عقوبات الخزانة الأميركية واستهداف قياديي عصابات هايتي
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن فرض عقوبات على شخصين من هايتي؛ أحدهما ضابط شرطة سابق والآخر يُزعم أنه زعيم عصابة، بسبب انتمائهما إلى تحالف الجريمة المعروف باسم “فيف أنسانم”. وذكرت الوزارة في بيان صحفي يوم الجمعة أن ديميتري هيرار وكيمبس سانون تواطئا مع تحالف فيف أنسانم بما أسهم في تفشي العنف في هايتي.
تمنع العقوبات كلا الرجلين من الوصول إلى أصول أو ممتلكات داخل الولايات المتحدة، كما تحظر على كيانات ومؤسسات مقرها الولايات المتحدة إجراء أي معاملات مالية أو اقتصادية معهما. وقال برادلي تي. سميث، مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للخزانة الأميركية، في بيان إن “الإجراء اليوم يؤكد الدور الحاسم لزعماء العصابات والميسرين مثل هيرار وسانون، الذين تمكّن دعائمهم حملة العنف والابتزاز والإرهاب التي تقودها فيف أنسانم في هايتي”.
خلفية وتوسع الحملة الأميركية
منذ توليه فترة رئاسية ثانية، اتخذ الرئيس دونالد ترامب موقفاً صارماً من المنظمات الإجرامية في أمريكا اللاتينية، ووجه اللوم لتلك المجموعات على موجات الهجرة غير المنظمة وعمليات تهريب المخدرات داخل الأراضي الأميركية، مستخدِماً لغة قومية وصوراً تصف نشاطها بأنه “غزو إجرامي” لتبرير إجراءات أشمل، بما في ذلك العمليات البحرية.
في أول يوم له في الحكم، 20 يناير، أصدر ترامب أمراً تنفيذياً مهد الطريق لإمكانية تصنيف مجموعات إجرامية لاتينية كـ”منظمات إرهابية أجنبية”. وبعد أسابيع، وفي مايو، أُدرج تحالف فيف أنسانم ومجموعة “غران غريف” من هايتي ضمن قوائم المنظمات الممنوحة صفة “إرهابية أجنبية”.
انهيار المؤسسات وتوسع العصابات
منذ اغتيال الرئيس الهاييتي جوفينيل مويس عام 2021 تبلورت فراغات سلطوية خطيرة في البلاد؛ آخر انتخابات وطنية عُقدت في 2016، وانتهت مدة آخر المسؤولين المنتخبين ديمقراطياً في 2023. وأدى ذلك إلى أزمة ثقة عامة استغلتها الشبكات الإجرامية بما فيها العصابات لتوسيع نفوذها. ويُعَد تحالف فيف أنسانم من أقوى هذه التشكيلات؛ فهو ائتلاف لعصابات متفرقة تتركز معظمها في العاصمة بورت أو برنس.
حذّرت غادة والي، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في يوليو من أن العصابات باتت تسيطر تقريباً بشكل شبه كامل على العاصمة، حيث يسيطرون على نحو 90% من أراضيها. وأدت موجات العنف إلى نزوح نحو 1.4 مليون شخص داخل البلاد، بزيادة 36% مقارنة بعام 2024؛ كما سُجل مقتل أكثر من 5,600 شخص وإصابة 2,212 آخرين خلال العام الماضي.
تفاصيل الاتهامات ضد هيرار وسانون
اتهمت الخزانة الأميركية هيرار، الضابط السابق، بالتواطؤ مع تحالف فيف أنسانم من خلال تقديم تدريب وإمداد بالأسلحة. وذكر البيان أن هيرار كان قد سُجن في ملف اغتيال مويس، لكنه فرّ من الاحتجاز في 2024. أما سانون فحدّدته الخزانة كقائد لعصابة بيل إير المنضوية تحت مظلة فيف أنسانم، وقالت إنه “لعب دوراً كبيراً” في بناء قوة التحالف، وتورط في عمليات قتل وابتزاز واختطاف.
موقف الأمم المتحدة والردّ الأميركي
وافق مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة، على إدراج هيرار وسانون ضمن العقوبات، وقرر أيضاً تمديد حظر الأسلحة على هايتي الذي بدأ تطبيقه في 2022. وفي سبتمبر، أقرّ المجلس أيضاً إنشاء “قوة لمكافحة العصابات” بعهدة لمدة 12 شهراً للعمل مع الشرطة والجيش الهايتيين؛ من المتوقع أن تحل هذه القوة محل بعثة بقيادة كينيا لتعزيز قدرات الأمن في البلاد، ومن المقرر أن تشمل نحو 5,550 فرداً.
إلا أن الإدارة الأميركية اعتبرت خطوات الأمم المتحدة غير كافية، وطالبت بمزيد من الإدراجات المستهدفة ضد أفراد متّهمين آخرين. وورد في رسالة مفتوحة من السفيرة الأميركية جنيفر لوكيتا: “بينما نُثمن قرار المجلس بتسمية هؤلاء الأفراد، فإن القائمة ليست مكتملة. لا يزال هناك أكثر من ميسّر لعدم استقرار هايتي يفلتون من المساءلة. هايتي تستحق أفضل من ذلك؛ زملائي، سنواصل الضغط من خلال مجلس الأمن وهيئاته الفرعية لضمان أن تكون قوائم العقوبات فعّالة وتؤدي الغرض.”