أصدرت الحكومة الأمريكية عقوبات ضد أربعة مواطنين كولومبيين وأربع شركات يرتبطون بإدارتها، متهمةً إياهم بتشكيل «شبكة عابرة للحدود» تستغل الحرب الأهلية في السودان للربح.
ونشرت وزارة الخزانة الأمريكية بياناً يوم الثلاثاء تضمن أسماء ألفارو أندريس كويخانو بيثيرا، كلوديا فيفيانا أوليفيروس فوريرو، ماثيو أندريس دوكي بوتيرو ومونيكا مونيوز أوكرُوس، واعتبرتهم مشاركين في مخطط لتجنيد عناصر من الجيش الكولومبي السابق للقتال في السودان.
بمجرد وصولهم إلى البلد الافريقية، يُزعم أن هؤلاء الجنود السابقين استُخدموا لتدريب قوات الدعم السريع، وهي تشكيل شبه عسكري انخرط في صراع مرير مع قوات الحكومة السودانية. وذكرت وزارة الخزانة أن هذه القوات «أظهرت مراراً استعدادها لاستهداف المدنيين — بمن فيهم الرضع والأطفال الصغار» وأن وحشيتها عمّقت النزاع وزعزعت استقرار المنطقة ووفرت بيئة مناسبة لنمو الجماعات الإرهابية، حسب تصريح لمسؤول في الخزانة جون ك. هارلي.
وأضاف البيان أن الصراع «أفرز أسوأ أزمة إنسانية مستمرة في العالم». اندلع القتال في السودان منذ أبريل 2023، وأجبر نزاع السنوات الأخيرة أكثر من 12.4 مليون شخص على الفرار من منازلهم، سواء داخلياً أو عبر الحدود؛ كما فرّ أكثر من 3.3 مليون شخص من السودان كلاجئين. ومؤخراً دعت لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى إنهاء الأعمال العدائية مستندة إلى سجل طويل من انتهاكات حقوق الإنسان المنسوبة إلى قوات الدعم السريع وحلفائها، تشمل عمليات قتل بدوافع عرقية، والتعذيب، واستهداف العاملين في المجال الإنساني، واستخدام العنف الجنسي كسلاح.
وفي 7 يناير، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها توصلت إلى نتيجة مفادها أن قوات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية ضد مجموعات إثنية في إطار حملتها المسلحة، مع الإشارة أيضاً إلى وقوع انتهاكات على جانبي النزاع. وبرز بيان الخزانة يوم الثلاثاء هذه النتيجة، مؤكداً أن القتال يهدد المصالح الأمريكية في أفريقيا ويعرض السودان لأن يصبح ملاذاً لمن يهدد الولايات المتحدة.
أكثر من 300 مجنّد كولومبي
رغم أن الخزانة سبق وأن فرضت عقوبات على قادة ومنظمات تابعة لقوات الدعم السريع، فإن العقوبات الاقتصادية الأخيرة سلطت الضوء على الدور الذي لعبه مواطنو كولومبيا في ميادين القتال. وفقاً للحكومة الأمريكية، سافر المئات من قدامى العسكريين الكولومبيين إلى السودان منذ سبتمبر 2024 للتدخل نيابةً عن قوات الدعم السريع. وغالباً ما يبدأ عملهم بتدريب مقاتلي الدعم السريع، بمن فيهم أطفال مجندون، كما يزوّدون تلك القوات بمعلومات حول تشغيل الطائرات المسيّرة، والهاون، والمركبات العسكرية.
واتُهم بعض الكولومبيين أيضاً بالمشاركة المباشرة في القتال، بما في ذلك خلال الحصار الذي استمر 18 شهراً على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال السودان، والتي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في أكتوبر. وجاء في بيان الخزانة أن «المقاتلين الكولومبيين شاركوا في معارك عدة عبر السودان، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، وأم درمان، وكردفان، والفاشر». وأضاف البيان أن وجود هؤلاء المقاتلين لم يكن ليتم لولا مساعدة عدد من الأفراد والشركات، معظمهم في كولومبيا.
وفي رسالة إلى مجلس الأمن الدولي في سبتمبر، قدّر ممثل حكومة السودان أن ما بين 350 و380 مرتزقاً كولومبياً وصلوا للمشاركة في القتال، وذكر أن معظمهم من «الجنود والضباط المتقاعدين من الجيش الكولومبي». وقد اكتسبت كولومبيا سمعة كسوق دولية للمرتزقة، ويعزّي خبراء ذلك جزئياً إلى عقود من الصراع الداخلي الذي شهدته البلاد منذ عام 1964 بين فصائل متعددة، بما في ذلك شبه الجيوش اليمينية الميليشياوية، والمتمردين اليساريين، وشبكات إجرامية، والجيش الرسمي؛ وقد رافق هذا النزاع اتهامات واسعة لانتهاكات حقوق الإنسان راح ضحيتها مئات الآلاف حسب لجنة حكومية للحقيقة.
شبكات تجنيد وتحويل أموال
ذكر بيان الخزانة أن اثنين من الأفراد المطلوبين، كويخانو بيسيرا وزوجته أوليفيروس فوريرو، يديران شركة توظيف مقرها بوغوتا اسمها International Services Agency، والتي تُوصف بأنها تنظم «محادثات جماعية» و«اجتماعات عامة» لتجنيد مقاتلين لكوس السودان بمن فيهم مشغلو الطائرات المسيّرة والقناصة والمترجمون. ويُزعم أن المنظمة تغشّ أفعالها عبر شركة مقرها بنما تُدعى Global Staffing أو Talent Bridge.
كما فرضت الخزانة عقوبات على دوكي بوتيرو ومونيوز أوكرُوس بتهمة إدارة شركة توظيف أخرى في بوغوتا تنتهج أهدافاً مماثلة، هي Maine Global Corp، التي يُقال إنها توظف كولومبيين وتعمل مع Global Staffing لتحويل العملات وضمان مدفوعات المقاتلين. واتُهمت شركة رابعة، Comercializadora San Bendito، بتسهيل الحوالات المالية. وقدّر بيان الخزانة أن المدفوعات التي عولجت بين 2024 و2025 بلغت «ما يعادل ملايين الدولارات الأمريكية».
تجميد أصول ومنع تعاملات
العقوبات تترتب عليها إجراءات تجميد لأي أصول قد يمتلكها الأشخاص أو الكيانات داخل الولايات المتحدة، وتجرّم أيضاً على المؤسسات الأمريكية إجراء أي تعاملات تجارية مع الأشخاص والجهات المدرجة في قوائم العقوبات.