اقتراح بني غانتس بتشكيل حكومة زمنية مدتها ستة أشهر تستهدف إعادة جميع الرهائن وتمرير قانون تجنيد يهودي شامل هو بالضبط ما تحتاجه إسرائيل عملياً، لكنه لا يتناول العوائق الجوهرية التي تقف في طريق تنفيذه.
ليلة السبت، وقف غانتس، زعيم حزب أزرق وأبيض، أمام الكاميرات وطرح صفقة واضحة: حكومة قصيرة ومحددة الهدف لـ«استرداد الرهائن ودعم الخدمة»، تحدد موعد انتخابي متفقاً عليه في ربيع 2026، وتكرس الفترة الوسيطة لمهمتين فقط.
الأولى: إعادة كل رهينة إلى أهلها. الثانية: تمرير إطار شامل للتجنيد يعامل الخدمة كواجب وطني مع مسارات حقيقية للخدمة العسكرية أو المدنية وتقليل الثغرات القانونية والسياسية.
بعبارة بسيطة: يطلب غانتس تشكيل حكومة وحدة مؤقتة ذات مهمة ضيقة وانتهاء زمني محدد. يؤكد أنه لن يدخل بمفرده، داعياً زعيم المعارضة يئير لابيد وزعيم حزب يُسرائيل بيتينو أفيغدور ليبرمان للانضمام إليه، ويكرر أن هدفه ليس «إنقاذ نتنياهو» بل إنقاذ الرهائن.
قضية pidyon shvuyim — فدية أو خلاص الأسرى — تشكل واجباً أخلاقياً عميقاً في الوعي اليهودي، ولهذا كانت عائلات الرهائن بوصلة الموقف الوطني منذ 7 أكتوبر 2023. اليوم، التقدير الرسمي الإسرائيلي يفيد بأن مجموع الجماعات الإرهابية في غزة تحتجز نحو خمسين رهينة، على الأقل 28 منهم تأكدت وفاتهم، ويعتقد أن نحو 20 لا يزالون أحياءً، مع قلق بالغ بشأن حالتين.
الحكومة تقول إنها ستستأنف المفاوضات «شروطنا» بعدما أبدت حما س انفتاحاً على مقترح وساطة جديد. محاور هذا المقترح تغيرت، لكن المبدأ واضح: أي صفقة جادة ستتطلب اختيارات قد تصدع التحالف الحاكم القائم.
أما الركن الثاني فهو مسألة التجنيد. حسمت المحكمة العليا في 2024 أنه في غياب قانون جديد يجب على الدولة تجنيد طلاب الحلقات الحريدية ووقف تمويل مؤسسات يتجنب طلابها الخدمة. هذا القرار وضع تسوية سياسية عمرها عقود على مؤقت قانوني.
منذ ذلك الحين تعاقبت مسودات قوانين يصبح كل منها شرارة؛ تشديد التجنيد يدفع أحزاب الحريديم إلى الانسحاب، وتليين النص يجلب غضب المحكمة والجيش والجمهور العام. لهذا السبب تعود الأزمة مراراً وإن بفصول متجددة.
يحاول غانتس قطع العقدتين بحبل واحد: حكومة ضيقة المدة مخصّصة فقط لتمرير صفقة للرهائن وإطار للخدمة ثم التوجه إلى صناديق الاقتراع. ويشير أن الصفقة ممكنة، وهناك نفَس سياسي يدعم هذا الادعاء؛ لابيد عرض «شبكة أمان» برلمانية مؤلفة من 24 صوتاً لأي اتفاق على عودة الرهائن، دون مقايضة سياسية — فقط إرجاعهم إلى منازلهم. وفي حال انسحاب اليمين المتطرف من الائتلاف قد تكفي الأصوات نظرياً لتمرير الاتفاق.
عملياً، ثمة أسباب تجعل ذلك غير مرجح.
أولاً: حوافز رئيس الوزراء. بنيامين نتنياهو أرسل إشارات استعداده للتفاوض «بشروط إسرائيل»، بينما يخطط لتوسيع العمليات العسكرية. هو يحكم بتوازن شركائه على اليمين الذين يعارضون التنازل في صفقة أسرى وشركائه من الجناح الحريدي الذين يطالبون بقانون تجنيد أرخَ اللحاف. حكومة وحدة ستستمر ستة أشهر وتمرّر كلا الأمرين من شأنها أن تحل مشكلات إسرائيل وتخلق مشكلة شخصية له: إنها ستقضي على رصيد النفوذ الذي يحافظ على تماسك هذا الائتلاف.
