تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% تاريخ التدابير التجارية الأمريكية ضد الصين أخبار دونالد ترامب

اتهمت بكين الولايات المتحدة بـ«ازدواجية المعايير» بعدما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 100% على سلع صينية، ردّاً على تشديد الصين ضوابطها على تصدير معادن الأرض النادرة.

تقول الصين إن تدابيرها للرقابة على الصادرات التي أعلنت الأسبوع الماضي كانت رداً على قيود أميركية استهدفت كيانات صينية وقطاعات بحرية ولوجستية وبناء سفن، وأنها جاءت لحماية المصالح الوطنية.

لماذا شدّدت الصين القيود على الأرض النادرة؟
في 9 اكتوبر وسعت الصين نطاق قيود التصدير لتشمل 12 من أصل 17 معدن أرض نادرة وبعض معدات التكرير المتخصصة، لتدخل حيز التنفيذ في الأول من ديسمبر، مبررة ذلك بمخاوف تتعلق بالأمن القومي. كما فرضت قيوداً على تصدير معدات تكنولوجية متخصصة تُستخدم في تكرير هذه المعادن. الشركات الأجنبية باتت بحاجة إلى موافقة بكين على صادرات المنتجات التي تحتوي على معادن أرض نادرة صينية، مع الإفصاح عن الغرض من الاستخدام.

تتمتع الصين بهيمنة شبه مطلقة على موارد الأرض النادرة الضرورية لصناعة السيارات الكهربائية والهواتف الذكية والرقاقات الإلكترونية والأسلحة. والولايات المتحدة مستهلك كبير لهذه المواد، لا سيما لصناعة الدفاع الأميركية. محلّلون يرون أن خطوة بكين قد تكون محاولة لكسب ورقة للضغط قبل اجتماع متوقع بين ترامب ونظيره شي جينبينغ في نهاية الشهر.

كيف ردّ ترامب؟
في 10 أكتوبر أعلن ترامب فرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على الواردات من الصين، تبدأ اعتباراً من الأول من نوفمبر، وكتب على منصته «تروث سوشال» أن هذا الإجراء سيكون «فوق وأعلى أي رسوم مفروضة حالياً». أضاف أنه سيشمل كذلك ضوابط تصدير على «أي وكل البرمجيات الحيوية». في تصريحات لاحقة قال ترامب إنه قد يعقد أو يلغى لقاؤه مع شي، ولم يتضح ما إذا كان اللقاء سيُعقد أم لا.

ما كان موقف الإدارة الأميركية من الخطوة؟
قال نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس إن لدى الولايات المتحدة «قدر كبير من النفوذ» وأن الأمل ألا تضطر واشنطن لاستخدامه، مشيراً إلى أن الهدف هو التوصل إلى حلول دون تصعيد.

كيف ردّت الصين؟
وَصفت الصين الردّ الأميركي بأنه «ازدواجية في المعايير» — حسب متحدث باسم وزارة التجارة الصينية — متهمة واشنطن بتوسيع مفهوم الأمن القومي وإساءة استخدام تدابير الرقابة على الصادرات واتباع ممارسات تمييزية ضد الصين. وحذّرت بكين من أنها ستتخذ «إجراءات مقابلة حاسمة» لحماية مصالحها المشروعة إذا واصلت الولايات المتحدة مسارها.

تحليل أوسع
يقول مختصون إن كلا البلدين وسّع مفاهيمهما للأمن القومي لتشمل أنشطة اقتصادية وتكنولوجية، وإن كل طرف «أسلَح» الاعتماد الاقتصادي المتبادل مع الآخر ومع أطراف ثالثة. وأشاروا إلى أن الصين بدأت في توسيع مفهوم الأمن القومي مبكراً، منذ تقديمها مفهوم الأمن القومي الشامل عام 2014، الذي ضم قطاعات اقتصادية وتقنية ومجتمعية ضمن دائرة الاهتمام الأمني.

يقرأ  علماء يكشفون مستوطنةً من العصر الحجري غمرتها مياه البحر قبالة سواحل الدنمارك

سجل الإجراءات التجارية الأخيرة (2025)
– بعد شهر من تسلمه فترة رئاسية ثانية، وقع ترامب أمراً تنفيذياً بفرض رسوم بنسبة 10% على جميع الواردات من الصين، مستشهداً بعجز تجاري. شملت الإجراءات أيضاً تعريفات على المكسيك وكندا، ما دفع الصين إلى فرض تدابير مضادة.
– في مارس ضاعف ترامب الرسوم على المنتجات الصينية إلى 20%، وردت الصين برسوم 15% على سلع زراعية أميركية.
– أعلن ترامب لاحقاً «رسوماً متبادلة» بواقع 34% على المنتجات الصينية، فأعلنت بكين رسوماً مماثلة، وكانت تلك المرة الأولى التي تعلن فيها الصين ضوابط تصدير على الأرض النادرة.
– شهدت المواجهة تبادلاً متتالياً للرسوم، ووصلت التعريفات التي فرضها ترامب أحياناً إلى 145%، فردت الصين برسوم بلغت 125%. لاحقاً خفّض الجانبان رسومهما إلى 30% و10% على التوالي في مايو، ثم اتفقا على هدنة لمدة 90 يوماً في أغسطس لإجراء محادثات تجارية.

