من المفارقات أن MØM — اختصار Matter of Mind — أمضت قرابة عقد في بناء ممارسة إبداعية متجذّرة في فعل ما لا يفعله الآخرون. ومع ذلك، يؤكد ويلي بيركييه، المدير الإبداعي والمؤسس المشارك، أن ذلك كان المقصود منذ البداية.
أسسنا الوكالة قبل نحو عشرة أعوام مع زميلتي سيلين أزنار. الفكرة كانت بسيطه: ألا نفعل ما يفعله الجميع. قد يبدو هذا مبتذلاً أو مبالغاً فيه، لكنه في جوهره لم يكن أكثر من قرار واضح وبسيط.
هذا النهج القائم على الحدس والتمرد ترافقنا منذ قبل أن نُطلق اسماً على المشروع. بالنسبة لويلي، الأمر يتعلق بمطاردة أفكار لا تصرخ بالـ«ابتكار» لكنها تبدو حتمية بمجرد ظهورها.
«ما شعرت به منذ طفولتي تحوّل إلى ما يسميه الآخرون مهنة. فقلت لنفسي، لنذهب في هذا الاتجاه»، يروي ويلي، ويضيف أن الفريق بأكمله كان يشاطر هذا الإحساس الغريزي.
ذات الغريزة شكلت منذ ذلك الحين أخلاق العمل في الوكالة: كل فرد في الاستوديو يؤمن بالإبداع ليس من أجله فقط، بل لقوته في كشف معانٍ ذات قيمة.
الإبداع بقناعة
إذا كان ثمة خيط يمر عبر كل ما تقوم به MØM — من العلامات التجارية والمشاريع الثقافية إلى الأفلام والعمل التحريري — فهو قوة الأفكار التي تبدو بديهية بعد الواقع. «نحن مفتونون بالأفكار التي تبدو بديهية بعد الكشف عنها — تلك التي مرّ عليها الناس دون أن يلتفتوا إليها — ثم نسعى لإيجاد أجمل وأنجع طريقة لتقديمها للعالم»، يشرح ويلي.
هذا يعني أن الاستوديو يزدهر مع عملاء مستعدين للمخاطرة ويقدّرون الجوهر أكثر من المظاهر. «لسنا فنّانين نبدع لأنفسنا»، يقول. «دورنا أن نستمع، أن نفهم، وأن نحول الإبداع إلى وضوح وتأثير وصلَة بالواقع.»
في عالم مشبع بالضجيج تبدو هذه الفلسفة أكثر ضرورة من أي وقت مضى. «المشروعات التي تحركنا هي تلك التي تجتمع فيها الخيارات الجريئة مع النوايا الهادفة — سواء في التصميم أو الثقافة أو أي مجال آخر — لتخلق شيئاً يلقى صدى حقيقياً.»
البقاء مستقلين — والبقاء يقظين
أكبر تحدٍ في بناء وكالة مثل MØM، كما يقول ويلي، لم يكن جانباً إبداعياً بالدرجة الأولى، بل الحفاظ على الاستقلالية. «مقاومة نداء صفارات الإغراء كانت الأصعب، خصوصاً خلال سنوات الأزمات التي مررنا بها جميعاً. أعظم ثروة للإبداع تكمن في الاستقلال. لا ريب في ذلك.»
بالنسبة لـMØM، ليست الاستقلالية مجرد قرار تجاري؛ إنها محرك يبقي الفريق طموحاً وقلقاً بقدر ما هو محرّك. «هي حرية تفتح الأبواب وتبقينا متيقظين، وفي الوقت نفسه ضغط يومي يدفعنا لنكون أفضل من الآخرين»، يوضح ويلي. «لأننا إن اكتفينا بمجازاة الأداء المتوسط فلن يكفينا ذلك. علينا رفع المستوى لنحدث فرقاً، وبطريقتنا الخاصة.»
هذا الطموح يظهر ليس فقط في الأعمال التي تقبلها الوكالة، بل أيضاً في الأعمال التي ترفضها. «أحياناً الشجاعة تكمن في عدم قبول كل مشروع، وفي أن نقول لا للعملاء عند الحاجة، والإدراك بأن هناك ميلاً آخر يتجاوز ما يسميه الآخرون الميل الإضافي»، يختتم ويلي. «مرة أخرى، قد يبدو هذا للبعض عملاً شاقاً، لكن بالنسبة إلينا هو نمطُ تفكير.»
