كيف تُقَوِّضُ تَاكَاكُو يَامَاغُوتْشِي مَشْهَدَ البَحْرِ

ما الذي يجعل لوحة منظراً بحرياً؟ في معرض تركيز يضم عشر لوحات جديدة داخل متحف الفن المعاصرةة في لوس أنجلوس، تُعيد تاكاكو ياماغوتشي، الفنانة المخضرمة، تشكيل الفكرة التقليدية. فهي لا تنطلق من ملاحظات الطبيعة المباشرة، بل تتبنى ما تصفه بـ«التجريد بالعكس»: تبدأ بالأشكال المجردة ثم تُكوّن منها مشاهد بحرية هادئة، حيث يقسم خط الأفق كل تركيب إلى قسمين متساويين. فوق هذا الأساس تضع عناصر زخرفية ومجردة إضافية تعبّر عن ولعها بالنقوش والموضة ومفاهيم الجمال، بعضُها مشحون بدلالات رمزية.

في «خياطة» (2023) يوحّي مستطيل بني بوجود شاطئ، وينقسم البحر إلى سجلات أفقية تتألف من خطوط متماوجة وزجزجات متشابكة، بينما حلت جديلة واسعة محل الغيوم، فتُذكّر بلقطة مقرّبة لمواد مأنسة كالشعر أو النسيج. وعلى الرغم من أن تكويناتها المجردة والتمثيلية تُدرك بسهولة كعناصر منفصلة، فإنها لا تتفاعل فعلاً؛ بل تتعايش بسلام عالمين في واحد: طبيعةٌ وثقافة.

تتضمن مفردات ياماغوتشي أيضاً أعمدة معمارية ونوافير وأنماطاً هندسية مستمدة من الفن الياباني التاريخي، كما في مطبوعات الأوكيو-إيه أو شاشات الطيّ. يظهر هذا التأثير جليّاً في «مصيدة» (2024)، حيث تسكن تشكيلات سحابية دوّامة السماء، وتتراقص أمواج إيقاعية في المركز كأنهما نصفا رمز الين-يانغ المعتمِدان على بعضهما. وذات التأثير يلوح في «متواطئ» (2025)، إذ تُجسِّد عمودان يونانيان بصورة مرحة كأنهما يحتضان بعضهما.

تبلغ ياماغوتشي ذروة تأثيرها عندما تطلق العنان لخيالها: مخلوقات حيوية الشكل شبيهة بالكائنات العضوية تبدو وكأنها نهضت من أعماق المحيط، لتسدّ رؤيتنا للآفاق البعيدة. هجائن من زخارف معمارية ورموز أنثوية—كالشعر المنساب أو الأرحام—تملأ مقدّمات أعمال مثل «دليل» (2023)، «طيار» (2024) و«املاء» (2024)، فتستولي على الانتباه كالممثلين على خشبة المسرح، بينما يعمل المشهد البحري خلفها كسِتارٍ ديكوري. هذه الكائنات، اللذيذة في سرياليَّتها، تستدعي أصداء من الأنيمي الياباني وأفلام الرعب الكلاسيكية. بالمقابل، تؤدي البنى الزخرفية في «موكب» و«نافورة» (كلاهما 2024) دور بوابات تتيح لنا تصور رحلة عبر الماء.

يقرأ  القوات المسلحة الألمانية (بوندسفهر) ستبقى في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين

بمزجها التجريد بالتصوير عبر لغة فريدة تستلهم من الحداثة الأوروبية‑الأمريكية والمطبوعات الخشبية اليابانية وثقافة البوب، تحرّر ياماغوتشي نفسها من ثنائية التصنيف، وتبتكر تراكيب جديدة تجمع بين الهدوء والحيوية في آن واحد.

معرض MOCA Focus: تاكاكو ياماغوتشي مستمر في متحف الفن المعاصرةة بلوس أنجلوس (250 South Grand Avenue، وسط مدينة لوس أنجلوس) الى 4 يناير 2026. المنظمان القيمتان: آنا كاتز وإميليا نيكولسون‑فاخاردو.

أضف تعليق