أُعيدت تسمية بعض الأشخاص بعلامة نجمية لحماية هوياتهم.
عندما تعرّض مسجد أكمل* للتخريب الأسبوع الماضي في مدينة باسيلدون بمقاطعة إسيكس الإنجليزية، شعر بصدمة وهزّة عميقة. قال الرجل البالغ من العمر 33 عاماً، والذي يعمل مهندس كهربائي وطلب استخدام اسم مستعار: “تأثرت كثيراً. كان الأمر قاسياً لأنّه قريب من بيتي، مسجدّي المحليّ. شعرت وكأنّني تلقيت صفعة في الوجه.”
تعرض مركز جنوب إسيكس الإسلامي في باسيلدون للتشويه قبل منتصف الليل يوم الخميس؛ وُرسمت عليه صلبان حمراء وكتب إلى جانِبها عبارات مثل «المسيح هو الملك» و«هذه إنجلترا». توقيت العملية، عشية صلاة الجمعة، بدا مدبّراً لدى كثيرين — محاولةً لترضيب المصلّين وإثارة الخوف بينهم في تلك المقاطعة الجنوبية الشرقية.
قال: “زوجتي وطفلي يكبران هنا. اريد أن أغادر المنطقة. لا أستطيع البقاء هنا.”
أدان قادة المجتمع المحليّ هذا الاعتداء بشدّة. وصف غافن كالاهان، رئيس مجلس باسيلدون، الفعل بأنه “جبن إجرامي حقير”، وأضاف: “لا تلبسوه حجّاً، لا تبرِّرونه. هذا سلوك حقير يخجل مدينتنا… الجبناء الذين فعلوا هذا سيُقبَض عليهم. أن يحدث هذا قبل صلاة الجمعة مباشرة ليس مصادفة؛ إنه استهداف وإرهاب للنفوس، وجريمة.”
قال واجد أختر، رئيس مجلس المسلمين في بريطانيا: “علم سانت جورج رمز لإنجلترا يجب أن نفخر به جميعاً. أن يُستَخدَم بهذه الطريقة، بما يردّد أصداء استهداف النازيين للمنازل اليهودية، عار على علمنا ووطننا. الصمت سمح لخطاب الكراهية أن يتضخّم.”
تجري شرطة إسيكس تحقيقاً في الحادث، وعمل موظفو المجلس والمتطوّعون في الساعات الأولى من الصباح على إزالة الغرافيتي قبل وصول المصلين، لكن إحساس الخوف ما زال يخيّم على المكان. قال ساجد فاني، البالغ من العمر 43 عاماً ويقطن المنطقة: “لقد صُدمت. لم أتوقع أن يحدث شيء من هذا النوع هنا.”
أسقفُو المنطقة استنكروا أيضاً استغلال الرموز المسيحية في الاعتداء، وصدر عنهم بيان مشترك وصف التشويه بأنه “فضيحة ومضلّل على نحوٍ بالغ”، مؤكدين أن تبرير العنصرية بغطاء ديني هو “خاطئ لاهوتياً وخطير أخلاقياً”.
العنصرية وسط حملة رفع الأعلام
جاء التخريب في ظلّ مناخ متوتر في المملكة المتحدة، مع احتجاجات ضد طالبي اللجوء وحملة على مواقع التواصل عُرفت باسم #OperationRaisetheColours. في الأسابيع الأخيرة، علّق مشاركون في الحملة أعلام إنجلترا (صلبان سانت جورج) وأعلام المملكة المتحدة على جسور المواصلات وأعمدة الإنارة والدائريّات وبعض المتاجر حول البلاد، كما رُشّت صلبان حمراء على خطوط معابر المشاة.
ووفقاً لمنظّمة HOPE not hate المناهضة لليمين المتطرّف، تقود الحملة شخصية اسمها أندرو كوريين، كان عضواً سابقاً في رابطة الدفاع الإنجليزية المعادية للإسلام، ويعمل الآن في صفوف حزب بريتين فيرست المعادي للمسلمين والمهاجرين. ورغم أن بعض المناصرين يقدّمون المشروع بوصفه تعبيراً عن وطنيّة، إلّا أنّه ارتبط بحوادث عنصرية فعلية.
ظهرت كتابات عنصرية في مواقع أخرى أيضاً؛ على بُعد نحو 300 ميل شمال باسيلدون، رُشّت شتائم كارهة للأجانب على مبانٍ في مقاطعة دورهام وهوتِن-لي-سبْرنج شمال إنجلترا.
ألقي باللائمة أيضاً على تركيز الإعلام على قضيّة اللجوء. فقد كرّست شبكات التلفزيون والصحف البريطانية في الأشهر الأخيرة تغطية واسعة لقضية طالبي اللجوء، بينما سمحت بعض منصات التواصل بتفشّي محتوى يعبّر عن الكراهية.