المرونة كقوة خارقة
خضعت هذه العقليّة لامتحان حقيقي خلال الجائحة، وأصبحت إحدى أنصع فصول الفخر في مسيرة MØM. يتذكّر ويلي كيف أن الفريق، منذ اليوم الأول للحجر الصحي وحتى ما اعتُبر «نهاية» كوفيد، لم يتوقف عن تقديم الأعمال للعملاء—بل عمل أكثر مما كان متوقعاً في الأوقات العادية. كانت هناك حتى حملة تلفزيونية تُصوَّر في بلجيكا في منتصف الإغلاق، بينما كانت معدلات العدوى لا تزال مرتفعة؛ تجربة كانت بمثابة اختبارٍ ناري لبنية الاستوديو الرشيقة والشبكية المبنية حول مواهب مستقلّة من أنحاء العالم.
قبل عقد من الزمن بدا هذا النموذج «مجازفة» في فرنسا، أما اليوم فصار القاعدة وربما الاتجاه السائد. وتجلّت قيمة هذه المرونة في قدرتهم على البقاء صغيرين، رشيقين، وملتزمين بعمق بالمشروعات—ميزة صارت تميّزهم وتؤكد أن الاستقلاال الذي ناضلوا من أجله كان جديراً بالمجهود.
التصميم كمحرّك للتغيير
وراء الحِرفية والذكاء التقني، ثمة إيمان أعمق لدى الاستوديو بأن الإبداع قادر على تشكيل الثقافة وتحريك الحدود. مشروع «Le CerCle» الذي أنتجته Silvera مثالٌ حي: محاولة جريئة لربط عالم التصميم الفاخر—المُعتبر أحياناً منطقة معزولة عن قواعد السوق المعتادة—بفكرٍ بيئي طموح وضروري. الرسالة كانت واضحة: كفى دوراناً حول نفس النقطة؛ حان الوقت لدفع الاقتصاد الدائري إلى الأمام. هذا ليس موقفاً «مناهضاً» للتصميم على الإطلاق، بل العكس تماماً—هو ما ينبغي أن يكون عليه التصميم في السنوات المقبلة.
نفس الروح قادت سلسلة «In Talks» التي استضافت حوارات حميمة مع بعض أبرز المصممين في العالم—من باتريشيا أوركويولا إلى فاي توغود، رون أراد، توم ديكسون، وGamFratesi—حيث لاحظ ويلي تكرار نمط واحد: بغضّ النظر عن الأصول أو التأثيرات أو الأساليب، ثمة خيط مشترك يسأل: كيف أخلق شيئاً للآخرين أؤمن به بعمق منطلقاً من قدراتي الابتكارية؟
سواء كان ذلك عبر الدفاع عن أصوات النساء، أو تقليص أثر البشرية على الكوكب، أو التحرر من قيد ظروف المرء، أو ببساطة تحسين حياة الناس اليومية—لكل مصمم دافع يقوده. وهذا ما يبعث في ويلي حالة دائمة من الفضول والإعجاب.
عقليّة مبنية على الفضول
اقضِ بعض الوقت مع فريق MØM وستدرك سريعاً ما يغذّي إبداعهم: هوسٌ بالكشف عن الأفكار التي كان ينبغي أن يلتقطها الجميع—تلك الميلّات الصغيرة والشرارات التي مرّ الناس بجانبها دون أن يروها أو يقدّروها. هي أفكار تجعلهم يغارون لو رآها غيرهم أولاً.
هذا الهوس بالوضوح والبساطة يشكّل ملامح العمل وثقافة الاستوديو. MØM تزدهر من خلال تركيباتٍ غير متوقعة، تعاوناتٍ مفاجئة، وحبٍ عميق للحِرف، اللغة والموسيقى. ومن وجهة نظر الناس—لو سألتهم ونحن غير موجودين في الغرفة—قد يقولون إننا نحب الحِرف، نحب الموسيقى، نحب جمال الكلمات، ونهوى دمج الأمور غير المتوقعة أو الملفات الشخصية غير التقليدية؛ وهو ما يُعد توقيعنا المميز.