ويندايلي تشيبلوشي، جيما هاندي ووكالة الأنباء: تغنّي ثلاث دول من منطقة البحر الكاريبي — ومنها ترينيداد وتوباغو — بتراثها الأفريقي في يوم التحرر، احتفال يخلّد نهاية العبودية في أرجاء الإمبراطورية البريطانية.
الدكتور أوغبو أوغو، طبيب يعمل في عيادات متفرقة في جزيرة سانت لوسيا التي تشهد إضرابات، يعود مساءً إلى روندي باي على الساحل ليؤدي عمله الثاني: صاحب ومطهو وحده لمأكولات نيجيرية يقدّمها من مطبخه المنزلي. يقول في محادثة عن قوائم الطلبات: «أكشِف إغوسي وسوبّوفوفو… الناس مولعون أيضاً بجولوف رايس»، وهو يذكر أصنافًا محببة لدى زبائنه.
أوغبو، البالغ من العمر 29 عامًا، غادر نيجريا عام 2016 ليتدرب طبياً في سانت لوسيا، ثم افتتح مطعمه المنزلي «أفريكانا تشوبس» في 2022 بعد إلحاح أصدقائه السنتلوسيّين لتذوق الأطباق النيجيرية. يصف نجاح المشروع بأنه لا يعود فقط إلى الطعم اللذيذ، بل إلى حاجة الزبائن للاتصال بأصلٍ مشترك وجذورٍ سلافية: «هم يعلمون أنّ لدينا أصلًا سلفيًا واحدًا، فيريدون أن يستعيدوا ذلك».
ظاهرة التماس الانتماء إلى القارة أفارقت الكاريبي بأسره؛ في السنوات الأخيرة ازداد الاهتمام بالهوية الأفريقية بوسائل ثقافية مثل الطعام واللباس والسفر، بينما تبادر حكومات ومؤسسات من ضفتي الأطلسي إلى تعميق الروابط الاقتصادية.
للقارة الأفريقية حضور طويل في ذاكرة الجزر: أعدادٌ كبيرة من السكّان منحدرة من أفارقة غرب ووسط القارة الذين جُلبوا عنوة في القرنين السابع عشر والثامن عشر. ألغيت العبودية في معظم أنحاء الكاريبي خلال القرن التاسع عشر، وحصلت الجزر على الاستقلال في القرن العشرين. حافظ أحفاد المستُعبَدين على بعض العادات الأفريقية، لكنهم أيضاً بنوا ثقافات محلية مستقلة تُختلف من جزيرة إلى أخرى.
كما يذكر دوربْرِين أوماردي من لجنة دعم مطالب التعويضات في أنتيغوا وباربودا، كانت هناك موجات سابقة من الفخر الأفريقي خاصة في ثلاثينيات القرن الماضي ثم تجددت في ستينياته بالتوازي مع حركة الحقوق المدنية والقوة السوداء في الولايات المتحدة. ويعتقد أوماردي أن الكاريبي يعيش الآن نسخة متطورة من تلك الروح «البان-أفريقية»، تتجاوز الهويّة النفسية والثقافية إلى مجالٍ اقتصادي؛ مثل تعزيز خطوط النقل بين الكاريبي وأفريقيا، وهي مرحلة جديدة لا يحتمل أن تتلاشى كما حدث سابقًا.
التواصل الرقمي شكّل فارقًا جوهريًا: وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا تيك توك، جعلت الكثير من جامايكيي الجزيرة يكتشفون أفريقيا بطرق جديدة. دينيس هوارد، محاضر في ثقافة وترفيه بجامعة جزر الهند الغربية، يقول إن الناس يتعلّمون أكثر عن التاريخ الأسود بما يتجاوز تجربة العبودية، ويربط ذلك بصعود موسيقى آفروبيتس من نيجريا وغانا، التي أصبحت تؤثر في ذوق الشباب الجامايكي. من خلال الفيديوهات الموسيقية، يرى المشاهدون أوجه تشابه وتطوّرًا في بعض أجزاء أفريقيا، ما يبدّد الصورة النمطية عن القارة كأرض متخلّفة.
الموضوع لا يخلو من نقاشات محلية؛ البعض يقول إنّ لجامايكا تراثًا وطنيًا مشرفًا خاصًا بها لا يستلزم «استعادة» هوية أفريقية منفصلة، فيما يلفت هوارد إلى أنّ الثقافة الجامايكية في معظمها مستمدة من الأصول الأفريقية مع تأثيرات هندية وأوروبية وصينية، لكنها الأفريقية هي الأكثر بروزًا.
الانخراط في التراث الأفريقي أخذ أشكالًا مادية أيضاً: ليس مجرد استهلاك ثقافي، بل طيران فعلي إلى القارة. هيئة السياحة الغانية، الدولة التي كانت محطة انطلاق رئيسية لأفريقيي العبيد نحو الكاريبي، لاحظت زيادة ملحوظة في أعداد السياح القادمين من الجزر خلال السنوات الأخيرة. ومثله قال قنصل جنوب أفريقيا في جزر البهاما، فيرنر جرونر، إن المكتب شهد ازديادًا في رحلات سكان الجزر إلى جنوب أفريقيا وغانا وكينيا خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، مع اهتمام متزايد بالسفاري وإدراك بأن دولاً أفريقية عديدة متطوّرة.
