أمل في ظلّ عدم يقينٍ عميقٍ بغزة

ظل دويُّ إطلاق النار يُسمَع خلال الليل في قطاع غزة مع توقع واسع ببدء هدنة، لكن الجيش الإسرائيلي أعلن أن الهدنة دخلت حيّز التنفيذ رسمياً منذ ظهر الجمعة.

بين الذين عاشوا القصف والنزوح وتدمير مدنهم على مدى عامين، يسود مزيج من أمل متردّد وعدم يقين عميق.

تواصلت وكالة د.ب.أ مع ثلاثة من سكان القطاع عبر الهاتف والواتساب لمعرفة انطباعاتهم عن الهدنة والمستقبل.

خميس عثمان، بائع متجول من دير البلح (42 عاماً)، قال: “عشنا في حالة عدم يقين طويلة لدرجة أن مجرد شائعة عن هدوء تبدو كحلم. أولادي لا يكفون عن سؤالي إن كان الأمر حقيقياً هذه المرة، إن كان بإمكانهم العودة إلى المدرسة، إن كان بإمكاننا العودة إلى بيوتنا والنوم دون سماع الانفجارات؛ لا أعرف ماذا أجيبهم. الناس هنا يريدون أن يُصَدِّقوا، لكن الثقة لم تعد سهلة بعد الآن—سمعنا عن هدنات من قبل لم تدم. ومع ذلك، نتمسّك بالأمل لأنه الشيء الوحيد الذي يبقينا واقفين. أرى حولي الناس يعيدون نصب الخيام، يطبخون معاً، يتقاسمون الطعام؛ ربما هذا استعدادنا للحياة من جديد، حتى وإن كنا لا نعلم ماذا سيحمل الغد. أتمنى فقط أن تكون هذه آخر حرب يرىها أطفالي.”

إلهام الزعنون، أم لخمسة أبناء من مدينة غزة ومهجّرة الآن إلى دير البلح (60 عاماً)، قالت: “خلال العامين الماضيين رأيت كل ما يمكن أن تتصوره العين… شاهدنا المجازر والموت وشاحنات الأجساد وبيوتاً تسحقت وتحولت إلى غبار. فقدت اثنين من أولاد إخوتي، وبيتي في مدينة غزة لم يعد موجوداً. لم يعد في قلوبنا فرح حقيقي، لكن على الأقل توقف سفك الدماء مؤقتاً. عندما سمعت أنّ الحرب قد تنتهي أخيراً، بكيت—not من فرح بل من شدة التعب. تصل إلى درجة لا تستطيع معها البكاء على الموتى بعد الآن؛ تدعو فقط ألا يُضاف أحدٌ إليهم. لا أعلم ماذا سيحدث سياسياً، أو من سيحكم غزة لاحقاً؛ أعلم فقط أننا بحاجة إلى استقرار، إلى من يجلب الطعام والكهرباء والمدارس والمستشفيات؛ لا يمكننا أن نظل لاجئين في أرضنا إلى الأبد. أملي أن يفكر قادتنا، كلّهم، بالأمهات قبل أن يفكروا في مناصبهم.”

يقرأ  قادة الكونغرس ما زالوا في حالة جمود قبيل التصويت

عصام حرّارة، معلّم من شمال غزة ومقيم حالياً في المَواسي بخانيونس (55 عاماً)، قال: “آمل أن تُنهي المفاوضات معاناة الناس في غزة فعلاً؛ هذا كل ما نطلبه، نهاية حقيقية لا كلاماً فقط. كل يوم أرى أطفالاً يبكون لأنهم جياع أو مرضى أو خائفون؛ المعاناة هنا لا توصف. الناس سئموا السياسة والشعارات؛ نريد حياة عادية، أن نعلّم مجدداً، أن تُفتح المحلات، أن تُبنَى المنازل، أن نسمع صوت البحر دون خوف من الغارات. لا أعرف إن كانت إسرائيل ستنسحب حقاً أو سيأتي سلطة أخرى، لكن الأهم أن يعيش الناس بأمان. أخشى أن نجد أنفسنا بعد كل هذا في فراغ، بلا نظام أو أمن. ومع ذلك، رغم مخاوفي، أريد أن أؤمن أن هذه المرة قد تكون مختلفة: إذا التزم الطرفان بكلمتهما فقد تتنفس غزة أخيراً. حلمي بسيط: أعود إلى بيتنا، أزرع حديقة صغيرة، وألا أُضطر للهرب مجدداً.”

يفحص الناس مبنى محطَّماً بينما يعود مهجّرون إلى بيوتهم بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المناطق شرق خانيونس في جنوب قطاع غزة، وذلك عقب إعلان اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس على تنفيذ المرحلة الأولى من خطة السلام الأميركية للقطاع. تصوير: عبد الرحيم خطاب/د.ب.أ.

أضف تعليق