إنذار بوقوع جرائم حرب — نفاد الغذاء يهدد الفاشر

رويترز

حفرتْ أطراف من ساكني المدينة ملاجئ أرضية بجانب المباني في محاولة لحماية أنفسهم من القصف المتواصل.

تُظهِر صور الأقمار الصناعية كيف ينتهك جهاز الدعم السريع، التابع لما يسمى بالقوات شبه العسكرية في السودان، القوانين الدولية من خلال استهداف المدنيين عمداً في مدينة الفاشر المحاصرة — أفعالٌ يصفها فريق بحثي بجامعة ييل بأنها جرائم حرب.

«نراقب توسّع مقبرة جديدة كاملة تضم أكثر من ستين تلة دفن جديدة شُيِّدت خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين»، قالت كيتلين هووارث من مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل لبرنامج نيوزداي على بي بي سي.

المدنيون الآن محاصرون تماماً بلا أمل في الهرب بعد أن أكمل الدعم السريع مؤخراً بناء جدار ترابي طوله نحو 57 كيلومتراً حول المدينة.

المقيمون اليائسون في آخر معاقل الجيش في دارفور يصرحون بأن مخزون الطعام نفد.

وقال بيان صادر عن لجنة المقاومة في الفاشر، المكوّنة من مواطنين ونشطاء محليين، يوم الثلاثاء: «لا شيء تبقّى للأكل اليوم — نفدت كل الإمدادات الغذائية».

وأضاف البيان: «حتى البدائل التي تمسّك بها الناس للبقاء على قيد الحياة اختفت»، مشيراً إلى ما يُعرف محلياً باسم “أماباز”، وهو بقايا الفول السوداني بعد استخراج الزيت، الذي كان يُستخدم طعاماً للحيوانات.

تنحدر جذور الدعم السريع من ميليشيا الجنجويد المشهورة التي وُجّهت إليها اتهامات بالإبادة والتهجير العرقي ضد غير العرب في الإقليم.

اندلع القتال في السودان في أبريل 2023 بعد صراع شديد على السلطة بين الجيش وجهاز الدعم السريع.

ومنذ اندلاع الحرب، وُجّهت اتهامات لمقاتلي الدعم السريع وميليشيات عربية متحالفة في دارفور باستهداف مجموعات عرقية غير عربية.

تعرضت الفاشر للحصار منذ ثمانية عشر شهراً، وفُرض انقطاع اتصال يجعل من الصعب التحقق من الأنباء الواردة من المدينة، إذ لا يمكن التواصل إلا عبر شبكات الإنترنت الفضائية.

يقرأ  إعصار «إيرين» يهدد بفيضانات في بورتو ريكو وجزر فيرجن

حذرت لجنة المقاومة من أن الوقت يضيق لحوالى 300 ألف شخص لا يزالون يقيمون في المدينة.

قالت اللجنة: «نكتب، ونصرخ، ونتوسّل؛ لكن يبدو أن كلماتنا تسقط في فراغ. لا طائرات مساعدات، ولا جسور جوية إنسانية، ولا تحرّك دولي حقيقي، ولا جهود برية لرفع الحصار».

أخبر تجار داخل المدينة موقع سودان تريبيون أن مطابخ المجتمع اضطرّت إلى التوقف عن توزيع الوجبات على النازحين في الملاجئ، وأن المواد الغذائية اختفت تماماً حتى من المحال التي كانت تُهرَّب إليها بضائع تُباع بأسعار باهظة.

يحيط بالجدار الترابي الآن مدينة الفاشر من جميع الجهات.

قالت هووارث لبي بي سي إن المدنيين طُرِدوا في الأشهر الأخيرة من مخيمات النزوح حول الفاشر ومناطق أخرى بعمليات إحراق، وفي بعض الحالات بما بدا كبعمليات “تطهير منزل بمنزل”.

أصبح آخر ملاذاتهم «مناطق أصغر وأصغر»، مركزة في ملاجئ داخل المساجد وقرب المستشفيات والأسواق — مناطق تتعرّض لقصف متكرر.

أظهرت صور الأقمار الصناعية «ندوب حرق» حيث استُهدفت مبانٍ بعينها بعواقب وصفتها هووارث بـ«المروّعة».

شرحت أن هناك ذخائر نُزِّلت من الجو — قد تكون مزيجاً من طائرات مسيّرة وذخائر مدفعية اخترقت الأسقف متفجرةً عند الاصطدام ومحرقةً كل ما داخل تلك الأبنية — ونقلت مصادر ميدانية للباحثين أن من كان بداخل بعضها «قد حُرقوا أحياء».

وجَدَ باحثو مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل أن الهجمات في الشهر الأخير شملت مأوىين أحدهما كان مطبخاً مجتمعياً، ومسجدين، ومستشفى واحداً، وسوقاً واحداً، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 174 شخصاً وإصابة 123 على الأقل.

وأشار تقرير المختبر إلى أن «هذه الحوادث تشمل فقط ما وثّقه المختبر عبر الاستشعار عن بعد أو توثيق المصادر المفتوحة أو مزيج من الطريقتين، ومن المحتمل أن تكون إحصاءاتٍ دونية».

يقرأ  اعتقلت الشرطة البلجيكية ثلاثة أشخاص بتهمة التخطيط لهجوم بطائراتٍ مسيَّرةٍ على رئيس الوزراء

وأضاف التقرير أن «هذه الأفعال تعدّ جرائم حرب ظاهراً وقد تَرْتقي إلى مستوى جرائم ضد الانسانية».

حدّد الباحثون كذلك أنه بين 26 سبتمبر و10 أكتوبر شُيّدت 60 تلة دفن في مقبرة جديدة بحي الدارجة أولى، وهو أحد القِطَع القليلة التي لا تزال تحت سيطرة الجيش وحلفائه من الفصائل المحلية المعروفة بالقوات المشتركة.

قالت هووارث إن المخرجين الخاضعين لسيطرة الدعم السريع من المدينة باتوا أربعة فقط.

ودعت إلى «وقف فوري لهذه الأعمال العدائية، والسماح للمدنيين بالمغادرة الفورية والآمنة من الفاشر دون مضايقة أو ابتزاز أو خطر الإعدام خارج نطاق القانون».

«وينبغي السماح بدخول المساعدات الانسانية بالكامل دون أي تهديد بالقصف أو الهجوم.»

المزيد عن الحرب الأهلية في السودان:

أضف تعليق