رئيس وزراء مولدوفا يتهم روسيا باستغلال انتخابات البلاد «للاستيلاء على السلطة»

تشيشيناو، مولدوفا — حذر رئيس وزراء مولدوفا دورين ريتشيان يوم الأربعاء من أن روسيا تستثمر مئات الملايين من اليورو في محاولة «لانتزاع السلطة» خلال انتخابات برلمانية حاسمة قد تغير مسار البلاد نحو الاتحاد الأوروبي.

جاءت تصريحات ريتشيان قبل أيام من الاقتراع المقرر يوم الأحد، حين سيختار الناخبون تشكيلة برلمانية مكونة من 101 مقعداً في اقتراع ينظر إليه كثيرون على أنه فصل فاصِل بين التوجهات الشرقية والغربية.

وقال بعد جلسة للحكومة إن «جمهورية مولدوفا في حملة انتخابية، والاتحاد الروسي يخوض بدوره حملة انتخابية» مضيفاً: «الفرق أننا نُجري حملتنا داخل بلادنا، بينما تريد روسيا أن تُجري حملتها ليس في بلدها بل في بلادنا».

اتهم ريتشيان الكرملن بمحاولة «الاستحواذ على السلطة في تشيسيناو، وانتهاك الإرادة السيادية» لشعب مولدوفا، واصفاً الموقف بأنه «ليس مجرد مناوشة انتخابية، بل حصار للبلاد».

وعرض رئيس الوزراء سلسلة اتهامات ضد موسكو تضمنت تمويل عمليات شراء أصوات واسعة النطاق، شن أكثر من ألف هجمة سيبرانية على بنى تحتية حكومية حساسة هذا العام، وجود مخططات لإثارة أعمال شغب حول موعد الاقتراع، وحملة تضليل إلكترونية واسعة تهدف إلى التأثير في الناخبين.

نفى الكرملن مراراً أي تدخل، في حين أفادت سرويس الاستخبارات الخارجية الروسية بأن سياسيين أوروبيين يسعون لضمان التزام مولدوفا بسياسات وصفوها بـ«معادية لروسيا».

في السنوات الأخيرة، مال توجه مولدوفا الجيوسياسي نحو الغرب، ما أثار استياء موسكو وسمّم العلاقات بين البلدين. كانت مولدوفا إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي حتى أعلنت استقلالها عام 1991.

بعد الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا في 2022، تقدمت مولدوفا بطلب انضمام إلى الاتحاد الأوروبي ونالت وضع مرشح في العام ذاته؛ ووافقت بروكسل العام الماضي على فتح مفاوضات الانضمام.

منذ ذلك الحين تتهم السلطات المولدوفية روسيا بشن «حرب هجينة» تهدف لإفشال مسار الانضمام عبر التدخل في الانتخابات، تمويل أحزاب موالية لروسيا بطرق غير شرعية، ونشر حملات تضليل واسعة تستهدف الناخبين.

يقرأ  منشورات تزعم زوراً أنها تُظهر مصنع صابون غير قانوني في جنوب أفريقيا

من بين الشخصيات المحورية في الحملة المزعومة يُذكر الملياردير الموالي لروسيا إيلان شور، المطلوب هارباً والمُدان عام 2023 بتهم الاحتيال وغسيل أموال في قضية اختفاء نحو مليار دولار من مصارف مولدوفا عام 2014.

وقال ريتشيان: «ثَمّة أدلة، بينها تسجيلات تنصت، تثبت أن عمليات شراء الأصوات ممولة من الاتحاد الروسي. الأداة هي مجموعة شور الإجرامية والمستفيدون عدة منافسين انتخابيين».

ومع اقتراب الموعد الانتخابي نفذت السلطات عمليات دهم ومداهمات واسعة واعتقلت عشرات المشتبه بهم. وفي هذه الحملة ضبطت السلطات 74 شخصاً خلال 250 مداهمة كجزء من تحقيق في مخطط مدعوم من روسيا كان يهدف إلى «إشعال اضطرابات جماهيرية» و«زعزعة الاستقرار»، كما تم توقيف شخص واحد بتهمة تمويل حزب سياسي يقال إنه على صلة بروسيا عبر عملات مشفرة.

وأضاف ريتشيان: «تتزايد الأدلة على الأعمال التخريبية الروسية، ويزداد القلق في المجتمع. أؤكد لكم أن دولة مولدوفا تقاوم. نحن لا نكتفي بالمقاومة بل نرد بقوة وسنحبط مخطط الاحتلال الروسي».

وخاطب المواطنين قائلاً: «المعركة النهائية تُخاض الآن من أجل مستقبل بلدنا، وأدعوكم جميعاً للمشاركة بصوت نزيه».

في وسط العاصمة نظم «الكتلة الانتخابية الوطنية» الموالية لروسيا تجمعاً دعا إليه معارضون، حيث هتف متظاهرون بشعارات مناهضة لحزب العمل والتضامن «PAS» وضد الرئيسة مايا ساندو التي تُعد وجهة مولدوفا الغربية.

تكوّن الكتلة من تحالف أحزاب تعِد بتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي و«تطبيع» العلاقات مع روسيا، مستخدمة خطاب «مولدوفا أولاً» الذي يركز على حماية المصلحة الوطنية من خلال دعم الزراعة المحلية وحماية فرص العمل.

ووصفت الجهة المنظمة التجمع بأنه «تظاهرة من أجل السلام»، فيما حملت لافتات تقول: «في أربعة أعوام من حكم PAS: لم تُذكر كلمة واحدة عن السلام».

قال نيشيطة رومينسكي (22 عاماً)، مرشح الكتلة في الاقتراع يوم الأحد، إن حزبه يعمل من أجل «السيادة والاستقلال» مؤكداً أن «الحياد هو ضمان أمننا، ومولدوفا يجب أن تحافظ على علاقات طيبة مع الجميع… مع الاتحاد الأوروبي وروسيا». وأضاف: «نريد حكومة بوجه إنساني وسياسات تصب في مصلحة المواطن البسيط».

يقرأ  من هم الصحفيون الخمسة الذين قُتلوا في هجوم إسرائيل على مستشفى بغزة؟

من جانبه قال نائِب البرلمان عن حزب الاشتراكيين غريغوري نوفاك إنه «لا ينبغي لأي طرف التدخل في العملية الانتخابية» في مولدوفا، معتبراً أن بعض الزيارات والرسائل من مؤسسات أوروبية تُشكّل تدخلاً، في إشارة إلى تحركات دبلوماسية غربية رصدت سابقاً.

في الشهر الماضي زار قادة فرنسا وألمانيا وبولندا مولدوفا في لفتة دعم، تزامناً مع احتفال البلاد بذكرى مرور 34 عاماً على استقلالها عن الاتحاد السوفيتي.

أضف تعليق