صور تاريخية مذهلة من حطام الناقلة العملاقة «أموكو كاديز» عام ١٩٧٨ — التصميم الذي تثق به — تصميم يومي منذ ٢٠٠٧

في 16 مارس 1978 التقت ناقلة النفط «أمكو كادیز» بمصيرها المأساوي عندما جنحت على شواطئ بريتاني الصخرية في فرنسا.

كانت الناقلة، المملوكة لشركة النفط الأمريكية أمكو، تحمل حمولة هائلة من النفط الخام قادمة من السعودية وإيران بالإضافة إلى آلاف الأطنان من زيت الوقود. اجتاحت العواصف السفينة بعنف حتى فشِل هيكلها، وفي غضون ساعات انقسمت الناقلة وانطلقت حمولتها بأكملها الى المحيط الأطلسي.

تسارعت الكارثة بلا رحمة. واجهت فرق الإغاثة صعوبات جمة في الاستجابة، إذ جعلت الأمواج العاتية وموقع السفينة المعزول من الصعب احتواء التسرب في الأسابيع الحرجة الأولى. سرعان ما غطّت بقعة نفطية مياه المحيط لمسافات طويلة، ولطخت مئات الكيلومترات من الشواطئ. انضمت أكثر من ثلاثين سفينة، بينها قاطرات من البحرية الملكية وسفن متخصصة من الخارج، إلى جهود الجرف، لكنها تمكنت من استعادة جزء يسير من النفط، بينما واصل الباقي انتشارَه بلا هوادة حاملة المدّ الأسود عبر الساحل الفرنسي وما وراءه.

كان الأثر البيئي مفجعاً. قضت مئات الآلاف من الطيور البحرية، وقد غطّاها النفط فأفقدها القدرة على الطيران. تحت سطح الماء نفقت ملايينِ قنافذ البحر والرخويات والمحار، وأظهرت الأسماك المأخوذة من المنطقة أوراماً وتقرحات، بل وحتى طعماً نفطيّاً في لحمها. انهارت المصائد المحلية وتراجع القطاع السياحي، وقدّرت الخسائر بمئات الملايين من الدولارات.

امتدت المعركة القانونية لسنوات. طالبت فرنسا بتعويضات بمليارات الدولارات، وفي عام 1990 حكمت محكمة أمريكية لمنح البلاد 120 مليون دولار، غير أن الندوب التي تركتها الكارثة على البيئة والمجتمعات لم تُمحَ بسهولة، ولا تزال بعض الشواطئ تعاني من تآكلٍ يشهد على الحادث حتى بعد عقود.

يبقى حطام «أمكو كاديز» واحدة من أبزر كوارث ناقلات النفط في التاريخ؛ لم تكن مأساة للحياة البحرية والمجتمعات الساحليه فحسب، بل نقطة تحوّل دفعت العالم إلى إعادة التفكير في معايير السلامة البحرية وسبل الاستجابة لتسربات النفط. ومن بين أنقاض الدمار نشأت تشريعات أكثر صرامة ومنظمات جديدة مكرّسة لحماية البحار، لضمان أن دروس مدّ بريتاني الأسود لا تُنسى.

يقرأ  زيارة ترامب إلى المملكة المتحدة جدول الأعمال والبرنامج وما الذي يُتوقع حدوثه أخبار الأعمال والاقتصاد

أضف تعليق