غزو جيش الدفاع الإسرائيلي لغزة: من غير المرجح أن يحقق أهداف الحرب أو يضمن عودة الرهائن

من دون التركيز على الرهائن والمقاتلين المخفيين لحماس في مدينة غزة، فإن سيطرة الجيش الإسرائيلي على مساحات أوسع من الأرض مرجح ألا تحقق أهدافاً استراتيجية حاسمة.

هناك معضلة بنيوية تبدو أنها تعرقل الغزو الحالي لمدينة غزة، تماماً كما قيدت تأثير غزوات سابقة. في آذار، راهنت إسرائيل على استراتيجية جديدة تقوم على احتلال أراضي في غزة لإحداث ضغط على حماس أكثر مما فعلت تكتيكات الاختراق والانسحاب التي اعتمدتها حتى ذلك الحين واستنزفت 24 كتيبة من قوات الحركة. كما رجّحت تل أبيب أن قادة حماس الباقين على قيد الحياة — وهم قلة — قد يفضّلون البقاء على قيد الحياة أكثر من أسلافهم، كما حصل مع حزب الله.

لم تسر الأمور بهذا الشكل، والمشكلات ذاتها التي واجهتها إسرائيل منذ آذار مرشحة لأن تطغى أيضاً على الغزو الأخير لمدينة غزة الذي انطلق الأسبوع الماضي. تبين أنه حتى مع بدء إسرائيل في السيطرة على مساحات كبيرة من أراضي القطاع — الأمر الذي قلّص من القدرة الرمزية لحماس على الظهور كمن يحكم القطاع — ظل قادة الحركة يعلمون أنه ما دامت إسرائيل لا تُعرض حياة الـ20 رهينة الأحياء للخطر، فإنهم يحافظون على ورقة الضغط هذه.

ما الذي تواجهه حماس في الهجوم على غزة؟

بمعنى آخر، لقد ألحقت خسارة الأراضي ضرراً بقدرتها السياسية على السيطرة على السكان إلى حد ما، لكنها لم تكن حاسمة. الاحتفاظ بالرهائن كان العامل الحاسم. لذلك استطاعت حماس التمسّك بمطالبتها بشروط إنهاء الحرب بغض النظر عن خسارتها للأراضي. وقادتها القلائل المتبقون، وأي عناصر شبابية جديدة كانوا في السابق من الإدارة الوسطى، ما زالوا لا يهابون الموت طالما “القضية” مستمرة ولديهم الرهائن.

إذا كانت إسرائيل تأمل أن تؤدي صورة تدمير مبانٍ هائلة في مدينة غزة إلى ردع حماس وإقناعها بأنها لا تستطيع الفوز، فمرت أسابيع منذ بدء تلك الإجراءات دون أن يتغير موقف الحركة. فإذا لم تكن حماس مستعدة للتخلي عن ورقة رهائنها لتجنّب خسارة ثلاثة أو ستة مبانٍ، لماذا ستتخلى عنها مقابل عشرات المباني؟

يقرأ  جون وول — نجم الرابطة الوطنية لكرة السلة — يعلن اعتزاله بعد ١١ موسمًا

تعاني حماس أيضاً من ضغط كبير جراء نزوح السكان المدنيين في غزة، فهي قلقة من اضطرارها لبذل جهد أكبر في ضبط السلوك العام وتحميلها مسؤولية خسارة أحد آخر أجزاء غزة ما قبل الحرب التي ما زالت قائمة. لكنّها أثبتت مراراً قدرتها على الصمود؛ للحفاظ على سيطرتها في القطاع لا تحتاج إلى رضا السكان، بل إلى كمية كافية من السلاح لتخويفهم ومنعهم من الانتفاض والإطاحة بها. يساعدها في ذلك أن نحو 700,000 من أصل نحو مليوني غزيّ مرتبطون أيديولوجياً بحماس، رغم أن جزءًا ضئيلاً منهم فقط يشارك في القتال.

قد يوجد عامل ضغط آخر ناجم عن غزو مدينة غزة: من الممكن أن يتمكّن الجيش من ضبط الباقين من القوات المقاتلة المتشددة — تقديرات تشير إلى نحو 2,000–2,500 مقاتل من فصيلة حماس الصلبة — وربما عناصر من المجموعات الأقل التزاماً، واعتقالهم أو قتلهم. لكن هذا الاحتمال يبدو ضئيلاً لأن الجيش لا يقوم بتفتيش الفارين من مدينة غزة. مع نزوح نحو 500,000 غزيّ خلال الأسابيع القليلة الماضية، فإن غالبية مقاتلي حماس ربما قد فرّوا بالفعل.

يقدّم المتحدث باسم الجيش التحديثات اليومية عن سير العمليات في مدينة غزة. لكنّ ما كان يمكن أن يُسجل في أواخر 2023 وحتى صيف 2024 على أنه قتل مئات أو عشرات من إرهابيي حماس في يوم واحد، بات خلال 2025 يقتصر كثيراً على الإبلاغ عن قتل عدد قليل من المهاجمين أو ضبط مستودعات سلاح من دون تسجيل قتلى. هذا لا يكفي لتفتيت أو القضاء على بقيّة قوات حماس، التي قررت منذ أكثر من عام التريث والاختباء وممارسة حرب عصابات تخرج فيها عندما تسمح الظروف — أي أثناء فترات هدنة فعلية في نشاط الجيش — لضربات خاطفة.

يقرأ  قادة أوروبيون يتوجهون بسرعة إلى الولايات المتحدةلدعم أوكرانيا ودرء خطر الاستسلام

لتحرير الرهائن يبدو أن هناك مسارين واضحين: صفقة — وقد رفض رئيس الحكومة اقتراحاً الشهر الماضي بإعادة عشرة رهائن مقابل وقف لإطلاق النار لمدة 60 يوماً — أو شنّ عمليات متزامنة لقوات خاصة على المواقع المعروفة للرهائن على أمل تحقيق عمليات إنقاذ ناجحة مع الاستعداد للأسوأ. إن لم تختر إسرائيل أحد هذين الخيارين، فستحتفظ حماس بورقة الضغط هذه.

أما بشأن هزيمة حماس فليس أمام إسرائيل سوى خيارين صعبين: إما أن تجري فحصاً أمنياً شاملًا لسكان القطاع في محاولة لاكتشاف المقاتلين المتبقين، وإما أن تُنهِي الحرب مع الاحتفاظ بقوات تُشن غارات متكررة على غزة على مدى سنوات في محاولة لتقويض الدعم العسكري للحركة تدريجياً. كلا الخيارين غير مضمونين ومن الصعب تنفيذهما.

في غياب مثل هذه الاستراتيجيات، من غير المرجّح أن تُحقق استعادة مدينة غزة وحدها الأهداف الاستراتيجية التي تسعى إليها إسرائيل.

أضف تعليق