سقوط بوكروفسك — لماذا يهمّ أوكرانيا وروسيا؟

كتبه لورا غوزّي وبول كيربي، محرر الشؤون الرقمية في أوروبا

زار فولوديمير زيلينسكي قوات بالقرب من بوكروفكس هذا الأسبوع.

قد يواجه أوكرانيا أكبر خسارة خلال أشهر إذا سقطت مدينة بوكروفسك الشرقية المحورية بيد القوات الروسية. المعركة على هذه النقطة الاستراتيجية الواقعة على محور طرق وسكك حديد رئيسي في منطقة دونيتسك مستمرة منذ أكثر من عام بكثير.

ما مدى اقتراب سقوط بوكروفكس؟

تصريحات متضاربة كثيرة، لذا من الصعب تحديد الأمر بدقة. لكن المعروف أن روسيا حشدت عشرات الآلاف من الجنود في المنطقة، وأن مئات من جنودها تسللوا إلى داخل المدينة خلال الأسابيع الماضية، مستولين تدريجياً على مبانٍ وشوارع ومُطغين على المواقع الأوكرانية.

نفت كييف يوم الأربعاء أن تكون قواتها داخل المدينة وحولها محاصرة، وأكدت أنها ما تزال تبدي “مقاومة نشطة” وتعيق تقدم القوات الروسية. وقال أحد الألوية الأوكرانية إنه طهر مبنى مجلس المدينة ونشر فيديو للعلم الأوكراني.

أفاد فوج الاقتحام «سكِليا» بأنه طهر مبنى مجلس المدينة في بوكروفسك ورفع العلم الوطني.

مع ذلك، توحي خرائط استخبارات المصادر المفتوحة بأن قوات موسكو ربما تسيطر على مساحات واسعة من بوكروفسك.

بينما تؤكد المواقف الرسمية الأوكرانية أنها تصمد، قال عناصر عسكريون استقاهم مراسل حربي لموقع هورومادسكي إن القوات الأوكرانية أقل عدداً وأن أكثر من ألف جندي يواجهون خطرات الانحشار والإحاطة.

من جانبها أعلنت روسيا أنها تواصل التقدم شمالاً وتمنع محاولات أوكرانيا فك الحصار عن قواتها. وذكرت وزارة الدفاع أن وحدات أوكرانية محاصرة في “مراجل”، على الرغم من تشكيك عدد من المعلّقين في ذلك الوصف.

لماذا هذه المدينة مهمة لروسيا؟

توجه الجيش الروسي أنظاره إلى بوكروفسك منذ استيلائه على مدينة أفدييفكا الشرقية في فبراير 2024. هذا الاستيلاء أفقد أوكرانيا معقلاً عسكرياً مهماً في دونيتسك، لكن التقدم الروسي استغرق منذ ذلك الحين نحو 21 شهراً ليبلغ نحو 40 كيلومتراً إلى الشمال الغربي.

يقرأ  سوريا تحدد أكتوبر موعدًا لأول انتخابات منذ سقوط الأسد — أخبار حرب سوريا

السيطرة على بوكروفسك تقرّب فلاديمير بوتين خطوة إلى هدفه بضم كامل منطقة دونباس، حتى وإن كان تقدم روسيا هذا العام بطيئاً للغاية.

في حال سقطت بوكروفسك، يصبح الدفاع عن المدينة التابعة ميرنوهراد شبه مستحيل، وسيتمكن الجيش الروسي من تحويل محوره إلى معركة قسانتيونتِنفكا (كوستيانتينيفكا) شمال شرقاً وباقي مدن “حزام الحصون” مثل دروجكيفكا، كراماتورسك وسلوفيانسك.

لكن لا تزال لأوكرانيا خطوط دفاعية للانسحاب إليها وإعادة تموضع دفاعاتها، حسب رأي ميخايل كوفمان من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، الذي كتب على منصة X: “القوات الروسية تفتقر إلى الزخم والطريقة التي تحارب بها لن تُولّد ذلك. الاختراق عبر التسلل يولّد هجوماً زاحفاً لكنه لا يحقق اختراقات عملية ذات معنى.”

ما أهمية بوكروفسك بالنسبة لأوكرانيا؟

باتت بوكروفسك خالية إلى حد كبير الآن، لكنها لعبت دوراً استراتيجياً مهماً للقوات الأوكرانية منذ بدء الغزو الشامل. قبل الحرب كان عدد سكانها نحو 60 ألف نسمة، وتقع المدينة قرب المنجم الوحيد في أوكرانيا الذي ينتج فحم الكوك الحيوي لصناعة الصلب. لكن الإنتاج توقّف منذ بداية العام مع انطلاق عمليات إخلاء المدينة.

وأهم من ذلك، بوكروفسك تُعد مفترق طرق رئيسياً للطرق والسكك الحديدية في الشرق، وفقدانها قد يفسح المجال أمام القوات الروسية للتقدم نحو إقليم دنيبروبتروفسك الأكثر مركزية.

القوات الروسية تقترب بالفعل من الطريق الرئيسي إلى بافلوهراد ومدينة دنيبرو، كما تقدمت إلى الجنوب الغربي بالقرب من حدود دونيتسك مع دنيبروبتروفسك، وهناك طريق كبير آخر يفضي إلى زابورِيجيا، عاصمة إقليم آخر متنازع عليه وتطالبه روسيا.

هل سيغير سقوط بوكروفسك مسار الحرب؟

يُعتقد أن بوتين طالب بتسليم كامل دونيتسك كشرط لإنهاء الحرب. لكن سقوط بوكروفسك لا يعني بالضرورة سقوط بقية دونيتسك تلقائياً.

يصر فولوديمير زيلينسكي منذ وقت طويل على أن الجيش الروسي سيضطر للاستمرار في القتال لسنوات عدة إذا أراد أن يحتل كامل دونباس. ومعه يوافق معهد دراسة الحرب الذي يرى أن روسيا لا تملك وسيلة “للتفاف سريع أو اختراق حقيقي لحزام الحصون”، وأن ذلك سيأخذ على الأرجح سنوات.

يقرأ  تصفيات كأس العالم 2026 لماذا لن تحظر الفيفا إسرائيل رغم اتهامات بالإبادة في غزة؟ أخبار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني

نشرت وزارة الدفاع الروسية لقطات لقصف قرية أوكرانية قرب بوكروفسك، وفقدان المدينة سيكون ضربة معنوية لأوكرانيا مع اقتراب فصل الشتاء وبدء موجة هجمات روسية على شبكات الطاقة. كما سيكلف ذلك أوكرانيا ثمناً كبيراً من حيث الأفراد والعتاد والموارد المكرّسة للدفاع عن المدينة.

قد يؤثر ذلك أيضاً على دفعة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو إنهاء الحرب ويقوّي موقف موسكو التفاوضي، إذ قد يقنع ترامب بأن روسيا ليست “نمرًا ورقياً” كما وصفها سابقاً. ورغم أنه ألغى محاولته عقد قمة مع بوتين لإحباطه من عدم موافقة الزعيم الروسي على وقف لإطلاق النار، فإن المسؤولين الروس لم يتخلوا عن الأمل في صفقة.

قد يراهن بوتين على نجاح روسي ليقنع ترامب بالموافقة على مطالبه، حتى لو رفضتها أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون.

أضف تعليق