قابس: أكثر من 120 مصاباً يدخلون المستشفيات وسط ارتفاع حالات أمراض تنفسية
14 أكتوبر 2025
أُدخل عشرات المرضى إلى مستشفيات مدينة قابس التونسية، في ظل ارتفاع ملحوظ في حالات المشاكل التنفسية التي يحمّل السكان مسئوليتها لتلويث صادر عن مصنع كيميائي قريب. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية التونسية (TAP) بأن أطفالاً يعانون صعوبات في التنفّس من الأبخرة نُقلوا إلى مستشفى جامعة قابس يوم الثلاثاء.
وصرّح مسؤول محلي لوكالة فرانس برس أن أكثر من 120 شخصاً نُقلوا إلى المستشفى، فيما أفاد مسؤول في قطاع التعليم لقناة ديوان إف إم بأنّ عشرات التلاميذ نُقلوا أيضاً لتلقّي العلاج. وقالت نائبة رئيس الدفاع المحلي غفران تواتي إن بعض المرضى عانوا، إلى جانب المشاكل التنفسية، من “آلام في الساقين، وتنميل، وفقدان القدرة على الحركة”.
وقال أحد السكان، توفيق ضيف الله، إن شقيقته الصغيرة “تخنق من الأبخرة” المنبعثة من المنطقة الصناعية للمدينة، مضيفاً: “يحدث ذلك كل يومين أو ثلاثة أيام.”
يرجع السكان تزايد حالات الاستشفاء إلى الأبخرة المنبعثة من مقر الفوسفات التابع للمجموعة الكيميائية التونسية (CGT)، وهو موقع أعلنت السلطات عام 2017 عن نيتها إغلاقه تدريجياً لكن لم تُنفّذ هذه الوعود حتى الآن.
الاحتجاجات والانفجار الشعبي
انفجرت سنوات من الاستياء بتاريخ 11 أكتوبر عندما اقتحم متظاهرون المجمع مطالبين بإغلاقه. قال محتج، خير الدين دبايا، لوكالة رويترز: “قابس تحولت إلى مدينة موت؛ الناس تكافح للتنفس، والكثير من السكان يعانون من سرطان أو هشاشة عظام نتيجة التلوث الشديد.”
تحوّل الاحتجاج إلى أعمال عنف بعد أن أطلقت الشرطة قنابل مسيلة للدموع وطاردت المتظاهرين في شوارع المدينة بحسب تقرير رويترز. وحاول بعض المحتجين إشعال النار في مكتب فرعي لإدارة المجموعة الكيميائية بينما أغلق آخرون طرقات محلية، حسب وسائل إعلام محلية.
وأعلن المجلس المحلي في قابس دعمه للمطالب “المشروعة” للمتظاهرين ودعا إلى “تفكيك الوحدات الكيميائية الملوّثة” مع إدانته في الوقت نفسه “أعمال التخريب والعنف”. كما أيّدت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الاحتجاجات ودعت إلى تفكيك الوحدات الملوِّثة ووضع نموذج تنموي جهوي بديل يحدّ من الوفيات والتلوّث.
الضغوط على السلطة والرد الرسمي
تأتي هذه الاحتجاجات في وقت تضاعفت فيه الضغوط على حكومة الرئيس قيس سعيّد، التي تكافح أزمة اقتصادية ومالية عميقة، للموازنة بين المطالَب الصحية العامة وإنتاج الفوسفات، المورد الطبيعي الأثمن لتونس. سعىّد اجتمع في وقت متأخر من يوم السبت مع وزيري البيئة والطاقة وطالب بإرسال وفود إلى قابس لإجراء الإصلاحات الضرورية في وحدة حمض الفوسفور بالمجمع، مؤكّداً رغبته في “تونس خضراء خالية من كل أشكال التلوّث”.
الفوسفات والتلوث: مأزق متواصل
الفوسفات يمثل المورد الطبيعي الأساسي لتونس، لكن منذ سنوات يحذر ناشطون من التلوّث الناتج عن أنشطة المجموعة الكيميائية التونسية التي تُلقي مخلفاتها الغازية والصلبة مباشرة في المحيط البيئي. في 2017، تعهّدت السلطات بتفكيك مجمع قابس واستبداله بمنشأة تلتزم بالمعايير الدولية، مع اعترافها بأن انبعاثاته تشكّل خطراً على السكان المحليين، لكن الخطة لم تُطبّق حتى اليوم.
وفي الوقت نفسه، تسعى الحكومة إلى إحياء قطاع الفوسفات عبر رفع الإنتاج إلى خمسة أضعاف ليصل إلى 14 مليون طن بحلول عام 2030 للاستفادة من تزايد الطلب العالمي.