روّاد الفضاء جاهزون للانطلاق إلى القمر — من أجل البشرية جمعاء

بالاب غوش — مراسل شؤون العلوم

قائد المهمة ريد ويسمان: «نحن ذاهبون إلى القمر… سيكون أمراً مذهلاً!»

قال القائد المسؤول عن مهمة ناسا المقبلة إلى القمر إن طاقمه سـ«يرى أشياءً لم يرها إنسان من قبل». وأضاف ويسمان في مؤتمر صحفي أن مركبتهم الفضائية من المرجح أن تحلق فوق مناطق واسعة من سطح القمر لم تُرسم خرائطها في بعثات أبولو السابقة.

أعلنت ناسا أمس أنها تأمل في إطلاق أول مهمة مأهولة إلى القمر خلال خمسة عقود في أقرب وقت ممكن، وربما في فبراير 2026. وأوضحت أخصائية المهمة كريستينا كوخ أن رواد الفضاء سيتمكنون من دراسة سطح القمر بتفصيل رائع لمدة ثلاث ساعات كاملة. وقالت: «صدق أو لا تصدق، العيون البشرية من أفضل الأدوات العلمية التي نملكها». وأضافت أن علماء الجيولوجيا لديهم متلهِّفون لرؤية القمر بعين الإنسان، وأنهم تدربوا على تحويل هذه الملاحظات إلى إجابات عن بعض أكبر أسئلتنا، مثل: «هل نحن وحدنا؟» وذكرت أن هذه المهمة قد تكون الخطوة الأولى نحو إجابة قد تعود بالفائدة على البشرية جمعاء.

مهمة أرتميس II هي الإطلاق الثاني لبرنامج أرتميس، الذي يهدف إلى إنزال رواد فضاء على القمر وإرساء وجود طويل المدى على سطحه. كشف القائد ريد للصحفيين عن اسم المركبة الذي أطلقه الطاقم ولماذا اختاروه: «السلام والأمل للبشرية كلها، هذا ما نتمناه حقاً. عندما نجمع كل ذلك ونضغطه معاً، سيولد سحر. لذا سندور حول القمر بالمركبة المسماة “Integrity”.»

استلهم الأربعة جميعهم أجزاء من روح بعثات أبولو في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. فيما يلي نبذة عن كل رائد:

– كريستينا كوخ: اتخذت قرارها بأن تكون رائدة فضاء بعد أن رأت صورة الأرض التي التقطها بيل أندرس، أحد أفراد طاقم أبولو 8 عام 1968. بالنسبة إليها، رحلة أرتميس II تُمثّل تحقيق حلم؛ فكما دارت أبولو 8 حول القمر لتفتح الطريق لهبوط لاحق، ستقوم رحلتها بدور مماثل. رغم أنها وُلدت بعد أحد عشر عاماً من التقاط الصورة، احتفظت بملصق لصورة «شروق الأرض» فوق سطح القمر. قالت في مقابلة مع ناسا إنها تأمل أن تُمكّن مهمتها جيلًا جديدًا من أن يعيش تجربة مماثلة ويمنح العالم مزيداً من التفاؤل. كانت كريستينا مهندسة وانضمت إلى صفوف رواد ناسا عام 2013، وعاشت وعملت على محطة الفضاء الدولية معظم عام 2019، حيث قضت 328 يوماً متتالياً في الفضاء وشاركت في أول سير فضائي نسائي بالكامل. هواياتها تشمل ركوب الأمواج، وتسلق الصخور والجليد، والبرمجة، والعمل المجتمعي، واليوغا، والتخييم، والتصوير والسفر. ومن المتوقع أن تصبح أول امرأة تزور القمر.

