قامت القوات الإسرائيلية بتفكيك ما تبقّى من أسطول إنساني كان يسعى لكسر الحصار عن غزة، واعتقلت مئات الناشطين الذين كانوا متنقلين على عشرات السفن — ومع ذلك لا يزال يخترق المياه يخت واحد متجهًا نحو القطاع الفلسطيني.
اليخت البولندي المجرى العلم مارينيتة، الذي يُقال إن طاقمه يتألف من ستة أشخاص، هو آخر سفينة عاملة تابعة لما كان يُعرف بأسطول “صمود العالمي”، الذي انطلق في الأصل ضمن أسطول مؤلف من 44 مركبًا. بحسب قائد أسترالي اتصل بمنظمي الأسطول عبر فيديو مساء الخميس وعرّف نفسه باسم كاميرون، تعرّضت السفينة لمشكلة في المحرك فتخلّفت عن المجموعة الرئيسة، لكنها عادت الآن لتتقدّم صوب غزة.
قال القائد عبر الاتصال: “على متننا مجموعة من الأتراك أشداء… وامرأة من عُمان، وأنا هنا وسنستمر في المسير نحو الهدف”. وبث مباشر لليخت عند الساعة 04:00 بتوقيت غرينتش أظهر الطاقم يقود السفينة بينما تشرق الشمس خلفهم في مياه البحر المتوسط الدولية. وتعقّب نظام تحديد المواقع المباشر موقع اليخت على مسافة تقارب 43 ميلاً بحريًا (نحو 80 كيلومترًا) من المياه الإقليمية لِغزه.
وحذّرت وزارة الخارجية الإسرائيلية من أنّ محاولة مارينيتة الدخول إلى منطقة قتال نشطة وخرق الحصار ستُمنع، في تهديد يترافق مع توقيف عشرات السفن الأخرى. 42 قاربًا تم اعتراضها بصورة ــ كما يصفونها منتقدو الاعتقالات ــ غير قانونية؛ وركّابها اختُطفوا بطرق تُوصف بأنها مخالفة للقانون الدولي. العالم شاهد ما يحدث عندما يتحدى مدنيون حصارًا، ومع ذلك تواصل مارينيتة الإبحار. إنها تعلم مصير “أخواتها” في المياه وتدرك ما قد ينتظرها.
منذ يوم الأربعاء أوقفت القوات البحرية الإسرائيلية عشرات القوارب المحمّلة بإمدادات إنسانية إلى غزة واحتجزت نحو 500 ناشط من أكثر من 40 دولة. واتهمت إسرائيل المتطوعين بمحاولة “خرق حصار بحري قانوني” — ادِّعاء يتناقض، بحسب مراقبين، مع قواعد ومبادئ القانون الدولي — وأعلنت عزمها على فعل كل ما يلزم لمنعهم.
تفيد التقارير بأن البحرية اعترضت كل قارب واحتجزت طواقمه ثم نَقلت المحتجزين إلى إسرائيل تمهيدًا لترحيلهم. من بين المحتجزين وجوه بارزة دوليًا، من بينها الناشطة غريتا ثونبرغ، وآدا كولاو (عمدة برشلونة السابقة)، وعضوة البرلمان الأوروبي ريما حسن. كونه أكبر مهمة بحرية لإيصال مساعدات حاولت الاقتراب من القطاع، فقد حظي الأسطول بتغطية دولية واسعة؛ وإجراءات الاستيلاء على القوارب قوبلت بإدانات واحتجاجات في أنحاء العالم.
ستيفن كوتون، الأمِين العام لنقابة عمال النقل الدولية (التي تمثل أكثر من 16.5 مليون عامل نقل حول العالم)، قال لقناة الجزيرة إن “مهاجمة أو مصادرة سفن إنسانية غير عنيفة في المياه الدولية أمر غير قانوني وفق القانون الدولي”. وأضاف: “لا يمكن للدول أن تختار متى تلتزم بالقانون الدولي. لا ينبغي أن تتحول البحار إلى مسرح للحرب.”
أدانت قادة العالم هذه الاعتراضات غير المشروعة؛ وأعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو طرد دبلوماسيين إسرائيليين وإلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل استجابة لما وصفه بإجراءات تلحق أذى بالقانون الدولي. كما دعت دول أوروبية — من بينها ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا واليونان وإيرلندا — إسرائيل إلى احترام حقوق أفراد الطواقم الذين تم احتجازهم.
الأمم المتحدة لم تُدلي بتصريح رسمي شامل بعد، لكن المقررة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون فلسطين، فرانسيسكا ألبانيز، وصفت عمليات الاعتراض بأنها “اختطاف غير قانوني”. وكتبت ألبانيز على “إكس”: “أفكاري مع شعب غزه المحاصَر في حقول القتل التي تفرضها إسرائيل”.