دير البلح، غزة — في ساعة متأخرة من مساء 8 أكتوبر 2025، بينما غرق الجميع في النوم، بقيت مستيقظة أتصفح هاتفي ومجموعات الصحفيين بحثاً عن آخر المستجدات. كانت هناك روايات متضاربة عن محادثات وقف النار — تقدم هنا، تراجع هناك، بارقة أمل ثم شديدة من الشك.
مع نفاد بطارية هاتفي، غفوت أخيراً، لتوقظني بين الحين والآخر أصوات قصف بعيد تروى ما عجز هاتفي عن قوله.
عند طلوع الفجر في صباح 9 أكتوبر، وجدت شبكة الواي فاي مقطوعة. صعدت إلى السطح أبحث عن إشارة eSIM. ومع طلوع الشمس بدأت التحديثات بالتحميل، وهناك كانت الرسالة: اعلان عن اتفاق لوقف النار في غزة — سيدخل حيز التنفيذ خلال ساعات.
نظرت إلى البيوت والخيام النائمة، وحزنٌ خَطَف قلبي لأننا كنا آخر من عرف. ثم اجتاحني نبض من الفرح. صرخت: «انهضوا، الحرب انتهت».
«تحلفي؟» قال زوجي بنبرة ما تزال نصف نائمة، كان حوالي السادسة وخمسة وأربعين دقيقة صباحاً. أريتُه العناوين، فاستفاق من حولنا تدريجياً — والدي، أخواتي، وأخي وزوجته وأطفاله الذين كانوا يقيمون معنا بعد نزوحهم من الشمال. لم يصدق أحد في البداية، لكن ابنتي بانياس، البالغة تسع سنوات، أشرقت وجهها ابتهاجاً.
«بجد؟ قصدك فعلاً؟» سألت وهي تقفز فرحاً ودموعها تجرّ وراء ابتسامتها.
طفلة تبكي من فرط السعادة.
بركة زفاف إسلام
فرحة بانياس أعادت إلى ذهني أن ذلك اليوم كان أيضاً يوم زفاف صديقتي إسلام. قبل يومين فقط زارتني إسلام مع زوجة أخيها لتتحدث عن تفاصيل العرس. كانت الخطبة قد تمت خلال الهدنة الأولى في فبراير 2025، لكن حفل الزفاف تأجل خمس مرات.
قبل أسبوع واحد فقدت عائلتها كل ما تملكه عندما نزحت جنوباً من مخيم الشاتئ في غرب مدينة غزة إثر غارات جوية. وعائلة خطيبها نزحت بدورها. عند تلك اللحظة قرر الزوجان إتمام الزواج في 9 أكتوبر بموافقة العائلتين على حفلة صغيرة هادئة تمضي بهم نحو مستقبلهم.
عندما رأيتها في 7 أكتوبر كانت قلقة؛ لم تجد فستاناً يليق بها. «الفساتين كلها مهترئة… ملطخة بالغبار وتلاشت بياضها»، قالت. واعدتها منار، زوجة أخيها، بأنها ستبحث عن فستان، لكن إسلام تنهّدت قائلة: «لا أشعر أني عروس. كأنني محاصرة في دوامة». وعندما اتصل خطيبها ليخبرها أنه لم يجد مكاناً لنصب الخيمة بدت محبطة.
مع ذلك كانت تصرّ على احتفال بسيط: «هذا كل ما أريد»، قالت لي. «زواجي يبدو كأنه يوم حداد لا فرح».
لكن الواقع خالف مخاوفها.
«وقف النار جاء يوم فرحك، يا صديقتي. يا لها من نعمة نادرة»، فكرت.
«الساعات الأخيرة للحرب»
تجهزت سريعاً للمشي إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح حيث يجتمع الصحفيون لتغطية التطورات. كانت الشوارع تعج بأقاويل عن وقف النار؛ بعض الناس يساورهم الشك، وبعضهم يبتسم بأمل حذر. لم أفارقني فكرة: «هل تكون هذه فعلاً الساعات الأخيرة للحرب؟»
في فناء المستشفى اصطف الزملاء والكاميرات. ابتسمت زميلتي نور وقالت بتنفّسٍ عميق: «أخيراً». لم ترَ نور أطفالها — عالية، 14 عاماً، وجمال، 11 عاماً — منذ عام ونصف بعدما أرسلتهما إلى مصر عساها تتابع التغطية. كان وقف النار يحمل معها احتمال لقاء قريب.
