يقول باحثون بارزون إن «كتلة التغيير» لبينيت وإيزنكوت قد تعيد تعريف مستقبل إسرائيل

يقول الأستاذان الجامعيان أورييل أبو لوف ويوسي شين لموقع The Media Line إن مصير المعارضة مُرتبط بالشرعيه والوحدة والشجاعة في بناء بديل ديموقراطي حقيقي.

مع سعي قادة المعارضة لإحياء ما يُعرف بـ«كتلة التغيير»، قدّما اثنان من أبرز المفكّرين السياسيين في البلاد — أحدهما صريحٌ ومتوتر، والآخر متأنٍ ومتفائل — قراءات متباينة لمستقبل هذه الكتلة.

في حوار مع The Media Line، حلّل البروفيسور أورييل أبو لوف من جامعة تل أبيب، والمحاضر الزائر بجامعة كورنيل، والبروفيسور يوسي شين، الباحث الإسرائيلي المعروف وعضو الكنيست السابق عن حزب إسرائيل بيتنا، وأستاذ فخري في جورجتاون وجامعة تل أبيب، تحديات كتلة التغيير وفرصها لتصبح بديلاً واقعياً للائتلاف الديني-الوطني برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

اتفق الاثنان على أن «كتلة التغيير» قد تعيد تعريف مستقبل إسرائيل. لكن بالنسبة إلى أبو لوف، لا يتحقّق هذا إلا إذا تبنّت المعارضة ديمقراطيه مباشرة وواجهت استبعادها للأحزاب العربية. وفي المقابل، يرى شين أنها قد تشكل أساساً طبيعياً لتحالف وسطي وطَني قادر على إعادة تشكيل الهوية الديمقراطية لإسرائيل.

لم يلتف أبو لوف حول الكلام المجامل. قال في حديثه لموقع The Media Line: «إسرائيل تتصرّف حالياً بفعالية كما لو أنها ديكتاتوريّة. هناك فرد واحد، نتنياهو، وجميع القرارات الجوهرية يُتّخذ معظمها من قبل هذا الفرد. التوازن الوحيد الممكن لإرادة نتنياهو ينبع من الجهاز القضائي، وهذا الجهاز قد تآكل بالفعل بشكل ملموس مقارنةً بالماضي».

من وجهة نظره، لا يكفي أن تغيّر المعارضة الوجوه؛ المهم هو استعادة ما يسميه «الديمقراطيه الحقيقية»: استفتاءات، جمعياتٍ مواطنية، ومؤسسات تضمن أن «صوت الشعب له وزن حقيقي».

على النقيض، رسم شين صورةً أكثر براغماتية. بالنسبة إليه، المعارضة ليست بلا قيادة بل هي تتقارب تدريجياً نحو رؤية متماسكة. «ما نراه اليوم في إسرائيل هو تحالف يميني-وسطي ناشئ»، قال شين، مضيفاً أنه يسعى إلى إرساء مبادئ دستورية، والتأكّد من إلزام الجميع بالخدمة الوطنية — إما في جيش الدفاع الإسرائيلي أو ببدائل أخرى — وإقامة لجنة تحقق في فشل السابع من أكتوبر الهائل. هذه الأهداف المشتركة، بحسب شين، تكفي لتشكيل نواة كتلة صهيونية وطنية ذات توجه ليبرالي، متميزة عن تحالف نتنياهو مع الحركات الحريدية والمتطرفة قومياً.

يقرأ  الأمم المتحدة:مليون لاجئ سوري عادوا إلى ديارهم منذ سقوط نظام الأسد

اعترف العالِمان بالتشكيلة المحتملة لكتلة التغيير: يائير لابيد، أفيغدور ليبرمان، نفتالي بينيت، غادي أيزنكوت، ويائير جولان. لكن حيث يرى شين تلاقي التنوع نحو وطنية وسطية، يرى أبو لوف قيادةً جوفاء.

علق أبو لوف على بيني غانتس قائلاً إنه «مجرد هواء ساخن»؛ كان متصدراً في استطلاعاتٍ سابقة لكنه الآن يكافح لعبور نسبة الحسم. «في بعض الأحيان يربت الناس على مثل هذا الهواء لأنه دافئ ومريح، لكن لا شيء حقيقي خلفه… من المرجح أن يتبخر من المشهد السياسي الإسرائيلي.»

اتفق شين على أن تراجع غانتس كان متوقعاً، لكنه صاغ الأمر بشكل مختلف: غانتس حاول استرضاء كل الأطراف، فدخل مرةً في ائتلاف مع نتنياهو لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وتذبذب أحياناً بين خطاب معارض وآخر أكثر دولةً ومحافظةً. لكنه، في المحصلة، قائد ضعيف تم تجاوزه بفعل مكائد نتنياهو، والآن بات من غير الواضح إن كان غانتس سينجح في عبور عتبة الدخول إلى الكنيست.

