غابت في تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع اسرائيل كاتس يوم الأربعاء أي إشارة صريحة إلى ما إذا قُتل قادة حماس، وهو omission بارز يوحي بأن الجيش لم ينجز مهمة الإقصاء بشكل قاطع.
حتى ليل الأربعاء، لم تُقدّم الجهات الإسرائيلية دلائل علنية وواضحة عن وضع قادة حماس في قطر الذين استُهدفوا بمحاولة اغتيال يوم الثلاثاء. ومع ذلك، يبقى من الممكن أن كثيراً من المستهدفين قد نَجَوْا.
في الساعات الأولى بعد الضربة، تلقت صحيفة «جيروزاليم بوست» إشارات متفائلة وغير رسمية تفيد بمصرع عدد من قيادات حماس، لكن بحلول الواحدة صباحاً تبدّل اتجاه المعلومات من التفاؤل إلى التشاؤم لدى المصادر الإسرائيلية.
ولأهمية هذا التبدل، تجدر الإشارة إلى أن حماس، خلال ساعات قليلة من الهجوم، أعلنت أن قيادتها نجت؛ لكن الجماعة معروف عنها إصدار إنكارات سريعة دون تأكيدات حتى لو كان بعض قادتها قد قُتلوا، كما حدث في حالات سابقة مع قادة بارزين كانوا أُعلن عن وفاتهم لاحقاً بعد أشهر.
السرد السائد في وسائل الإعلام العربية أشار إلى أن قادة حماس تركوا هواتفهم المحمولة في غرفة أثناء انتقالهم إلى غرفة أخرى للصلاة، ما سمح لهم بالنجاة من الضربة، وفق تلك الروايات.
مبنى متضرر إثر هجوم إسرائيلي على قيادات حماس في الدوحة، قطر، 9 سبتمبر 2025 (المصدر: رويترز/إبراهيم أبو مصطفى)
ومع ذلك، مضى يوم كامل وما زال أي من قادة حماس لم يظهر علناً ليثبت أنه على قيد الحياة وبصحة جيدة؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يصدر بيان عام إلّا حسام بدران حتى وقت النشر.
سجلت تصريحات نتنياهو ووزير الدفاع يوم الأربعاء غياباً متعمداً لأي ذكر لحقيقة مقتل القادة—غياب يمكن تفسيره أيضاً بأن الجيش الإسرائيلي لم يَنْجِح في القضاء على الشخصيات المستهدفة.
من الاحتمالات أيضاً أن كثيراً من مسؤولي حماس قد أُصيبوا بجروح خطيرة، وبعضهم قد يموت لاحقاً متأثراً بإصاباته. وفي هذه الحالة قد تمتنع الحركة عن الإعلان الفوري إلى حين تبين الصورة كاملةً بشأن من يبقى قادراً على مواصلة مهامه ومن أصبح خارج نطاق العمل.
إمكان آخر يتمثل في أن القوة الجوية استعملت ذخائر دقيقة وصغيرة بدل استخدام قنبلة واسعة، بهدف تقليل الإصابات بين المدنيين القطريين؛ وهذه التكتيكات الدقيقة أدت في مرات سابقة إلى نجاة مسؤولين كبار رغم وصول الصاروخ إلى الغرفة المستهدفة.
تتركز التكهنات الآن حول خليل الحية، الذي اعتُبر الزعيم الفعلي للحركة خارج غزة بعد أن شغل موقع المتحدث ونائب قائد الحركة السابق يحيى السنوار، الذي قُتل على يد إسرائيل في أكتوبر 2024. وفي المقابل، أفيد أن ابن الحية وعدداً من القيادات العليا الأخرى سقطوا قتلى في هجوم الدوحة.
تضاربت التقارير بشأن مصير مسؤولين آخرين مثل زاهر جبارين، موسى أبو مرزوق، ومحمد إسماعيل درويش. أما أغلب المصادر فأشارت إلى أن خالد مشعل لم يكن حاضراً أو أنه نجح في النجاة.
دعم الشاباك للضربة واعتراض رئيس الأركان
بعد عامين من استضافة قطر لمفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، قررت الحكومة الإسرائيلية أن تصفية بقية قيادات الحركة أولى من المحافظة على قناة الدوحة الدبلوماسية.
جاء في بيان أن القادة الذين استُهدفت مواقعهم مسؤولون عن مجزرة السابع من أكتوبر، إضافة إلى إدارتهم عمليات الحركة لسنوات طويلة قبل ذلك.
الولايات المتحدة وأوروبا وبعض الحلفاء العرب المعتادين على انتقاد الدوحة أبدوا غالباً موقفاً ناقداً من الضربة. وفي الداخل الإسرائيلي تسرب يوم الأربعاء أن رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي اللواء أيال زامير كان قد عارض الضربة في بداياتها، لكنه أمر بتنفيذها بعد أن اتخذت الحكومة قرارها.
قائد الشاباك بالإنابة «س» أيّد الضربة، وهذا يتسق مع علاقات الجهاز الوثيقة مع القاهرة وتفضيله الدائم لمصر كوسيط أساسي في مفاوضات الأسرى ووقف النار.
فيما نُشر أن مدير الموساد دافيد بارنيا عارض أيضاً الهجوم، تُفيد معلومات أن موقفه كان أكثر تعقيداً؛ إذ إن بارنيا ظل يميل إلى قبول صفقة جزئية لتبادل الأسرى، وهو ما يستبعد بالضرورة تصفية المفاوضين من حماس. ومع ذلك، لا يعني ذلك أنه عارض الضربة قاطعاً؛ فقد كُلّف هو شخصياً بالرد على مقتل إسرائيليين في السابع من أكتوبر واستهداف أي قادة حماس إن اقتضت الحاجة.
من الممكن جداً أن بارنيا ضغط لتأجيل الضربة لفحص إمكانية إبرام اتفاق مع حماس أولاً، من دون أن يكون معارضاً لها بشكل نهائي.