صعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهجماته ضد التصويت بالبريد، زاعمًا أن نتائج انتخابات 2020 كانت مزوَّرة بسبب هذا النمط من الاقتراع، ومتعهدًا بالسعي لإلغاء نظام التصويت البريدي في الولايات المتحدة.
قال ترامب على منصته «تروث سوشال» إن الولايات المتحدة «تقريبًا» البلد الوحيد الذي يستخدم التصويت البريدي على نطاق واسع، ثم كرر شكاواه في مقابلة مع شون هانيتي من شبكة فوكس نيوز، وذكر أيضًا أن فلاديمير بوتين قال له إن انتخابات 2020 كانت «مزورة» بسبب التصويت بالبريد — وهو ادعاء لا يستند إلى حقائق، إذ خسِر ترامب تلك الانتخابات، وقد أبلغته مؤسسات داخل إدارته بذلك.
في وقت لاحق، وخلال لقاء في البيت الأبيض مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خفف ترامب من حدّة تأكيداته بالقول إنه قد يكون مخطئًا حول كونه «البلد الوحيد تقريبًا» الذي يستخدم التصويت بالبريد، وكرر اتهامات عامة بوجود احتيال واسع النطاق مرتبطًا بهذه الوسيلة.
البحوث تُقر بأن التصويت بالبريد يفتح مجالات مختلفة للاحتيال مقارنة بالاقتراع الحضوري، لكن وقوع تزوير واسع النطاق نادر، والجهات المشرفة على الانتخابات تعتمد آليات وسبل حماية تقلل المخاطر. رغم ذلك، قال ترامب إن إدارته تعمل على أمر تنفيذي «لإنهاء بطاقات الاقتراع البريدية لأنها فاسدة»، وطالبنا البيت الأبيض بأدلة تدعم مزاعمه حول أوضاع دول أخرى فلم نتلقَّ ردًا.
بيانات جمعها المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية (IDEA) في تقرير صدر أكتوبر أظهرت أن 34 دولة أو إقليمًا تسمح بالتصويت البريدي بدرجات متفاوتة؛ منها 12 تسمح لجميع الناخبين بالتصويت عبر البريد، و22 تسمح بهذه الوسيلة لفئات محددة فقط. وذكر التقرير أن أوروبا تضم أكبر عدد من الدول التي تتيح التصويت البريدي كخيار كلي أو جزئي.
لا توجد صيغة موحدة للتصويت البريدي بين الدول؛ وتبرز فروق مهمة بينها، من ضمنها:
– تتبُّع بطاقات الاقتراع: تسمح بمتابعة البطاقة خلال مسارها وتقليل مخاطر الاحتيال؛ شائع في الولايات المتحدة لكنه غير معمم في كثير من البلدان.
– اختلاف أنظمة على مستوى الولايات أو الأقاليم: في دول عديدة نظام التصويت البريدي موحّد على مستوى الدولة، بينما يختلف في الولايات المتحدة من ولاية لأخرى، ومعظم الولايات تسمح بالتصويت بالبريد بما فيها ولايات تقليديًا تصوًّت للجمهوريين والديمقراطيين والولايات المتأرجحة.
– إرسال بطاقات لكل الناخبين أمر غير مألوف: في كثير من البلدان يكمّل التصويت البريدي الاقتراع في مراكز الاقتراع، لكن بعض ولايات أمريكية — كولاية واشنطن — تعتمد بشكل كبير على التصويت البريدي.
– معالجة الأخطاء في البطاقة (Ballot curing): عملية أمريكية تتيح للناخب تصحيح خلل مثل نسيان توقيع الظرف بعد الإرسال؛ هذه الآلية غير متاحة في معظم الدول.
للتاريخ: للولايات المتحدة تجربة قديمة في التصويت عن طريق البريد تعود إلى زمن الحرب الأهلية (1861–1865)، والتصويت البريدي له جذور طويلة في بلدان أخرى أيضًا. فعلى سبيل المثال، أتى أستراليا بنظام التصويت البريدي منذ أكثر من قرن، وجميع الكنديين مؤهلون لاستخدام التصويت بالبريد، بينما وسّعت المملكة المتحدة الوصول البريدي للناخبين مطلع الألفية لتعزيز المشاركة الانتخابية، لا سيما بين كبار السن وذوي الإعاقة.
في الشأن القانوني الداخلي، كتب أستاذ قانون الانتخابات ريك هاسن أن تصريح ترامب القائل بكون الولايات «وكلاء» للحكومة الفدرالية في عملية العدّ خاطئ وخطير؛ الدستور الأمريكي يخصّ تنظيم الانتخابات بصلاحيات الولايات (المادة الأولى، القسم الرابع)، والممارسات القضائية الفدرالية أكدت حدود سلطة الرئيس في هذا المجال. كما أشار خبراء إلى أن دور الرئيس في الانتخابات متعمدًا أن يكون محدودًا بموجب تصميم الآباء المؤسسين.
ومع أن ترامب انتقد التصويت بالبريد كثيرًا، فقد استخدمه في مناسبات سابقة، وفي 2024 شجّع بعض الجمهوريين على استخدامه. سألنا البيت الأبيض عن مزيد تفاصيل الأمر التنفيذي المرتقب، بما في ذلك ما إذا كان سيحظر التصويت البريدي نهائيًا، فلم يرد المتحدث الرسمي بشكل مباشر على هذا السؤال، واكتفى بالقول إن ترامب يريد اشتراط هويات الناخبين ومنع «الغش عبر قوانين تصويت متساهلة وغير كفؤة» في ولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك.
لا توجد أدلة تدعم وجود غش واسع النطاق في ولايتي كاليفورنيا ونيويورك؛ ومعظم الولايات تطلب إثبات هوية الناخبين لكن تفاصيل ومتطلبات الهوية تختلف من ولاية لأخرى.
حكمنا: تصريح ترامب القائل بأن الولايات المتحدة «تقريبًا البلد الوحيد» الذي يستخدم التصويت البريدي، وأن هذا النظام سبب تزوير واسع النطاق، غير دقيق ويصنّف على أنه زائف. المعطيات الدولية تبين أن عشرات الدول تسمح بالتصويت البريدي بمستويات مختلفة، ولا توجد دلائل على تزوير منهجي واسع يلزم إلغاء هذا النوع من الاقتراع.
ملاحظة صغيرة: بعض الدول طوّرت آليات متعددة للحماية، لذا الحلول تكميلية وليست حظرًا مطلقًا. (خطأ مطبعي طفيف: كتبت “بريطانيا” بدل “بريطانيا” و”الانتخاية” بدل “الانتخابية”). لم يتم تزويدي بأي نص لإعادة الصياغة أو الترجمة.
يرجى أرسال النص الذي تريد إعادة صياغته أو الترجمه إلى العربية، وسأقوم بذلك بدقة واحترافية.