الخلاصة
الإجراءات الأخيرة بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم أعادت تفجير مخاوف من حرب تجارية جديدة وزادت حالة عدم اليقين في التجارة العالمية. المسارات الدبلوماسية المقبلة ومآل اللقاء المنتظر بين ترامب وشي سيحددان ما إذا كانت المواجهة ستتصاعد أم أن هناك مجالاً للتسوية عبر المفاوضات. تم تمديد الهدنة مرتين.

ديسمبر 2024: تشديد قيود على الرقائق الدقيقة
في ديسمبر 2024، شَدَّد سلف ترامب، الرئيس الأمريكي الأسبق جو بايدن، القيود على بيع الرقائق الدقيقة التي أُدخلت لأول مرة في أكتوبر 2022. بموجب الضوابط الجديدة، أُضيفت 140 شركة من الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة إلى قائمة الكيانات المقيدة، وحرمت الولايات المتحدة بعض الدول من الحصول على معدات تصنيع الرقائق الأكثر تطوراً. كما شملت القيود منتجات مُصنَّعة في الخارج باستخدام تكنولوجيا أمريكية.

أبريل 2024: بايدن يوقع قانون حظر تيك توك
وقع بايدن في أبريل 2024 قانوناً يقضي بحظر تطبيق تيك توك ما لم يُبعَ لمشتٍ غير صيني خلال سنة. اتهمت الحكومة الأمريكية شركة بايت دانس المالكة لتيك توك بصلات محتملة بالحكومة الصينية، واعتُبر التطبيق تهديداً للأمن الوطني. رفعت بايت دانس دعوى قضائية ضد الحكومة الفدرالية الأمريكية في مايو 2024. وفي سبتمبر من تلك السنة أعلن ترامب أن اتفاقاً لتعيين مالك جديد لتيك توك قد أُنجز.

اكتوبر 2023: بايدن يفرض مزيداً من القيود على الرقائق
في اكتوبر 2023، قَيَّد بايدن صادرات الولايات المتحدة للشرائح الحاسوبية المتقدمة، خصوصاً تلك المصنعة من قبل شركة نفيديا، إلى الصين ودول أخرى. الهدف كان الحد من وصول الصين إلى «أشباه الموصلات المتقدمة التي قد تغذي اختراقات في الذكاء الاصطناعي وحاسبات متطورة ذات تطبيقات عسكرية»، بحسب ما صرحت به جينا ريموندو، وزيرة التجارة في إدارة بايدن آنذاك. وقبل ذلك، أصدر بايدن في أغسطس 2023 أمراً تنفيذياً أُسس بموجبه برنامج يقيّد الاستثمارات الأمريكية في مجالات تقنية عالية معينة، بما في ذلك أشباه الموصلات والحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي، في دول اعتُبرت مخاطر أمنية مثل الصين.

يقرأ  بديل منزوَع الطابع الاستعماريلخطة ترامب للسلام في غزة

اكتوبر 2022: بايدن يقيّد وصول الصين إلى أشباه الموصلات
في اكتوبر 2022، قيَّد بايدن وصول الصين إلى أشباه الموصلات الأمريكية، ووسّع القواعد لتشمل أدوات صناعة الشرائح والصناعات الداعمة لسلسلة التوريد، ما حال دون وصولها إلى الخبرات الأمريكية والمكوّنات الأساسية اللازمة لصنع الآلات المنتجة للرقائق. تُستخدم أشباه الموصلات في تصنيع تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفرضت الحكومة الأمريكية تلك القيود لعرقلة قدرة الصين على إنتاج أشباه الموصلات والتقدم في السباق التكنولوجي. كما أصبح من الضروري للكيانات داخل الصين التقدم بطلبات ترخيص للحصول على أشباه الموصلات الأمريكية، ووصف تحليل لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن هذه التراخيص كانت «صعبة المنال» آنذاك. مؤخراً، يدعو بعض مشرعي الولايات المتحدة لمزيد من القيود تحذيراً من أن الصين قد تعيد هندسة التقنيات المتقدمة بسرعة وتتفوق على الولايات المتحدة وتكتسب تفوقاً عسكرياً.

مايو 2020: تشديد إدارة ترامب على هواوي
في مايو 2020، شددت إدارة مكتب الصناعة والأمن القواعد لوقف قدرة هواوي على استخدام التكنولوجيا والبرمجيات الأمريكية لتصميم وصنع أشباه الموصلات في دول أخرى. تنص القواعد الجديدة على أن أي رقائق مُصممة لهواوي باستخدام تكنولوجيا أو معدات أمريكية، في أي مكان في العالم، تتطلب موافقة الحكومة الأمريكية قبل إرسالها إلى هواوي.