يقرأ  سول: كوريا الشمالية تطلق صاروخًا باليستيًا بعد أيام من زيارة هيغسث— أخبار كيم جونغ أون

– جيريمي هانسن: ستكون هذه رحلته الأولى إلى الفضاء. أيضاً استُلهم من بعثة أبولو 8، التي جاءت في زمن عاصف سياسياً واجتماعياً؛ حين دار المركب حول القمر قبيل عيد الميلاد عام 1968 وسط عالم كان يمر بصراعات كثيرة. استعاد جيريمي قصة البطاقة البريدية التي أُرسلت إلى بيل أندرس عند عودته، والتي كتب فيها ببساطة: «أنقذت 1968». بصفته كندياً، سيكون أول غير أمريكي يذهب إلى القمر. رسالته توحيدية وتُلهم العالم أجمع؛ فقد قال إن مهام أرتميس وضعت هدفاً طموحاً للبشرية جعل دولاً من مختلف أنحاء العالم تتعاون وتساهم. كان جيريمي طياراً مقاتلاً وفيزيائياً وغواصاً قبل انضمامه لوكالة الفضاء الكندية عام 2009، وقاد تدريب رواد الفضاء في مركز جونسون بنسا. متزوج وله ثلاثة أطفال، ويحب الإبحار وتسلق الجبال وركوب الدراجات الجبلية.

– فيكتور غلوفر: يوصف كثيرون بأنه الأكثر كاريزما بين الأربعة والأكثر أناقة، حتى أن حذاءه الجلدي البني المصمَّم يبرز حتى مع بدلة الطيران البرتقالية. يقول فيكتور في مقابلة مع ناسا: «دفع حدودنا للاستكشاف جزء أساسي من هويتنا… إنه في طبيعتنا أن نخرج للاستكشاف ومعرفة أين نحن ولماذا نحن هنا». تحمل كلماته صدى عبارات عصر الفضاء القديم، وتستحضر خطاب جون كينيدي عام 1962 عن اختيار الذهاب إلى القمر لأن المهمات الصعبة تُنظّم أفضل طاقاتنا ومهاراتنا. يُعرف لدى زملائه بلقبه الإشاري “IKE” الذي يُقال إنه اختصار لـ “I Know Everything”، ويشير ذلك إلى درجاته العلمية الثلاث: في هندسة اختبارات الطيران، وهندسة النظم، وفنون وعلوم العمليات العسكرية. اختير فيكتور رائداً لدى ناسا عام 2013، وسبق أن شارك كطيار في مهمة SpaceX Crew-1 إلى محطة الفضاء الدولية ضمن البعثة 64. وُلد في بومونا بكاليفورنيا وهو أب لأربعة أطفال، ومن المتوقع أن يصبح أول شخص أسود يزور القمر.

يقرأ  إنقاذُ الرهائنَ دونَ الانحيازِ إلى أيِّ طرفٍ

– ريد ويسمان (قائد المهمة): يعيد ويسمان صدى بعثات أبولو عندما يقول إنه يأمل أن تُنظر إلى مهمة أرتميس II على أنها «خطوة صغيرة نحو تواجد بشري مستدام على القمر ومن ثم نحو البشر على المريخ». تتردد عبارته في أذن المستمع قول نيل أرمسترونغ الشهير: «خطوة صغيرة لإنسان، قفزة هائلة للبشرية». رغم كونه القائد، يحرص ريد على إشراك طاقمه في كل ركن من جوانب المهمة، قائلاً: «عندما أنظر إلى فيكتور وكريستينا وجيريمي، أرى أنهم راغبون بشدة في تنفيذ هذه المهمة، لديهم دافع قوي، وتواضعهم يفوق الحدود. من الرائع أن أكون بينهم.» ريد أرمل ويعتبر أن تربيته لأطفاله بمفرده كانت أعظم تحدٍ وأكثر مراحل حياته إرضاءً في آن معاً.

في واحدة من القلائل التي أجراها مع نيل أرمسترونغ عام 1996، سألته عما إذا كان حلم البشر بالعيش والعمل على القمر والسفر إلى كواكب أخرى سيعود ذات يوم، فأجاب: «قد تتلاشى واقعيات معينة، لكن الحلم ما يزال قائماً، وسيعود مع الزمن.» من المؤكد أن كلمات طاقم أرتميس II —كريستينا: «نحن مستعدون»، جيريمي: «نحن ذاهبون»، فيكتور: «إلى القمر»، ريد: «من أجل البشرية كلها!»— كانت لتفرحه.

نأمل أن تُمهد هذه الرحلة الطريق لفصل جديد من الاستكشاف والإلهام البشري على خارطة السماء. القمرم ليس نهاية الطريق، بل بداية فصل آخر في قصة فضائنا.