بدأ النازحون والسكان يتجمعون حولنا يسألون إن كان الخبر صحيحاً. امرأة في الثلاثينيات رأيتها كثيراً في خيمة الجزيرة أمام المستشفى أتت تزور أختاً جريحة. «بيقولوا في وقف للنار والحرب خلصت؟ ده حقيقي؟» سألت. تتابع نساء أخريات يسألنك: «يعني أكيد؟»
أصوات الطائرات جعلت القلوب متوترة، لكن في الظهر صادقت حكومة إسرائيل على الاتفاق فبدأت الحقيقة تبدو أقرب.
قالت لي امرأة نازحة من بيت حانون: «مرتاحين لأن القصف وقف، لكن لا نفرح. أي فرح وقد خسرنا كل شيء؟ بيوتنا راحت، مدينتنا مدمرة». بعد عامين من القصف المتواصل كان الناس منهكين.
بعد الظهر اتجهت إلى تل النويري قرب مخيم النصيرات في وسط غزة. آلاف الأفراد تجمعوا على التل الرملي بأمتعتهم، ينتظرون السماح لهم بالعودة إلى أحيائهم في مدينة غزة. جلست امرأة بثلاثة أطفال على رزمها وقالت ستنتظر الليل كله إذن العودة، لا تعرف إن كان بيتها ما يزال واقفاً، لكنهم جميعاً ربطوا وقف النار بأمل واحد: فرصة للعودة.
أصبح لكل بيت مصيران: إما باقٍ وإما مهدوم. «الباقي» يبعث دموع الفرح حتى لو كان مُهشمًا أو خاويًا. «المهدوم» يعني قلباً ينكسر.
احتفالات في متجر فارغ
بعد يوم طويل من المقابلات، وجدت وقتاً لأحضُر زفاف إسلام الذي أقيم في متجر فارغ داخل مخيم النصيرات؛ أجاره أحد أقربائها ليؤوي عائلته النازحة قبل أيام قليلة. دخلت فأراها مجموعة صغيرة من النساء جالسات على كراسي بلاستيكية مصطفة على طول جدران لم تُنهَ بعد. في الوسط كانت «الكوּشة» البسيطة — أريكة بنية قديمة جلست عليها إسلام إلى جانب زوجها الجديد محمد.
موسيقى زفافية بسيطة ملأت المكان، وكانت الاحتفالية متواضعة، لكن إسلام كانت تتوهج فرحاً. المتجر كان يضجُّ بالزغاريد والضحك.
عانقت اسلام وقلت: «انظري، انتهت الحرب في يوم زفافك، اليوم الذي كنتِ تسميه غير الميمون. صار اليوم مباركاً الآن، يا صديقتي.»
حيّيتُ عريسها مازحاً: «أنا للتو جئت من تل النويري. الناس هناك حاضرون بالفعل. هل تنوون العودة إلى الشمال؟»
ضحك قائلاً: «إن كان هذا صحيحاً، فسآخذ عروستي وأتجه شمالاً الآن!»
ركبت تاكسي مشترك في طريق العودة إلى البيت واستمعت إلى نقاش الركاب حول وقف إطلاق النار. كثيرون يخشون ألا يصمد، ويرونه اختباراً أولياً — المرحلة الأولى كانت تبادل الأسرى والمختطفين.
الشوكولاتة والغاز المنزلي
بالنسبة لغالبية الفلسطينيين في غزة، كان الأسبوع الماضي خليطاً من الارتياح والخوف والترقّب.
في ذلك الخميس الهادئ الأول بدأ الناس يعودون إلى الشمال، غالباً إلى الخرائب. في بيتنا ناقشنا البقاء أم العودة. يوم السبت وصلتنا اتصالات تؤكد أن منزل عائلتنا ومنزل زوجي ومنزل أخي كلها دُمرت. لم نُفاجأ — نفس القصة لآلافٍ غيرنا.
كنتُ قد سبق وأن مررت بهذا الفقدان. دُمّر بيتنا منذ عام ونصف وبدأتُ حياة جديدة في مسكن مستأجر، ما أنقذنا من الحيرة والوجع الذي يشعر به كثيرون الآن.