مايو 2019: ترامب يدرج هواوي على قائمة الحظر
وقع ترامب أمراً تنفيذياً يحظر شركات اتصالات صينية مثل هواوي من بيع معداتها داخل الولايات المتحدة. وأُدرِجت هواوي ومئة وأربعة عشر كياناً ذا علاقة على قائمة تتطلب من الشركات الأمريكية الحصول على تصاريح خاصة قبل بيع تقنيات معينة لهم. تبرير الأمر استند إلى مزاعم بأن هواوي تهدّد الأمن القومي الأمريكي، وبتهم سرقة الملكية الفكرية والجوسسة الإلكترونية؛ وبرغم ذلك لم تُنشر دلائل عامة تؤيد هذه الادعاءات. وقد تعاونت دول غربية أخرى مع الولايات المتحدة في هذا الإطار.

مارس 2018: ترامب يفرض رسومًا جمركية على الصين
خلال ولايته الأولى، فرض ترامب رسوماً جمركية شاملة بنسبة 25% على سلع صينية بقيمة تصل إلى 60 مليار دولار، وأعلن في يونيو 2018 عن جولة إضافية من الرسوم. ردت الصين بفرض رسوم انتقامية على منتجات أمريكية، ووصف بكين سياسات ترامب بأنها «ممارسات بلطجة تجارية» في ورقة بيضاء رسمية، حسب وكالة شينخوا. وفي سبتمبر 2018 أصدر ترامب جولة جديدة من الرسوم بنسبة 10% على منتجات صينية رُفعت إلى 25% في مايو 2019.

يقرأ  الفنادق والمنتجعات الإيطالية — اتجاهات متباينة في الربع الثاني

خلال إدارة أوباما (2009–2017)
في 2011، بلغ العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين مستوى قياسياً قدره 295.5 مليار دولار، مقارنةً بـ273.1 مليار دولار في السنة السابقة. وفي مارس 2012 قدَّمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان شكوى رسمية ضد الصين لدى منظمة التجارة العالمية بشأن قيود بكين على تصدير المعادن النادرة، واعتبرت الصين تلك الخطوة «متهورة وغير عادلة». ورأت المنظمة أن قيود التصدير الصينية تنتهك قواعدها. وفي 2014، وجهت الولايات المتحدة اتهامات لخمسة مواطنين صينيين بزعم وجود صلات بجيش التحرير الشعبي وسرقة تكنولوجيا تجارية من شركات أمريكية.

ما القادم في حرب التجارة بين الولايات المتحدة والصين؟
من المتوقع أن يلتقي ترامب وشي في كوريا الجنوبية على هامش قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، المقررة أن تبدأ في 31 أكتوبر. لكن أحدث نزاع تجاري ألقى بظلاله على هذا اللقاء. على منصته «تروث سوشال» كتب ترامب مطمئناً: «لا تقلقوا بشأن الصين، كل شيء سيكون على ما يرام! الرئيس المحترم شي مر بلحظة سيئة فقط. هو لا يريد الكساد لبلاده، ولا أريده أنا أيضاً. الولايات المتحدة تريد مساعدة الصين لا إيذائها!!!» وفي مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس يوم الاثنين قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت: «قال الرئيس ترامب إن الرسوم الجمركية لن تدخل حيز التنفيذ حتى الأول من نوفمبر. سيلتقي برئيس الحزب [الشيوعي] شي في كوريا، وأعتقد أن ذلك اللقاء سيستمر.»
وعن الطرف الأكثر تضرراً من الحرب التجارية، قال كيوالراماني إن «المهم من سيستطيع تحمل ألم أكبر وتكبد تكلفة أعلى». وأضاف أن بكين قد تكون في موقع أفضل لأن واشنطن قد عزلت حلفاء وشركاء بسياساتها منذ يناير. ومع ذلك، فإن قيود التصدير الصينية المتزايدة لا تستهدف الولايات المتحدة فحسب؛ بل تؤثر على كل الدول. «بكين لم تكسب ودّ أحد أيضاً»، قال كيوالراماني مشيراً إلى أن رسوم ترامب وقيود الصين على المعادن الأرضية النادرة استهدفت عدداً من الدول.

«الأشد تضرراً هم البلدان المحاصرة في صراع القوى الكبرى.»

يوم الأحد، قال نائب الرئيس الأمريكي فانس لفاكس نيوز عن الصين: «إذا ردّوا بطريقة عدائية جداً، أضمن لكم أن رئيس الولايات المتحدة لديه أوراق أكثر بكثير من جمهورية الصين الشعبية.»

أوضح كيوالراماني أن بكين حتى الآن أظهرت قدراً أكبر من التنظيم والاستعداد والتفكير الاسترتيجياً مقارنة بالولايات المتحدة.

ومع ذلك، فقد تجاوزت الحدود في جولة ضوابط التصدير الأخيرة. أما سياسة الولايات المتحدةة فابتليت بنقص في الوضوح والتماسك الاستراتيجي. تظل الولايات المتحدة القوة العالمية المهيمنة ولديها عدة أوراق تلعبها، وما يهم الآن هو ما إذا كانت قادرة على ترتيب بيتها الداخلي.

أضف تعليق