قمة ترامب وشي تُبرز تحوّل موازين القوة بين الولايات المتحدة والصين أخبار الحرب التجارية

جيونغجو، كوريا الجنوبية — المهادنة التجارية التي جرت بين دونالد ترامب وشي جينبينغ خلال قمة آسيا والمحيط الهادئ أعادت إثارة النقاش حول من خرج رابحًا من اللقاء، لكن على مستوى توازن القوى الاستراتيجي بين القوتين لا يكاد يوجد خلاف عمليًا: بكلماته وإجراءاته بدا شي أكثر قوة تفاوضية مما كان عليه عند لقائهما الأخير في 2019، وخرج من المباحثات ببعض التنازلات النادرة، منها تراجع جزئي عن قيود تصدير تقنية مهمة.

اللقاء الجانبي بين الرئيسين اتسم بالمجاملات والمصافحات، لكن شي سعى بوضوح إلى تصوير الوضع كمساواة بين قائدي مركبين في مواجهة أمواج عاتية، قائلاً إنه «في وجه الرياح والأمواج والتحديات، يجب أن نُبقي المسار الصحيح، ونُبحر عبر المشهد المعقد، ونضمن الإبحار المستقر لسفينة العلاقات الصينية‑الأميركية». هذه الصورة التعبيرية عززت الانطباع بأن بكين تعتبر نفسها «قريبة للغاية الآن من المرتبة المساوية» للولايات المتحدة، بحسب خبراء أجانب.

منذ أن شرع ترامب في حربه التجارية الأولى مع الصين عام 2018، عملت بكين على تحصين اقتصادها لتقليل أثر الضغوط الأميركية، وفي الوقت نفسه عززت قدرتها على الردّ والضغط على واشنطن. مؤخرًا، وبعد أن وسّعت إدارة ترامب قوائم الحظر على صادراتها لتشمل آلاف الشركات الفرعية الصينية، أعلنت بكين إجراءات مراقبة تصدير جديدة تطال حتى تراكيز ضئيلة من معادنها النادرة، ما أظهر استعدادها لاستخدام هيمنتها الفعلية على هذه المواد الاستراتيجية كورقة ضغط.

التحكم الصيني في نحو 70 بالمئة من التعدين و90 بالمئة من عمليات الفصل والمعالجة جعل القيود تبدو قادرة على إحداث اضطراب بالغ في سلاسل الإمداد العالمية، وهو ما أتاح لبكين ميزة تفاوضية بالغة الأهمية في المحادثات مع الولايات المتحدة. خبراء اقتصاديون يرون أن هذا النفوذ سيثني حكومات أخرى عن اتخاذ إجراءات حمائية أو قيود تصدير أو تدابير قسرية ضد الصين، رغم أن الأمر لا يعني بالضرورة أن بكين تنوي شن هجوم اقتصادي شامل.

يقرأ  إدانة سيدة صينية في المملكة المتحدة بتهمة احتيال بيتكوين بقيمة ستة مليارات يورو بعد ضبط قياسي للعملات المشفّرة

كما عززت الصين موقفها قبل القمة بتقليل اعتمادها على المنتجات الزراعية الأميركية، وعلى وجه الخصوص فول الصويا. عبر التحول صوب مورّدين مثل البرازيل والأرجنتين، نجحت بكين في تقليص حصة الصويا الأميركية من وارداتها إلى النصف تقريبًا قبل أن تعيد فتح الباب لشراء شحنات أميركية بموجب المهادنة. المقاطعة الفعلية للطاقة الأميركية ألحقَت أضرارًا بالغة بمزارعي الولايات الوسطى — في ولايات مثل أيوا ونبراسكا وإنديانا — مما شكل عبئًا سياسيًا على حزب ترامب الجمهوري قبيل انتخابات منتصف الولاية في 2026.

مختصون أشاروا أيضًا إلى أن الصين أدركت كيفية استغلال الطابع الصفقاتي والتجاري لترامب. فهم رغباته ومجالات طموحه سمحا لبكين بصياغة عروض تجذب الرئيس الأميركي وتمنحه «شرعية» في عين مؤيديه على شكل صفقات ملموسة. بهذه العقلية استطاعت بكين أن تدير اللقاء لصالحها إلى حد كبير.

بموجب الهدنة، ستستأنف الصين شراء فول الصويا الأميركي وتؤجل تنفيذ قيود تصدير على خمسة من أصل اثني عشر من معادن الأرض النادرة التي أعلنت سابقًا — بينما تبقى القيود على السبعة الأخرى سارية. وبشكل لافت، تضمن الاتفاق تنازلاً أميركيًا يعود لما قبل تصعيد ترامب في أبريل؛ خفض تعريفات مرتبطة بالمواد المرتبطة بمركبات أفيونية من 20 بالمئة إلى 10 بالمئة، وهو ما يمثل مكسبًا مباشرًا لبكين.

مراقبون أكاديميون، مثل جا إيان تشونغ من جامعة سنغافورة الوطنية، يحذرون من صعوبة التنبؤ بمن سيفوز نهائيًا في هذه المنافسة الاستراتيجية المتبدلة: في دورة ما كان للولايات المتحدة ميزة تحكم تكنولوجي، ثم اكتشفت الصين طرقًا لتجاوز تلك القيود واستخدام الأرض النادرة كسلاح اقتصادي؛ وبالمقابل ستجد الولايات المتحدة بدائل لاحقًا — هذه ديناميكية دورية في المنافسات بين القوتين.

على الطرف الآخر من الطيف، يصف بعض المحللين الصينيين التطورات بأنها تحول جوهري في توازن القوى. فوانغ ون، عميد معهد تشونغيانغ للدراسات المالية في جامعة رنمين ببكين، ذهب إلى أن قوة الصين أجبرت الولايات المتحده على تعلم «الاحترام»، وأن البلدين دخلا بالفعل «عصر المساواة»، وأن قدرة الولايات المتحدة على احتواء الصين من جانب واحد قد بلغت نهايتها، رغم توقع استمرار الاحتكاك بين العاصمتين.

يقرأ  ترامب: غارة أميركية على سفينة محمّلة بالمخدرات من فنزويلا تودي بحياة ١١ شخصًا

في المحصلة، استعاد الاتفاق إلى حد كبير وضعًا أقرب إلى ما كان سائداً قبل ارتفاع التعريفات التصعيدية، لكنه كشف أيضًا عن تحول في أدوات النفوذ: أدوات واشنطن التقليدية في السيطرة التكنولوجية لم تعد كافية بمفردها، وبكين قد بنت لنفسها أوراق ضغط جديدة على جبهة الموارد وسلاسل الإمداد، ما يفرض على كلا الطرفين إعادة ضبط سلوكه الاستراتيجي في المستقبل.

أضف تعليق