بحلول الأحد استمر الجدل حول العودة. كان والدي متلهفاً للرجوع، لكن قررنا الانتظار، خصوصاً مع بدء تبادل الأسرى.
الحياة في غزة لا تزال تكاد تكون مستحيلة — لا ماء، ولا خدمات، ولا اتصال، ولا كهرباء. جارٌ ذهب إلى الشمال حذرنا من التحرك، وقال إنه اضطر للمشي مسافة طويلة ليأتي بالماء.
ثم جاءت أنباء مريعة: اغتيال الصحفي والناشط صالح الجعفراوي؛ قُتل على يد ميليشيا محلية مدعومة إسرائيلياً أثناء اشتباكات مع حماس.
مقتل صالح أرعبنا. كثيرون خافوا أن يكون ذلك بشرى لِنكبة داخلية قادمة — أن تُكمِل العنف الداخلي ما بدأته آلة الحرب الإسرائيلية.
في يوم الاثنين تحول الاهتمام إلى تبادلات الأسرى. العائلات احتفلتت وبكت. أمٌّ رقصت حين أُفرج عن ولديها اللذين ظُنا ميتين. رجلٌ آخر انهار عندما علم أن زوجته وأطفاله قد قتلوا. وفي سخرية مريرة، أُفرِج عن نَجي، شقيق صالح، من السجن في اليوم نفسه الذي دفن فيه صالح.
بحلول الثلاثاء بدأت أسعار الغذاء تنخفض. ركضت ابنتي إلى البيت مفرحة: «ماما، الشوكولاتة التي كانت تُباع بثمانية عشرة شيكلاً أصبحت الآن بستة!» ثم جاء الفرح الحقيقي — الغاز المنزلي. قرأ زوجي رسالة من محطّة الغاز تقول: «جهّزي الموقد، ستطبخين على الغاز اليوم للمرة الأولى منذ تسعة أشهر!»
عائلة مرام تستمتع بالطهي على الغاز بعد غياب تسعة أشهر
قطعة صغيرة من الكرامة
أخرجنا الموقد القديم الملطخ بالشحم والغبار وفركناه حتى صار نظيفاً. عندما اشتعلت الشعلة الزرقاء الأولى صفقنا وضحكنا وسجلنا اللحظة على هواتفنا كما لو كانت ألعاباً نارية. أول قهوة غليت على شعلةٍ نظيفة — بدل الوقود التقليدي المتسخ — شعرت بمعجزة. ابتسم والدي وهو يرفع فنجانه.
«نستعيد قطعة صغيرة من الكرامة،» فكرتُ.
بحلول الأربعاء عاد الهدوء. طبختُ المعكرونة في عشرين دقيقة بدل ساعتين. طعمتْ طعماً أقرب إلى «الحياة الطبيعية». لكن يوم الخميس عاد والدي ليطرح مسألة العودة مجدداً. تحدث عن بناء ملاجئ صغيرة وسط الخرائب. قلت له أن ننتظر قليلاً. كانت هناك بالفعل تقارير عن استهداف فلسطينيين من قبل القوات الإسرائيلية وهم يحاولون العودة إلى منازلهم.
أومأ ببطء موافقاً. «أستطيع أن أعيش بين الخرائب،» قال، «لكن ليس بلا أمان.»
أثناء استماعي إليه خطرت في بالي قصص لم تُحكَ بعد — الناس العائدون إلى الركام يحاولون شق طريقهم نحو حياة جديدة. كان عليّ أن أنتظر شحن الألواح الشمسية قبل أن أكتب، لأنها مصدرنا الوحيد للطاقة. «افصلي كل شيء!» غالباً ما يصرخ زوجي. أمنيتي الجديدة، إلى جانب عودة الغاز، هي كهرباء حقيقية — نهاية هذه الحرب اليومية على الطاقة والإرهاق.
عندما شرعت أخيراً في الكتابة، خطرت لي فكرة هادئة: قد يقرأ الناس هذه الكلمات، لكن هل يعرفون الظروف التي كُتبت فيها؟ هل يعي القارئ الكفاح العميق والدائم الذي يكمن وراء كل كلمة؟