رأى شَبْنا بيغوم، مديرة مركز رنيمييد المتخصّص في مساواة العِرق، أن موجة التخريب جزء من “تكثيف مخيف للإسلاموفوبيا” يغذّيه خطاب سياسي وإعلامي يرمّي باللوم على المجتمعات المسلمة. قالت: “العنف الذي يظهر في شوارعنا وتشويه المساجد هو نتاج مُنَظومات سياسية وإعلامية دأبت على شيطنة الجاليات المسلمة. سواء عبر سياسات أم روايات، طُعِمَنا نظاماً أحادياً يقول إن مشكلاتنا الاقتصادية سببها المسلمون والمهاجرون وطالبو اللجوء.”
وحذّرت من أن التاريخ يُظهر أن الحكومات التي تفشل في مواجهة المشكلات الاقتصادية بينما تُسَلِّم الأقليات كبشّ فداء تنتهي بها الأمور إلى الانهيار. وتساءلت: “كم سيكلّف هذا الخِذلان المجتمعات المسلمة التي تُستَخدَم كسِلاح سياسي؟”
قال فاني في باسيلدون: “الأمر يتعلق بخوف الناس. يزرعون الرّعب في قلوب الناس حين يتعلق الأمر بالمسلمين. أريد أن أُظهِر للناس أننا مثلهم تماماً — نحن بشر.”
قبل أيام من تشويه المسجدّ، رُسم صليب أحمر على الدائريّة المقابلة. وأضاف فاني: “لم أكن منزعجًا من رفع أعلام إنجلترا، لكن هذا مختلف.” «لقد تجاوز الحدّ»
بعد أعمال التخريب، دعا قادة المسجد المصلّين إلى حضور صلاة الجمعة بأعداد أكبر كدلالة على الصمود. وقالت فاني إن الحضور كان أكبر من المعتاد: «الحمد لله، أدى ذلك إلى إقبال مزيد من الناس على المسجد، فكانت النتيجة إيجابية».
«فاصل بين الوطنية والعنصرية الصريحة»
مريم*، امرأة مسلمة تقيم في باسيلدون، وصفت ما حدث بأنه «هجوم على المجتمع المسلم» مؤكدة أن ذلك يعكس مناخاً قاتماً. «هناك فرق بين الوطنية والعنصرية الصريحة أو الإسلاموفوبيا — وبعض الناس هنا يتجاوزون هذا الحد.»
في رأيها، تزامنت موجة احتجاجات ضد إسكان طالبي اللجوء في فنادق في وقت سابق من الصيف مع تصاعد الإساءات المعادية للمسلمين، لا سيما في إيبينغ حيث كان فندق “ذا بيل” محور تحرّكات عنيفة.
بيانات الشرطة لم تؤكد بعد وجود صلة أو ارتفاع واضح في الهجمات العنصرية، لكن الحوادث المبلغ عنها محليّاً تروي قصة مقلقة. الأسبوع الماضي، أُوقف رجل في باسيلدون بعد أن تعرّضت امرأة محجبة وطفلها — حسبما قيل — لإساءات عنصرية، وفي الوقت نفسه قام مخربون برش صلبان سانت جورج على منازل مجاورة. وفي أواخر يوليو، أبلغ السُكّان عن قذف مقذوفات زجاجية من طوابق عليا في مبنى قرب محطة باسيلدون، بدا أنها تستهدف النساء المسلمات والعائلات الملونة.
بعيداً عن هذه الحوادث البارزة، سردت مريم سلسلة أمثلة أخرى شهدتها شخصياً: امرأة من أصول شرق أفريقية أُلقيت عليها شتائم عنصرية، وسائق سخر من امرأة محجبة واصفاً إياها بـ«صندوق بريد». وأضافت: «للأسف، تعرضت انا أيضاً لكثير من الإسلاموفوبيا في باسيلدون — وغالباً أمام طفلي. لقد أثّر ذلك على صحتي النفسية… وخلّف الكثير من الصدمات وحواجز أمام عيش حياة طبيعية.»
رغم أن هجوم المسجد استدعى انتباهاً سريعاً من المستشارين والشرطة، فإن الحوادث المعزولة ضد أفراد كثيراً ما تبقى من دون بلاغ. وقالت مريم: «لو تواصلت الشرطه مع المجتمع بصورة أفضل، وشرحت ما المقصود بجرائم الكراهية، وكيف تُبلَّغ، وكيف تجرى التحقيقات، لكان ذلك أزال الكثير من الحواجز أمام الإبلاغ.»