تزايدت التوترات بين فنزويلا وترينيداد وتوباغو على خلفية تأييد الأخيرة للعمل العسكري الأميركي في المنطقة الكاريبية.
أعلنت فنزويلا تصنيف رئيسة وزراء ترينيداد وتوباغو كشخصن غير مرغوب فيه، في خطوة جديدة ضمن تبادل التصريحات الحادة بين قيادتي البلدين بسبب النشاط العسكري للولايات المتحدة في البحر الكاريبي. وصوّتت الجمعية الوطنية الفنزويلية يوم الثلاثاء لصالح هذه العقوبة بحق كاملا بيرساد-بيسيسار، ما جعلها ممنوعة من دخول البلاد رسمياً بعد توترات متصاعدة مع الرئيس نيكولاس مادورو.
قبل يوم من ذلك، ردّت بيرساد-بيسيسار على سؤال لوكالة فرانس برس قائلة: «لماذا يظنون أنني سأرغب في الذهاب إلى فنزويلا؟»، في مؤشر على الفجوة الواضحة بين مواقفها ومواقف كاراكاس. تفصل بين البلدين مسافة صغيرة عبر خليج لا يتجاوز عرضه 11 كيلومتراً عند أضيق نقطة، إلا أن ذلك لم يمنع تصاعد الخلافات خلال الأسابيع الأخيرة حول الانتشار العسكري الأميركي في المنطقة.
تُعد بيرساد-بيسيسار من قلة الزعماء الكاريبيين الذين رحبوا بتعزيز القوات البحرية الأميركية وفي الوقت نفسه بدعوات قصف ما يُزعم أنها زوارق تهريب مخدرات. وقالت عقب الإعلان عن أول ضربة صاروخية إن «الانتشار البحري الأميركي يحقق نجاحات في مهمته»، وأضافت بصراحة قاسية: «ليس لدي تعاطف مع المهربين؛ ينبغي للجيش الأميركي أن يقتلهم جميعاً، وبعنف».
لقد وضع هذا الموقف بيرساد-بيسار في مواجهة مباشرة مع حكومة مادورو. فقد وصف وزير الخارجية الفنزويلي، إيفان خيل بينتو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الضربات الأميركية بأنها «تهديد عسكري غير قانوني ولا أخلاقي يلوح فوق رؤوسنا». وذهب خبراء قانونيون إلى مقاربة حملة القصف بوصفها عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، مشيرين إلى احتمال حدوث انتهاكات صريحة للقانون الدولي. وقد نُفِّذت، بحسب تقارير، نحو 13 ضربة حتى الآن استهدفت 14 قطعة بحرية معظمها زوارق صغيرة، وأسفرت التقديرات عن سقوط 57 قتيلاً على الأقل، هوياتهم غير معروفة حتى الآن ولم تُقدَّم أدلة قاطعة للجمهور تربطهم بتهريب المخدرات.
تدهور العلاقات بسبب الضربات الأميركية
تصنيف بيرساد-بيسار كشخص غير مرغوب فيه هو فصل جديد في سلسلة الإجراءات المتبادلة بين البلدين. وذكرت وكالة فرانس برس أن ترينيداد وتوباغو تدرس تنفيذ «ترحيل جماعي» لمهاجرين غير موثقين، غالبيتهم فنزويليون، بعد أن أصدر وزير الأمن الداخلي روجر ألكسندر تعليمات بوقف أي إطلاق سراح مخطط لـ«المهاجرين غير الشرعيين» المحتجزين، بحسب مذكرة اطلعت عليها الوكالة التي نصت: «يُبحث حالياً تنفيذ عملية ترحيل جماعي».
جاء ذلك بعد أن أمر مادورو، يوم الإثنين، بـ«التعليق الفوري» لاتفاق غازي كبير مع ترينيداد وتوباغو، مستنداً في ذلك إلى استقبال الدولة الجزرية لسفينة حربية أميركية. وتستضيف الجزيرة إحدى السفن الحربية الأميركية المنتشرة قرب المياه الفنزويلية بأمر من الرئيس دونالد ترامب، وهو ما اتهمته برلمانات فنزويلا ومحافل رسمية بمحاولة تقويض حكومتها. وفي قرار تعليق الصفقة، اتهم مادورو بيرساد-بيسار بتحويل بلاده إلى «حاملة طائرات للإمبراطورية الأميركية ضد فنزويلا».
من جهتها، نشرت البنتاغون حتى الآن سبع سفن حربية وغواصة وطائرات مسيّرة ومقاتلات في منطقة الكاريبي، إلى جانب سفينة حربية ثانية تمركزت في خليج المكسيك. وتزايدت وتيرة حملة القصف في الأسابيع الأخيرة، حيث سُجلت ست ضربات خلال الأسبوع الماضي وحده، واتسع نطاق العمليات ليشمل هذا الشهر أجزاء من المحيط الهادئ الشرقي قرب السواحل الكولومبية بالإضافة إلى المياه الكاريبية قرب ساحل فنزويلا.
يرى بعض المراقبين أن إدارة ترامب تستعمل القوة العسكرية للضغط وزعزعة استقرار نظام مادورو الذي أعيد انتخابه العام الماضي في اقتراع تعتبره واشنطن مزوَّراً. ومع ذلك، ظلّت بيرساد-بيسار ثابتة في موقفها المؤيد للحملة الأميركية، مؤكدة بأنها تفضّل رؤية مهربي المخدرات «ينفجرون إلى أشلاء» على أن يسهموا في سقوط ضحايا داخل مجتمعها.