رئيس الوزراء القطري: خطة وقف النار المقترحة من ترامب تستجيب للأهداف الرئيسية وتترك تحديات تنفيذية
قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، إن خطة وقف إطلاق النار في غزة التي عرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحقق الأهداف الأساسية التي طرحها الوسطاء — وقف القتل والتهجير — ودعا جميع الأطراف إلى استثمار “الزخم” لإنهاء الحرب الإسرائيلية. وأضاف أن الدوحة نقلت الخطة، التي حظيت بتأييد مبدئي من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى فريق تفاوضي حماس وناقشت البنود العامة معها.
وأشار الشيخ محمد في مقابلة مع قناة الجزيرة إلى أن الخطة تواجه “تحديات عملية وتنفيذية”، لكنه أكد أنها تعالج الأولوية الأكثر إلحاحًا: إنهاء إراقة الدماء في قطاع غزة وفتح أبواب لفرص لاحقة. “اتفق الجميع على وقف الحرب، ومنع التهجير، والانسحا ب الكامل للجيش الإسرائيلي. هذه الثلاث مسائل هي المحورية”، قال. وأضاف: “والجهة المسؤولة مباشرةً عن إدارة شؤون غزة هم الفلسطينيون أنفسهم. التركيز الأساسي هو كيفية حماية السكان في غزة.”
وتلقى الشيخ محمد اعتذارًا من نتنياهو يوم الإثنين عن مقتل مواطن قطري خلال هجوم إسرائيلي غير مسبوق استهدف قيادات في حماس بالعاصمة الدوحة الشهر الماضي، وهو الهجوم الذي أثار إدانات دولية واسعة. وجاء الاعتذار خلال مكالمة مشتركة بين ترامب ونتنياهو تلقّاها الشيخ محمد أثناء اجتماعهما في البيت الأبيض.
دعم إقليمي وشروط الخطة
حظيت الخطة المكونة من عشرين نقطة بدعم عدد من الدول العربية والإسلامية، بما في ذلك السعودية والإمارات وقطر ومصر وتركيا وإندونيسيا. وتنص الخطة أنه عند الاتفاق عليها سيتوقف القتال فورًا وتُسمح بدخول “مساعدات كاملة” إلى القطاع. كما أعلن مسؤولون أن تركيا ستشارك في محادثات الوساطة المنعقدة في الدوحة، وأن أنقرة تقف الآن كجزء من المبادرة الأمريكية وتتعاون معها عن كثب.
تنص الخطة كذلك على إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين خلال 72 ساعة من قبولها، يتبعه إطلاق سراح إسرائيل لما يقارب ألفي سجين فلسطيني. وعلى أن تتخلى حركة حماس عن السلطة وتُجرد من سلاحها، مع منح أعضائها عفوًا. كما تقترح نشر قوة دولية مؤقتة للإشراف على الأمن وتدريب الشرطة الفلسطينية المحلية، وتكليف لجنة تكنوقراطية فلسطينية بتولي إدارة مؤقتة للشؤون المدنية.
قضايا لم تُحسم وضمانات غامضة
أوضح الشيخ محمد أن تفاصيل بعض البنود، وخصوصًا آلية الانسحا ب الإسرائيلي وتشكيل الإدارة الفلسطينية المستقبلية، بحاجة إلى مزيد من التوضيح والتفاوض. الخطة لا تحدد جدولًا زمنيًا واضحًا للانسحاب ولا معايير محددة، وتمنح إسرائيل بشكل غامض حق الحفاظ على “محيط أمني” حتى يتم “تأمين” الأراضي، وهو ما يثير تساؤلات حول حدود هذا الحق وإجراءاته.
وقال الشيخ محمد إن بلورة هذه التفاصيل “من عمل الجانب الفلسطيني مع الجانب الإسرائيلي، ومع المجتمع الدولي الداعم، ويجب أن تكون هناك أطر قانونية واضحة لهذا الأمر، والتي بطبيعة الحال ستكون أمام مجلس الأمن الدولي.”
الردود والتحفظات
حسب الدوحة، وعدت حماس بـ”دراسة الخطة بمسؤولية” لكنها لم ترد رسميًا حتى الآن. وأعطى ترامب المجموعة ثلاثة إلى أربعة أيام للرد وحذر من أن عدم التوقيع سيجعلها “تدفع ثمنًا باهظًا” — بحسب تصريحاته. وعلّق مراسل الجزيرة مايك هناء من واشنطن بأن “الخطة ليست عرضًا كما أوضح ترامب، بل إنها إنذار نهائي”.
أبدى محللون وخبراء مخاوف من أن الخطة لا تمنح الفلسطينيين ضمانات كافية للأمن أو طريقًا حقيقيًا نحو حكم ذاتي دائم. وقالت المحللة والمحامية الفلسطينية ديانا بوتو إن “الضمانات المتوافرة ليست للفلسطينيين؛ لا توجد ضمانة واحدة حقيقية لهم، جميع الضمانات هي لإسرائيل.” كما حذّرت فيليس بينيس من معهد دراسات السياسات من أن هناك دلائل قوية على أن إسرائيل قد تعود إلى الحرب متى قررت ذلك.
خلفية القتال والتبعات الإنسانية
تأتي جهود إحياء وقف النار في ظل تصعيد عسكري إسرائيلي يركز على ما وصفته إسرائيل بآخر معاقل حماس في مدينة غزة، بعد ما يقارب عامين على اندلاع الحرب. ووفق وزارة الصحة في غزة، منذ 7 أكتوبر 2023 تسبّبت الهجمات الإسرائيلية بوفاة 66,097 فلسطينيًا وإصابة 168,536 آخرين، كما أدت قيود المساعدات إلى انتشار سوء التغذية وأسفرت عن 453 حالة وفاة مرتبطة بالجوع.