خلاصة سريعة
غينيا-بيساو دولة غرب إفريقية اعتادت على الانقلابات العسكرية؛ فمنذ نيلها الاستقلال عام 1974 شهدت تسع محاولات انقلاب ناجحة أو فاشلة على الأقل. في واقعة الأسبوع الماضي أعلن ضباط عسكريون أنهم بسطوا السيطرة على البلا، لكن سرعان ما أثارت تفاصيل الحادثة شكوكًا عميقة لدى مراقبين وسياسيين محليين وإقليميين.
خلفية ودوافع محتملة
قبل ثلاثة أيام فقط من تحرك القوات، أجرى الشعب انتخابًا رئاسيًا تحوَّل إلى مصدر توتر حاد. الرئيس عمرو سيسوكو إمبالو كان يتنافس على ولاية ثانية، وأقرب منافسيه كان فرناندو دياس دا كوستا المدعوم جزئيًا من زعيم المعارضة السابق دومينغوس بيرييرا، الذي أُقصي من السباق لأسباب تتعلق بموعد تقديم أوراق الترشيح. النتائج كانت مُقررًا إعلانها بعد يوم واحد من الانقلاب، وهو ما لم يحصل بسبب تعطيل العملية الانتخابية.
ما جرى في يوم الانقلاب
سمع إطلاق نار قرب القصر الرئاسي، وادّعت وسائل رسمية أن الضباط ألقوا القبض على الرئيس ووقفوا عملية الإعلان عن النتائج. ظهر عسكريون على التلفزيون الحكومي معلنين إيقاف عمل البرلمان وتعليق العملية الانتخابية، بينما أفادت تقارير أن مقر مفوضية الانتخابات تعرّض لهجوم وتدمير خوادمه الورقية والإلكترونية، ما جعل نشر النتائج مستحيلاً.
لماذا يثق بعض الناس أنّ المشهد مزيف؟
تراكم الأدلة والسلوكيات المتضاربة ولّد شكوكًا واسعة: خروج إمبالو من البلاد برفقة عائلته على متن طائرة عسكرية سنغالية بعد وقت قصير من اعتقاله — برفقة أمتعتهم وكأن الأمر ترتيب سياحي — أثار استياء خصومه وتساؤلات حتى لدى رؤساء ووزراء من دول الجوار. كذلك كان اتصال الرئيس المخلوع بوسائل إعلام أجنبية هاتفيًا أثناء ما يُفترض أنه احتجاز استثنائي، وسرّة تعيين الجنرال هورطا ن’تام، الذي يُنسب إليه تقارب مع إمبالو، كلها عوامل غذّت رواية أن الانقلاب ربما جرى بتنسيق داخلي أو كتمويه سياسي، بل إن بعض النشطاء يتهمون إمبالو بتدبير الأزمة لمنع إعلان نتائج قد تكون ضده.
الخلفية المؤسسية والسياسية
إمبالو كان قد أعلن أنه نجى من محاولات انقلاب عدة سابقة، وبعد محاولة في ديسمبر 2023 حلّ البرلمان الذي كانت تهيمن عليه المعارضة، ومنذ ذلك الحين لا توجد هيئة تشريعية فاعلة. هذه العمليات السابقة والاستقطاب العميق داخل النخبة السياسية عزّز الشبهات بأن استغلال مسألة الأمن قد يصب أحيانًا في حسابات داخلية.
مَن يقود البلاد الآن؟
أدى الجنرال ن’تام، الذي كان رئيس هيئة الأركان، اليمين كرئيس مؤقت لفترة انتقالية مدتها عام واحد، وشكّل حكومة جديدة من 23 وزيرًا وخمسة أمناء دولة. إمبالو غادر السنغال متجهًا إلى الكونغو برازافيل، بينما حصل دياس على لجوء سياسي في نيجيريا.
ردود فعل الشارع والمجتمع المدني
شهدت الشوارع احتجاجات تطالب بالإفراج عن بيرييرا ونشطاء آخرين ومطالبة بنشر نتائج الاننتخابات فورًا. دعت ثلاث منظمات مجتمع مدني إلى الإضراب العام والمقاومة المدنية لاستعادة “الحقيقة الانتخابية”. في المقابل، هناك من يرَوْن في تحرك الجيش فرصة لتهدئة الأمور وتحسين ظروف المعيشة، فيما يصف كثيرون الأوضاع بأنها متوترة وغير واضحة المعالم.
خلاصة تحليلية
الوقائع المتاحة تسمح بتأويلين متعارضين: إما أن الجيش تصرّف لحماية الاستقرار ودرء مخطط لتعطيل الدولة، أو أن العملية كانت مسرحية سياسية لتجميد نتائج انتخابية قد تضر بعض الفاعلين. الاحتمالان قابلان للنقاش، وغياب الشفافية، وتدمير الوثائق، وطريقة إدارة الاعتقالات والمغادرة السريعة للرئيس السابق تُبقيان الباب مفتوحًا أمام المزيد من الشكوك والتوترات المستقبلية.
المآلات المحتملة
إذا استمر غياب مؤسسات دستورية فعالة وغياب ثقة عامة في نتائج أي عملية سياسية، فسيزداد احتمال استمرار الأزمة أو تكرار التدخلات. الحلّ الواقعي يتطلّب إعادة بناء مؤسسات انتخابية مستقلة، وضمان حماية النتائج، وفتح حوار وطني يضمّ كل الأطراف لتفادي تفاقم الانقسام والانزلاق نحو مزيد من العنف أو الانعزالات الدولية.