يمكن لنتنياهو أيضاً أن يجادل بأنه لا يحتاج غانتس إذا كانت شبكة لابيد موجودة، فيحتفظ بميزة العرض دون أن يدفع ثمن إعادة ضبط سياسية حقيقية.
ثانياً: حسابات التحالف. قانون التجنيد قضية وجودية لأحزاب الحريديم. قرار المحكمة نهائي، وصبر الجمهور محدود. أي مشروع قانون ذو معنى يهدد تفجير التحالف، وأي مشروع شكلي قد ينسفه القضاء. لذا تعود الأزمة كحلقة مفرغة أسبوعاً بعد آخر.
حكومة وحدة مؤقتة قد تمتص الصدمة لتتمكن البلاد من المضي قدماً، وهذا بالضبط ما سيدفع الشركاء الحاليين لمحاولة نزع فتيل المبادرة قبل اشتعالها.
ثالثاً: قوة غانتس التفاوضية أضعف مما كانت عليه. الاستطلاعات مؤخراً تضع حزبه قرب أو حتى دون مستوى الحسم الانتخابي. قادة المعارضة الآخرين يخشون تشتت الأصوات الوسطية واليسارية كما حصل لميرتز في 2022، ولا رغبة لديهم في منح غانتس أوكسجين سياسي يهدد مواقعهم.
هذا يصعّب تجميع تشكيلة وحدة موثوقة يمكنها الدخول معاً والخروج معاً بعد ستة أشهر.
رابعاً: عجز الثقة. الإسرائيليون لا ينسون اتفاق «التناوب» في 2020 الذي انهار بمشهد من المرارة. غانتس ما زال يحمل ندوب الجلوس إلى جانب نتنياهو، ونتنياهو لا يزال يراهن على الصمود ضد منافسيه بدلاً من تمكينهم. الثقة ليست سياسة، لكنها أداة حكم، ولا يتبقى منها كثير.
مع ذلك، يجب أن نقول بصراحة ما هو بديهي: حكومة ستة أشهر ذات مهمتين هي بالضبط ما تحتاجه إسرائيل. الرهائن أولاً. هذه ليست شعارات بل خيار سياسي. إن بقي عشرون إسرائيلياً على قيد الحياة في غزة، فكل يوم مهم. حكومة تجعل من «إعادتهم إلى الوطن» نجمها الوحيد أكثر احتمالاً لأن تتحمل المخاطر السياسية اللازمة، وتستخدم شبكة لابيد، وتدفع الثمن.
وينطبق الشيء نفسه على الخدمة. معظم الإسرائيليين يتحملون عبء الجيش والاحتياط. إطار خدمة عادل، مع مسارات مدنية حقيقية وإنفاذ فعّال، سيعزّز التماسك الاجتماعي والجيش على حد سواء. المحكمة قد جرّت القضية إلى الوقت الحاضر بالفعل.
الانتخابات العادية المقبلة مجدول إجراؤها حالياً في 27 أكتوبر 2026. غانتس يقترح تقديمها إلى ربيع 2026 بعد سباق قصير لتمرير القرارين الأكثر إلحاحاً. ليس اقتراحاً راديكالياً؛ إنه مسؤولية.
إذن أين يقودنا ذلك؟ إلى فكرة صحيحة وتوقع ضعيف. غريزة بقاء نتنياهو، خطوط التحالف الحمراء، تراجع شعبية غانتس، ودروس الماضي المرة تجعل من غير المرجح أن تنتقل الخطة من المنصة إلى القاعة البرلمانية. أتمنى أن أكون مخطئاً. إذا استطاع غانتس ولابيد وليبرمان ونتنياهو أن يفاجئوا الأمة ويشكّلوا حكومة نصف سنوية تعيد الأحياء وتدفن منظومة تجنيد مكسورة فسأكون أول من يقر بأني أخطأت في قراءة اللحظة.
حتى ذلك الحين، توقع المزيد من حديث «الشروط» و«التوقيت»، المزيد من الإنذارات من الأطراف المتطرفة، والمزيد من التردد. الرهائن لا يملكون هذا الوقت؛ هم بحاجة إلى حكومة تتصرّف كفريق إنقاذ لا مجموعة دراسات.