نظرًا لأن أدمغة المراهقين مُهيّأة أصلاً للتواصل الاجتماعي، فإن قوة الجذب التي يمارسها الهاتف تصبح أصعب على مقاومتها. حتى الأمور التي تبدو محايدة أو غير ضارة قد تستغل تلك الحساسيات المراهقة، كما أوضحت جيمس: المراهقون يهمهم رأي أصدقائهم، يهمهم مكانتهم في دائرة العلاقات، وكيف ينظر إليهم الآخرون.
ومع ذلك، لا يقتصر تأثير عناصر التصميم الإقناعي — مثل الإشعارات، التمرير اللامتناهي، وسلاسل الاستخدام — على المراهقين فقط؛ فالبالغون أيضًا يشعرون بها. إدراك هذا الأمر يزيد من التعاطف ويخلق أرضية مشتركة، ما يحوّل العقلية من «نحن ضدهم» إلى نهج «نحن معهم» عند التعامل مع التكنولوجيا.
لمساعدة الطلاب على ملاحظة الكيفية التي قد تؤثر بها التكنولوجيا في أنماط تفكيرهم، أعدَّ المركز قاموسًا لسبعة «فخاخ فكرية» مستمدة من العلاج المعرفي السلوكي، تشمل مثلاً «قراءة الأفكار»، و«التفريع الذاتي/التخصيص»، و«التفكير المطلق (كل شيء أو لا شيء)». مجرد التعرف على هذه الفخاخ يسهل التعامل معها. كما قالت جيمس: أملنا أن يفتح ذلك نقاشًا أوسع حول بعض الضعف النفسي الذي نملكه جميعًا، وأن نُدرك أن ما نقرأه أحيانًا قد لا يكون حقيقيًا. ويشجَّع الشباب على محاولة تفنيد افتراضاتهم عندما يلاحظون أنهم يسقطون في هذه أنماط التفكير عبر البحث عن الأدلة وطرح السؤال: ما النصيحة التي سأعطيها لصديق يمر بنفس هذا الفخ؟ في احد الأمثلة، طُلب من طالبٍ أن يجرب هذه المقاربة عمليًا ليرى كيف تتبدد مخاوفه عند ملامسة الواقع.
ابدأ بالقيم، لا بالتطبيقات
عندما يبدُو الأطفال متوترين أو متمسكين بشاشاتهم، يلجأ كثير من الآباء للسؤال عن «ما خطب إنستغرام؟» أو «لماذا يجذبك تيك توك؟». أوصت جيمس بنهج مختلف يركّز على احتياجات الطفل بدل التركيز على التطبيق نفسه. أداة مفيدة هي نشاط ترتيب القيم، الذي يطلب من الطلاب اختيار قيم شخصية — مثل الصدق، والإبداع، والعدالة — ثم التفكير في الكيفية التي تساعد أو تعيق بها التكنلوجيا تلك القيم. وفي بعض الحالات، قد تكون التكنولوجيا مفيدة وضارة في الوقت ذاته بالنسبة لنفس القيمة.
مثل هذا التأمل يفتح مساحة لوكالة الطالب؛ بدلاً من إخبارهم بما يهم، يُمنَحون فرصة تسمية ما هو مهم لديهم، وهذا كثيرًا ما يقود إلى حوارات أكثر معنى. أظهرت دراسة أن ربط حيل التصميم بقيم مثل الاستقلالية والعدالة يجعل الرسالة أكثر تأثيرًا على المراهقين، لأنهم عادة لا يحبون أن يُؤمَروا بما يفعلون — سواء من قبل والديهم أو أجهزتهم.
عادات تقنية، لا وصم
يشعر كثير من الطلاب بالفعل بصراع داخلي تجاه علاقتهم بالشاشات. عبّر بعضهم عن مخاوف مثل: «لا أريد أن أنظر إلى شبابي لاحقًا وأحس أنني أضعته على لعبة بلا هدف» أو «أصدقائي دائمًا ملتصقون بهواتفهم وأنا كذلك، وهذا يزعجني».
لتقليل شعور العزلة وزيادة الإحساس بالتمكين، أطلق المركز تحدي عادات التقنية. يتشارك الطلاب الثنائيات ويركُّون مقابلات موجهة بحسب ورقة عمل إرشادية، بدءًا بأسئلة إيجابية مثل: «ما هي عادة تقنية تشعرك بالراحة؟» البدء بسؤال إيجابي يبيّن للطلاب أننا نلاحظ الجوانب الإيجابية التي يقومون بها بالفعل للحفاظ على رفاههم الرقمي.
بعد ذلك، يعكسون حول عادة واحدة يريدون تغييرها — كالحد من تفقد تطبيق معين أو استخدامه بشكل مختلف — ويضعون خطة لمدة خمسة أيام، ويبتكرون بدائل، ويحددون شخصًا يمسك بمسؤولية المتابعة. والأهم أن الطالب هو من يختار الهدف بنفسه. على سبيل المثال، رغبت طالبة في الاستمرار باستخدام سناب شات لكنها خفّضت من عادة تتبع موقع صديقها؛ لم يكن هدفها الإقلاع، بل تكييف استخدامها ليتوافق أكثر مع قيمها.