حتى الرؤساء والقيادات المحلية يظهِرون هذا التقارب؛ في احتفالات يوم التحرر، ترتّب مسؤولون ملابس مستوحاة من الأزياء النيجيرية عند لقاءات مع شخصيات أفريقية، مظهِرين رمزية الانتماء والاحترام المتبادل.
والأمر لم يقتصر على دول ذات بنية سياحية قوية؛ بل شمل حتى دولًا مثل بوركينا فاسو، رغم الصعوبات الاقتصادية والوضع الأمني، التي باتت تظهر في قوائم الرغبات لدى بعض المسافرين الباحثين عن تجربة قارية أصيلة. هذه الحركة الأوسع نحو قارة الأم تبدو أكثر شمولًا واستدامة هذه المرة — امتدادًا ثقافياً وبحثًا عن فرص اقتصادية وعلاقات متبادلة أعمق. يقول ويدايلي تشيبيلوشي، السيد أوماردي، إن بعض أبناء بلده يودون زيارة البلاد بسبب التوجهات البان-افريقية لقائده ابراهيم تراور.
الوصول إلى القارة الأم من منطقة الكاريبي قد يكون معقَّدًا، إذ يضطر المسافرون في كثير من الأحيان للمرور عبر أوروبا.
في وقت سابق من هذا العام، وفي خطاب وصفت فيه نفسها بأنها «ابنة إفريقيا»، دعت رئيسة وزراء باربادوس، ميا موتلي، إلى بناء «جسور جوية وبحرية» بين أفريقيا والكاريبي.
«دعونا نُجري هذه التغييرات، ليس فقط لرؤساء الدول، بل للأشخاص العاديين الذين يرغبون في التجارة والسفر وبناء مستقبل مشترك»، هكذا قالت.
تعمل مؤسسات رئيسية مثل الاتحاد الأفريقي، والبنك الإفريقي للتنمية، وبنك الصادرات والواردات الإفريقي (أفريكسيمبانك) على جانب التجارة، من خلال استضافة مؤتمرات وإبرام مذكرات تفاهم مع نظرائها في منطقة الكاريبي.
ويشير أفريكسيمبانك إلى أن التجارة بين المنطقتين قد تقفز من نحو 730 مليون دولار إلى 1.8 مليار دولار بحلول عام 2028، إذا توفرت الشروط المناسبة.
لكن في الوقت الراهن، لدى أفريقيا والكاريبي بعض من أدنى المؤشرات في العالم للبنية التحتية للنقل وجودة اللوجستيات وكفاءة الجمارك، وفقًا للبنك الدولي.
في محاولة لتقليص الحواجز التجارية، دعا هذا العام رؤساء وزراء غرينادا والبهاما إلى إطلاق عملة مشتركة بين أفريقيا والكاريبي.
قال رئيس وزراء الباهاما، فيليب ديفيس، أمام وفود في اجتماع لأفريكسيمبانك في نيجيريا إنه ينبغي «النظر بجدية» في عملة رقمية موحدة، فيما قال ديكون ميتشل من غرينادا: «مثل هذه الخطوة ستؤكد رمزياً وعمليًا هويتنا المشتركة، ليس كشركاء تجاريين فحسب، بل كأعضاء في أفريقيا حقيقية على مستوى العالم».
إن تنسيق وإطلاق نظام موحَّد لأكثر من ستين دولة لن يكون مهمة سهلة، لكن ميتشل أكد أن ذلك يجب أن يحدث إذا أرادت المنطقتان «أن تتحكَّما في مستقبلهما».
في سانت لوسيا، يرى الدكتور أوجبو أن محاولاته تقديم إغوسي وفوفو وجولوف للسكان المحليين تشكل مساهمة بسيطة لكنها ذات قيمة في تعزيز العلاقات بين أفريقيا والكاريبي.
في يونيو، وقّع الرئيس النيجيري بولا تينوبو عدداً من اتفاقيات التعاون مع سانت لوسيا خلال زيارة دولة، ويرى الدكتور أوجبو أن مطعم Africana Chops يشكّل امتدادًا لتلك الخطوات.
«أستطيع أن أقول إنني أعمل يداً بيد مع الحكومة النيجيرية وحتى مع حكومة سانت لوسيا لتعزيز الثقافة الأفريقية»، يقول.
الطبيب ورجل الأعمال يحاول الآن ترقية مشروعه الغذائي ليصبح مطعماً متكاملاً — ويأمل أن يستمر «التبادل الثقافي» بين أفريقيا والكاريبي في التقدّم.
«إنه رائع!» يقول. «أنا متحمس جداً لذلك.»
قد يهمك أيضاً:
صور: Getty Images/BBC