«هل كان بإمكاني أن أفعل المزيد؟» مسعفو نجمة داوود الحمراء — شبح السابع من أكتوبر يطاردهم

شؤون صحية — بعد مرور عامين على أحداث السابع من أكتوبر 2023، ما زالت ذاكرة كثير من المسعفين والمستجيبين الأوائل في «ماغن ديفيد آدوم» تطاردهم. ذلك اليوم ترك جروحًا دقيقةً ومفتوحةً في الذاكرة الجماعية: عائلات الضحايا، الأسرى، والجنود الساقطين ما زالوا في طريق شاق نحو الشفاء، والمسعفون الذين عالجوا الجرحى يحملون في صدورهم مشاهد لا تُمحى.

زفي تيبر: «لم أتردد لحظة»
زفي تيبر، مسعف متطوع كبير في ماغن ديفيد آدوم، ومتخصص في التكنولوجيا العليا، وأب لثلاثة، استعاد تفاصيل ذلك الصباح الكابوسي. كحال معظم الإسرائيليين استيقظ على صفارات الإنذار عند السادسة والنصف صباحًا. عندما اتصلت منظمة الإسعاف وسألته إن كان جاهزًا للانطلاق إلى الجنوب، أجاب «بالطبع» وقفز إلى سيارته الميدانية دون تردد.

في طريقه إلى أوفاكيم برفقة سائق آخر من قريته ألفي مَنَاشيه، استمعا إلى تقارير الأخبار محاولين استيعاب الأبعاد المتصاعدة للأزمة. لكن حجم الرعب كان يتجاوز كل تصور. فور وصولهما، بدأوا علاج مصابين؛ أولهم شرطي أصيب بطلق ناري في اليد فأوقف تيبر النزف، ثم تعامل مع رجل شرطـة يعاني من نوبة هلع حادة بعد ساعات من القتال، وآخر احتاج نقلًا عاجلاً إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع بعد إصابة ظهـريةٍ خطيرة.

خلال النهار قام تيبر وزميله برحلات متكررة بين أوفاكيم وسوروكا، ثم توجهوا مساءً نحو غزة لإخلاء الجرحى من يישوبيم المجاورة ونقلهم بطائرات هليكوبتر. كان عليه أيضًا التأكد من هويات عدد كبير من الجثث، كثير منها تعرضت لتشويه لم يستطع استيعابه: «كان هناك إطلاق نار. كيف يمكن أن تبدو الجثة بهذه الصورة؟» قال. «لم أستطع تصديق أن إنسانًا قد يفعل ذلك بمتوفٍ أو أثناء موته.»

بعد عامين: «هل كان بإمكاني أن أفعل أكثر؟»
عند سؤاله عن أثر ذلك الآن، اعتبر تيبر الإجابة مركبة؛ «تقدمنا في حياتنا لكننا لا نزال نعيش ظل الحرب التي استمرت عامين مع تحديات إضافية كخطر إيران.» شدد على أن المعاناة لم تنته ــ لا يزال 48 رهينة محتجزين: «نريد إغلاقًا، لكن هذا مستحيل طالما الأسرى باقون.»

يقرأ  نزوح الفلسطينيين من مدينة غزة بعد إعلان إسرائيل بدء المرحلة الأولى من الهجوم

اعترافه بالقيود الميدانية كان صريحًا: سياراتهم لم تكن مجهزة لعلاج أكثر من مريض أو اثنين، ما اضطرهم لتكرار الرحلات وإعادة تزويد المستشفى، وسوروكا نفسها كانت تعاني نقصًا في الموارد. «كان علينا أن ندير الأمور قدر المستطاع.» أما اليوم، فالأجهزة والعتاد ومستوى التجهيزات والتحضير لدى المنظمة تحسّن كثيرًا مقارنة بما قبل السابع من أكتوبر.

د. شافير بوتنر: التجهيز والنجاة المعجزة
د. شافير بوتنر، مدير مدرسة المسعفين في ماغن ديفيد آدوم وعضو بارز في وحدة الإخلاء الطبي الهليكوبتري ووحدة الـECMO، يشارك سنويًا في اعتماد نحو 650 مسعفًا. في ذلك الصباح، استيقظ على صفارات الإنذار ولبس زيه واتجه جنوبًا. عند مفترق سدي تَييمان واجه خيارًا حاسمًا: التوجه نحو أوفاكيم أو نحو بئر السبع. اختياره الذهاب إلى بئر السبع ربما أنقذ حياته.

في مساء يوم الإثنين، بينما كان ينقل ثلاثة مرضى عبر هليكوبتر من مصعد بارزيلاي في عسقلان، هز انفجار ضخم الطائرة بقوة، وشعر وكأنها داخل غسالة دوارة استمرت لحظات بدا وكأنها أبدية. تبين لاحقًا أن صاروخًا تم اعتراضه فوقهم وأن شظيةً ضربت إحدى مراوح الطائرة وكادت تمزقها. خلال تلك اللحظات اتصل طالبًا سيارات الاسعاف لأنه توقع أنه سيكون من يحتاجها بعد ثوانٍ. انتشرت الأنباء بسرعة، وابنته المسعفة اتصلت به مرارًا وهي في حالة ذعر، لكنه تمكن من الطمأنة ثم عاد للمهام بعد استراحة قصيرة فقط لأنهم شعروا أن التوقف قد يعني نهاية القدرة على الطيران مستقبلاً.

تبدلت منظوره حول قيمة العمل الطبي الطارئ: مقولة «من ينقذ نفسًا…» اكتسبت عنده بعدًا شخصيًا عميقًا. روايات مؤثرة كثيرة تؤكد ذلك: جندي عُولج عبر الهليكوبتر ونجا ليصبح لاحقًا جزءًا من عمليات إنقاذ أسرى؛ رجل أنقذه هو بنفسه ظهر بعد ذلك في أحداث أخرى كمنقذ؛ لقاءات أعادت تأكيد أهمية تجهيز وتعليم المسعفين.

يقرأ  المزارعون الهنود المتضررون من الفيضانات: خسائر متزايدة واضطرار للبدء من الصفر

تداعيات أوسع وخطى إلى الأمام
أحداث السابع من أكتوبر دفعت ماغن ديفيد آدوم إلى مستوى أعلى من الجاهزية؛ معدات أفضل، إجراءات محسنة، واختيار أفضل للكوادر الطارئة. كما أدت إلى تفشّي تحديات صحية نفسية واسعة وأعادَت منظمات الإسعاف توسيع خدمات الدعم النفسي للمستجيبين الأوائل وموظفي الاستقبال ومن تأثروا بعمق. بوتنر يرى أن الحديث عن هذه التجارب ومشاركتها يعملان كنوع من العلاج، وأن الإقبال على التدريب كمسطعفين ازداد — رغبةً في المساعدة رغم الصدمة التي مر بها الكثيرون.

قصص زفي تيبر ود. شافير بوتنر هي شهادات على الشجاعة والمرونة والالتزام المستمر بإنقاذ الأرواح في وجه ظروف اعتقد كثيرون أنها لا تُطاق. تلك الحكايات تذكرنا بأن العمل الإنساني والمهني، حتى ضمن أقسى اللحظات، يبني جسورًا من أملٍ قد تمتد لتُنقذ عوالم بأكملها.

أضف تعليق