فريدريش ميرتس يلتقي نتنياهو في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة

أكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس دعمه لإقامة دولة فلسطينية، فيما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الفكرة مجدداً، وذلك خلال الزيارة الأولى لميرتس إلى إسرائيل منذ توليه المنصب.

في مؤتمر صحفي مشترك عقب لقاء انعقد في القدس، عرض الزعيمان أولوياتهما المتعلقة بقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. تأتي زيارة ميرتس على خلفية الحرب على غزة التي وُصفت بأنها حرب ابادة جماعية من قبل البعض — وإن كان ميرتس، زعيم أحد أبرز الداعمين لإسرائيل، لا يرى أنها تصنف كإبادة جماعية.

قال ميرتس في المؤتمر إن ألمانيا، كحليف ثابت لإسرائيل، تؤيد رؤية منطقة شرق أوسط جديدة تعترف بدولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. وأضاف: «قناعتنا أن إقامة دولة فلسطينية محتملة إلى جانب إسرائيل قد تشكل أفضل فرصة لمستقبل مستقر». مع ذلك، أشار إلى أن حكومته لا تنوي الاعتراف بدولة فلسطينية «في المستقبل المنظور»، وأن الاعتراف ينبغي أن يأتي في خاتمة عملية تفاوضية لا في بدايتها — موقف يجعل برلين تختلف عن عدد من دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة التي أعلنت اعترافها رسمياً.

من جهته، شدد نتنياهو على أن الرأي العام الإسرائيلي يعارض حل الدولتين، وأن احتمال ضم أجزاء من الضفة الغربية كان وما يزال موضوع نقاش سياسي في إسرائيل، على الرغم من أن الواقع الراهن متوقع أن يستمر في الأمد المنظور. وادعى نتنياهو أن «الهدف من دولة فلسطينية هو تدمير الدولة اليهودية»، دون تفصيل. وذكر أيضاً أن المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لغزة اقتربت من الاكتمال، وأنه سيجري محادثات مهمة في أواخر كانون الأول/ديسمبر لضمان الانتقال إلى المرحلة الثانية، كما أعلن أنه سيلتقي ترامب لاحقاً هذا الشهر.

يقرأ  المعركة القانونية الإسرائيلية على وصول الصليب الأحمر إلى الأسرى الفلسطينيين تتصاعد

فرضت الحرب على غزة توترات على الروابط التقليدية القوية بين إسرائيل وألمانيا، إذ أن دعم إسرائيل عنصر محوري في سياسة برلين الخارجية، متأثر بالشعور بالمسؤولية التاريخية جرّاء الهولوكوست. في آب/أغسطس الماضي، دفعت أعمال إسرائيل في غزة ألمانيا — التي تعد ثاني أكبر مزود أسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة — إلى تقييد صادرات أسلحة للاستخدام في غزة، وفي حين انتقد ميرتس إسرائيل علناً على تداعيات العمليات العسكرية على المدنيين، أُلغيت تلك القيود قبل أسبوعين.

في المؤتمر الصحفي أكد ميرتس أن قرار تقييد تصدير الأسلحة لم يغير «موقفنا الأساسي تجاه إسرائيل وأمنها»، وأن دعم ألمانيا لإسرائيل، بما في ذلك الدعم العسكري، لا زال قائماً. أما طرح إمكانية زيارة متبادلة من نتنياهو إلى برلين فلم يُناقَش، لا سيما في ظل وجود مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب — وهو ما يجعل الزيارة مسألة معقدة سياسياً وقانونياً. قال ميرتس: «لم نناقش إمكانية سفر رئيس الوزراء نتنياهو إلى ألمانيا؛ لا سبب لمناقشة ذلك حالياً»، وأضاف أنه إن سمح الوقت فقد يوجّه دعوة ملائمة في وقت لاحق.

سبق لمرز أن تعهد في وقت سابق هذا العام بدعوة نتنياهو وأكد أنه لن يُعتقل على الأراضي الألمانية، بينما شهدت العاصمة برلين تظاهرات منددة بالحرب في غزة ومطالبة بوقف صادرات السلاح إلى إسرائيل وداعمة للقضية الفلسطينية. كما وجهت انتقادات إلى ميرتس داخل المعارضة الألمانية بسبب قيامه بالزيارة رغم وجود أمر توقيف دولي بحق نتنياهو.

قبل لقاء نتنياهو زار ميرتس نصب ياد فاشيم التذكاري للهولوكوست في القدس، حيث جدد إقرار برلين بمسؤوليتها التاريخية الدائمة. قال إن ألمانيا «يجب أن تقف للدفاع عن وجود وأمن إسرائيل»، مع الاعتراف بالأعباء التاريخية الملقاة على كاهلها جراء المحرقة النازية.

يقرأ  ينفطر قلبي كلما نادوني بطلاً

على الصعيد العسكري والاقتصادي، استؤنفت صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل بعد تعليق مؤقت، كما أُعلن عن صفقة درع صاروخي إسرائيلية الصنع بقيمة 4.5 مليار دولار، وصفها نتنياهو بأنها أعادت تشكيل العلاقة التاريخية بين البلدين. وقال في المؤتمر: «ليس فقط أن ألمانيا تعمل من أجل دفاع إسرائيل، بل إن إسرائيل، بعد ثمانين عاماً على المحرقة، تعمل أيضاً من أجل دفاع ألمانيا».

من رام الله، قالت مراسلة الجزيرة نور عودة إن علاقة ألمانيا بإسرائيل ما تزال «قوية جداً» رغم التباينات الأخيرة حول غزة، لكنها لفتت إلى أن دعم برلين أثار جدلاً داخلياً ودولياً، وواجه اتهامات بالمساهمة في جرائم الحرب نتيجة الدعم العسكري لإسرائيل، قبل أن يرفض القضاء الدولي أصدر أوامر طارئة لإيقاف صادرات السلاح الألمانية. وأشارت إلى التناقض في موقف ألمانيا كونها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية ويُتوقع أن تلتزم بالتعاون مع مؤسسات العدالة الدولية، بينما تستمر في لقاءات سياسية رفيعة مع قادة يخضعون لتحقيقات دولية، ما يعكس حساسية هذا الملف وتعقيداته.

أضف تعليق