطررَتا على يد المحتلين لحضور مدرسة روسية، وهددت والدتهما بأن الأطفال سيؤخذون إذا رفضت». كما حدث أن صبي مراهق تُرك بلا وصاية وُجبر على الحصول على جواز سفر روسي لكنه رفض الذهاب إلى المدرسة الروسية متشبثاً بمبادئه.

يقرأ  ترامب وبوتين يغادران ألاسكا بلا اتفاق عقب محادثات حول أوكرانيا

في تقرير صادر عن كلية الصحة العامة بجامعة ييل الشهر الماضي، ذُكر أن 210 منشآت أعدت لاستقبال الأطفال، تتراوح بين مخيمات صيفية ودور أيتام وقاعدة عسكرية. ووجد التقرير أن أكثر من 61% من هذه المواقع فرضت برامج «إعادة تعليم» تروّج لسرديات مؤيدة لروسيا، وأن نحو 18% منها يشتبه في احتضانها برامج «عسكرة» تتضمن تدريباً عسكرياً وإنتاج معدات مثل الطائرات من دون طيار. واستنتج التقرير أن تأثير الجرائم المزعومة التي ارتكبتها الحكومة الروسية «من المرجح أن يُترك ندوباً تمتد لأجيال».

تحمي اتفاقيات جنيف واتفاقية حقوق الطفل للأمم المتحدة القاصرين أثناء النزاعات. وحتى العام الماضي كان أكثر من 737,000 طفل قد نزحوا داخلياً داخل أوكرانيا، وأكثر من 1.7 مليون طفلاً مصنفون لاجئين. وقد دان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في وقت سابق من هذا العام الأعمال العدائية الروسية، واصفاً إياها بأنها ألقت «معاناة لا تُتصور» على أطفال أوكرانيا.

أضف تعليق