أمّا مسألة التمثيل العربي فشكّلت خط صدع واضح في تحليل أبو لوف. استغرب أن إصدار كتلة التغيير الحالية استبعد الأحزاب العربية خلافاً لنسخة 2021. «هذا تطور مقلق»، قال. «إذا رفضت الكتلة التعاون مع العرب حتى بصيغة حكومة أقلّية مدعومة من الخارج، فستكرّس حكم نتنياهو. بعض القوى ستستسلم في نهاية المطاف وتنضم إليه بدافع الخوف من الارتباط بالعرب — وهذه أسوأ درس يمكن أن تتعلمه المعارضة.»

أقر شين بهذا التوتر لكنه وضعه في إطار تاريخي أوسع، واصفاً ائتلاف نتنياهو بأنه «طائفي العشيرة»، مبنياً على اتفاق مع القوى الحريدية التي تمنحه البقاء السياسي لقاء دعم اقتصادي وإعفاءات شاملة من الخدمة العسكرية. في نظر شين، التباين واضح: «الائتلاف الحالي قديم الطراز، ديني، حريدي ومعادٍ للصهيونية. كتلة التغيير تمثل مستقبل إسرائيل الحديث: وطني، صهيوني، وليبرالي.» وأضاف أن حزب ميرتس، الذي كان ركيزة اليسار، «تبخر»، مما جعل الصراع الحقيقي ينتقل إلى الوسط السياسي.

يقرأ  حماس تنشر «صورة وداع» لـ٤٨ من المختطفين بينما تواصل إسرائيل تدمير مدينة غزة

لجأ أبو لوف إلى التاريخ واللاهوت لتحذيرٍ من قبض نتنياهو على شريحة من الجمهور، مشبّهاً إياه بـشبتاي تفي، المسيح الكاذب الذي ظهر بعد مذابح خملنيتسكي في القرن السابع عشر، ولفت إلى أن بعض مؤيدي رئيس الوزراء يطلقون عليه اسم «المسيح ابن يوسف» في التقليد اليهودي. «إنها علامة عميقة على التيارات الدينية والمسيحية الميحائية التي تدفع السياسة الإسرائيلية اليوم»، قال أبو لوف. «حينما يكون هناك فراغ أخلاقي، تتسابق المعتقدات لملئه.»

اختلف العالِمان أيضاً حول ما إذا تغيّرت البنية الأيديولوجية للمجتمع الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023. رفض أبو لوف رواية «الانحراف إلى اليمين»، معتبراً أن ما حصل هو انجراف عاطفي — تراجع في التعاطف تجاه العرب — لكنه أصر على أن الاستفتاءات تشير إلى أن نصف الإسرائيليين أو أكثر لا يزالون يؤيدون دولة فلسطينية في استطلاعات الرأي. «وصف ذلك كتحول إلى اليمين غير دقيق ببساطة.» بالنسبة إليه، المشكلة ليست اليسار مقابل اليمين بل «أزمة شرعية» أعمق تشترك فيها الحكومة والمعارضة على حد سواء.

أمّا شين فشدّد على أن قوة الكتلة تكمن في تجاوز الملصقات الأيديولوجية القديمة. حدّد في لابيد، ليبرمان، وبينيت توجهاً يمينياً وسطياً مستنداً إلى الصهيونية، في حين أن جولان يمثل مركزاً-يسار وطنياً. هذا التنوع، برأيه، «هو الأساس لصياغة جدول الأعمال الجديد لمستقبل إسرائيل».

حين يحذّر أبو لوف من جرّ نتنياهو لإسرائيل نحو ما يشبه الدولة السبارطية — «تأميم لكل شيء في مهمة محاربة الأعداء» — يتخيّل شين إسرائيل تعيد الالتزام بالمعايير الدستورية والتنوّع. بينما يطالب أبو لوف بالاستفتاءات لتمكين المواطنين مباشرة، يؤكّد شين على ضرورة توحّد القوى الصهيونية والليبرالية لحماية البلاد من «عشائرية دينية عتيقة».

تسلّط لهجتهما المتباينة الضوء على المفارقة التي تواجه المعارضة الإسرائيلية. صراحة أبو لوف تصدم: «إسرائيل ليست فعلاً ديمقراطية بالكامل»، يقول، مشدداً أن معظم الدول ليست كذلك أيضاً؛ ومن ثمّ فإن التحدي الأكبر للمعارضة هو جعلها كذلك. تفاؤل شين يطمئن: التحالف الوسطي ليس ممكناً فحسب بل هو آخذ في التشكل، مستمدّاً شرعيته من الالتزام بالخدمة والمحاسبة والصهيونية الليبرالية.

يقرأ  ترامب يطالب بوقف فوري للحرب في غزة خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

ما يجمع بينهما، مع ذلك، هو إدراك أن ائتلاف نتنياهو قد أفرغ النسيج الديمقراطي لإسرائيل، وأن كتلة موثوقة وموحّدة وحدها قادرة على تقديم بديل. سواء تجرأت هذه الكتلة على عبور خطوطها الحمراء بشأن الشراكة مع العرب، أم أنها ستتراجع إلى التفكك والصراعات الشخصية، فقد لا يقرّر ذلك الانتخابات القادمة فحسب، بل طبيعة الدولة الإسرائيلية نفسها.

أضف تعليق