فنزويلا تتقدم بطلب الانسحاب من نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية أخبار المحاكم

البرلمان الفنزويلي يصوّت لتقليص ارتباط البلاد بنظام روما وإنهاء سريان انضمامها إلى معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية

صوّتت الهيئة التشريعية الوطنية في فنزويلا لإلغاء تصديق البلاد على نظام روما، الخطوة التي تُعد تنازلاً عن الالتزام بمعاهدة أنشأت المحكمة الجنائية الدولية. رحّب نواب بارزون بالقرار ووصفوه بأنه ردّ على مؤسسة تبدو بالنسبة لهم بالية وتحابي مصالح خارجية.

قال خورخي رودريغيز، رئيس الجمعية الوطنية، في بيان حكومي إن القرار «لكي نُظهر للعالم مدى عدم جدوى وتقوقع هيئة كان يفترض أن تحمي الشعوب». رودريغيز، شقيق نائبة الرئيس ومقرب للرئيس نيكولاس مادورو، ربط في بيانه بين عمل المحكمة وأهداف الولايات المتحدة، واعتبر أن عملها «يخدم تصاميم الإمبريالية الأمريكية».

لكن من اللافت أن الولايات المتحدة ليست طرفاً في نظام روما، وقد دانت مراراً تحقيقات المحكمة التي تناولت اتهامات بانتهاكات حقوق إنسان شملت مواطنين وحلفاء أميركيين، وفرضت إدارات متعاقبة عقوبات على مسؤولي المحكمة. هذا العام وحده أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي عدة جولات من العقوبات على مسؤولين في المحكمة، متهمةً إياهم باتخاذ «إجراءات لا شرعية ولا أساس لها».

وقّعت فنزويلا على نظام روما في أكتوبر 1998 وصادقت عليه الهيئة التشريعية في يونيو 2000، ليصبح ساري المفعول. ومن المتوقع أن يوقّع مادورو على التشريع الجديد الذي يلغى التصديق.

تحقيقات ومحاكمات

سبق أن رفضت السلطات الفنزويلية الاتهامات الموجّهة ضد قيادتها أمام المحكمة. ففي نوفمبر 2021 فتحت المحكمة تحقيقاً حول مزاعم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية تتضمن التعذيب والعنف الجنسي وغيره من أشكال المعاملة اللا إنسانية، مستندةً إلى تقارير عن أعمال عنف وقتل تجاه معارضين سياسيين، خصوصاً خلال احتجاجات 2017. عطّلت المحكمة التحقيق مؤقتاً لمنح فنزويلا فرصة لمعالجة الادعاءات داخلياً، لكنها أعادت فتح الملف في يونيو 2023 بعد أن رأت أن الجهود المحلية لم تكن كافية.

يقرأ  طموح الهند الأولمبي في دائرة الضوء مع بدء الاستعدادات لألعاب الكومنولث — أخبار الأولمبياد

تسجّل مرافعات حكومة كاراكاس أنّ «لا هجوم منهجياً على السكان المدنيين، ولم تُرتكب جرائم»، بينما اتهمت منظمات حقوق إنسان النظام بعمليات إعدام خارج نطاق القضاء واعتقالات تعسفية وقمع دموي للمعارضة. كما أثار مراقبون تساؤلات حول استقلالية الجمعية الوطنية نظراً لسطوة مادورو على تشكيلتها.

ما هو نظام روما؟

يضمّ نظام روما حالياً نحو 125 دولة طرفاً، ويحدد اختصاص المحكمة في ملاحقة الجرائم الدولية الكبرى: جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وجرائم العدوان. ورغم ذلك، تعرضت المحكمة لانتقادات طويلة بشأن ضعف قدرتها على تنفيذ قراراتها، إذ إن قوى كبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا ليست أطرافاً فيها. إسرائيل أيضاً ليست طرفاً، وعلى رؤسائها السياسيين سجلّت مذكرات توقيف تتعلق بجرائم مزعومة ضد الفلسطينيين لم تُنفَّذ.

إحصاءات ونطاق العمل

منذ تأسيسها قبل نحو ربع قرن، أصدرت المحكمة 61 مذكرة توقيف، وأُلقِي القبض على 22 شخصاً فقط؛ ثمانية توفّوا قبل إحالتهم للمحاكمة، ونجح 32 شخصاً في التملص من الاعتقال. تسجّل المحكمة حتى الآن 13 إدانة وأربع مبرّآت.

مكتب كاراكاس وإجراءات لاحقة

جاء تصويت الخميس متأثراً أيضاً بقرار المحكمة إغلاق مكتبها في العاصمة كاراكاس، الذي أنشئ عام 2024 لدعم التحقيق في جرائم ضد الإنسانية. أعلن مكتب المدعية العامة مامي مانداناي نيانغ أن إغلاق المكتب سيُطبق بدءاً من الأول من ديسمبر، معتبراً أن إحراز «تقدّم حقيقي» في التحقيق شكّل تحدياً وأنه لا بد من إدارة الموارد المحدودة بفعالية. وأضاف: «قرّرنا إغلاق مكتبنا في كاراكاس».

ردت وزارة الخارجية الفنزويلية بسرعة ببيان شديد اللهجة دانت فيه قرار الإغلاق، واحتجت بأن مكتب المدعية العامة لم يظهر «أدنى التزام أو روح تعاون»، متهمةً إياه بالسحب والتقاعس عن العمل تمهيداً لاستثمار العدالة لأغراض سياسية.

يقرأ  ديفيد ريتشاردسون، القائم بأعمال مدير الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ، يقدّم استقالته بعد ولاية مضطربة— أخبار دونالد ترامب

تستمر التحقيقات التي أعيدت في 2023، مع تجدد الانتباه إلى موقف مادورو بعد انتخابات رئاسية مثيرة للجدل عام 2024 واجتياح ردّ حكومي عنيف للمتظاهرين، ما أعاد قضية حقوق الإنسان في فنزويلا إلى مقدمة الاهتمام الدولي. الرئاسه الفنزويلية تبدو الآن على أبواب اتخاذ خطوة رسمية جديدة في مسار العلاقة مع المحكمة الدوليه.

أضف تعليق