تفشّي الأمراض يغمر مستشفيات الخرطوم في السودان المنهك جراء الحرب

تداعيات تفشّي الأمراض في الخرطوم

تشهد أروقة مستشفى أم درمان اكتظاظاً حادّاً تحوَّلت معه ممرات المستشفى إلى عنابر مؤقتة لمرضى حمى الضنك، في ظلّ تفشٍّ واسع للأمراض المنقولة بواسطة البعوض. وفّرت مواسم الأمطار ظروفاً مثالية لتكاثر النواقل، ما أدّى إلى تسجيل آلاف الحالات خلال الأسابيع الأخيرة.

في أحد المرافق الطبية القليلة المتاحة على نطاق واسع بالعاصمة، قال مريم محمد (اسم مستعار) إن شقيقها محمد صديق شعر بأعراض حمى الضنك قبل أسبوعين وخضع للفحص في مركز صحي قريب، فأُحيل إلى مستشفى محلي لم يتسنّ له فيه العلاج، ليُنقل بعد ذلك إلى مستشفى أم درمان. وبيّن أقارب مرضى آخرين أن العلاج ظلّ يقتصر على السوائل عبر الوريد دون تحسّن ملحوظ.

بعد ما يقارب العامين ونصف من القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوّات الدعم السريع، تحاول الخرطوم جاهدةً استعادة ما تهدّم من بنيتها الصحية والاجتماعية، لكنّ الأرقام الرسمية تشير إلى أن نحو نصف مستشفيات العاصمة تعرّضت للتدمير أو تعطّلت نتيجة الحرب التي اندلعت في أبريل 2023، والتي صاحَبَتْها موجات من القتل على أسس عرقية ونزوح جماعي، ووصفهاَت الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية عالمية في العصر الحديث.

تداعيات التفشّي: ضغط وإخفاق في الاستجابة

في منطقة واحدة فقط بالعاصمة سجّل مقدمو الرعاية أكثر من ٥٠٠٠ حالة من الملاريا والتيفوئيد وحمى الضنك خلال الشهر الماضي، مُصاحبةً بعشرات الوفيات، ما وضع مراكز الصحة تحت ضغط شديد مع عودة آلاف الأسر إلى الخرطوم. النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية دفع بالعديد إلى اللجوء لطرق علاج بديلة ومنزلية.

قال محمد علي، الذي عاد إلى منزله في بحري بعد استعادة القوات الحكومية للمدينة في مارس، إنه أُصيب بالملاريا وحمى الضنك في الوقت نفسه، لكنه فضَّل العلاج المنزلي والأعشاب الشعبية لأن مركز الحي لم يكن مجهزاً بشكل كافٍ. «اختبرت في مركز صحي بمنطقة أخرى لأن المركز عندنا لا يملك الإمكانات. حصلت فقط على علاج للملاريا، فتابعت دوائي في البيت واضفت بعض الوصفات التقليدية لأنها أسرع من الانتظار في المستشفى»، قال علي.

يقرأ  معلّم موسيقى يحوّل أصوات الحرب المتواصلة في غزة إلى وسيلة للمقاومة ضد إسرائيل

تحذيرات وتقويم الوضع الإنساني

منظمات الإغاثة حذّرت من أن أعداد المصابين الذين تظهر عليهم نتائج إيجابية قد ترتفع في الأسابيع المقبلة، إذ تُفاقم المستشفيات المثقلة بمرضى القتال ونقص الموظفين والامدادات مشكلات الرعاية الأساسية. يخشى العاملون الصحيون والمنظمات أن يؤدي استمرار النقص والتكدّس إلى ارتفاع أعداد الوفيات إذا لم تتوفّر استجابة طارئة وممنهجة لإعادة تأهيل المرافق الصحية وتأمين الإمدادات الطبية الضرورية.

أضف تعليق