كيف سُمحَ لمشتبهٍ إسرائيليٍ بالاعتداء الجنسي على أطفال أن يغادرَ الولايات المتحدة؟ أخبار المحاكم

اعتقال مسؤول إسرائيلي رفيع في الولايات المتحدة وفراره بعد إطلاق الكفالة

أُلقي القبض في الولايات المتحدة أوائل الشهر الحالي على مسؤول إسرائيلي كبير ووجّهت إليه تهمة السعي لإجراء علاقة جنسية مع قاصر، لكنّه أُفرِج عنه بكفالة دون شروط مشددة أو أية مراقبه، ما أتاح له العودة إلى إسرائيل قبل أن يواجه القضاء.

القضية التي تُنسب إلى توم أرتيوم ألكساندروفيتش في ولاية نيفادا أثارت موجة من الجدل، مع اتهامات من سياسيين ومعلقين على مواقع التواصل بأن جهات حكومية تدخلت لتسهيل عودته إلى بلاده من دون محاسبة.

وردت وزارة الخارجية الأميركية مساء الاثنين بأن أي «ادعاءات بتدخل الحكومة الأميركية» غير صحيحة، بحسب منشورٍ على منصة إكس.

الملفّات القضائية في مقاطعة كلارك بنيفادا تفيد بأن ألكساندروفيتش وُجهت إليه تهمة استدراج أو محاولة استدراج طفل عبر الإنترنت لممارسات جنسية — وهي جناية قد تصل عقوبتها إلى عشر سنوات سجناً في حال الإدانة. أُطلق سراحه بكفالة قيمتها 10 آلاف دولار، دون أن تظهر دلائل على استخدام أجهزة تتبّع أو قيود مماثلة.

قال ريتشارد ديفيز، محامٍ جنائي في نيفادا، لقناة الجزيرة إن غياب الشروط على إفراج ألكساندروفيتش رغم جسامة التهم «مريب». وأضاف أن المعتاد هو أن يُصاغ أمر كفالة خلال 24 ساعة ويشمل عادةَ ارتداء جهاز تحديد المواقع ومنعَ مغادرة الولاية، وربما جواز خروج من البلاد. لذا فإن السماح له بالمغادرة دون سوار للكاحل أو جهاز GPS بل ومغادرة البلاد ككل مثير للغرابة ويستدعي الشبهة.

تسلسل الأحداث

أُلقي القبض على ألكساندروفيتش في 6 أغسطس، لكن الشرطة لم تُعلن عن الحملة إلا بعد نحو أسبوع، عندما أعلنت إدارة شرطة لاس فيغاس عن عملية سرية «استهدفت متحرّشي الأطفال جنسيًا». وأفاد بيان الشرطة بأن فريق عمل مشترك من عناصر محلية وفدرالية اعتقل ثمانية مشتبهين على مدى أسبوعين.

يقرأ  طيار مؤثر يبلغ 19 عاماً: لا أزال عالقاً في القارة القطبية الجنوبية بعد تعليق قضيتي — المسؤولون يرفضون السماح لي بالعودة جواً

نُقلت إلى وسائل الإعلام نسخة من تقرير شرطي، حصلت عليه أولاً بودكاست Breaking Points، تزعم السلطات فيه أن ألكساندروفيتش أجرى «اتصالاً جنسياً» عبر منصتين رقميتين مسؤولا عنهما عميل متخفٍّ تظاهر بأنه فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً. وذكر التقرير أن «الاتصال الجنسي شمل إحضار واقٍ ذكري وأخذ الخديعة إلى عرض سيرك دو سوليه». وجرى توقيفه فور وصوله للقاء الشخص المخادع.

أفاد المتهم أثناء استجوابه بأنه كان يعتقد أن الطرف الآخر في المحادثة عمرها 18 عاماً، غير أنّه أشار مراراً إلى موعد سفره إلى إسرائيل، قائلاً إنه من المهم أن يحصل على أرقام تتعلق برحلته، وأن رحلته كانت مقررة يوم الجمعة (8 أغسطس) إلى نيويورك ثم إلى إسرائيل. رأى ديفيز أن ذكره الرحلة كان ينبغي أن يجعل المحكمة تتردّد أكثر قبل منحه الكفالة من دون قيود صارمة، لأن رغبته في مغادرة البلاد تشكل عامل خطر يستدعي تضييق حركته.

المسؤولون والاتهامات المتبادلة

المثول المقبل لألكساندروفيتش أمام المحكمة محدّد في 27 أغسطس. ولا يزال غامضاً كيف ولماذا أُفرج عنه مع أنه يُعدّ تهدداً بالفرار. القاضي الأدنى الذي ظهر اسمه بجانب قرار الكفالة لم يرد على طلب الجزيرة للتعليق، ولم تعلّق كذلك مكتبة مدّعي مقاطعة كلارك.

نفت وزارة الخارجية علاقتها بأي تسهيلات، إلا أن ذلك لم يطفئ الجدل. استغلت منصات التواصل الحالة لإثارة تكهنات وربطها بمزاعم عن محاولة إدارة الرئيس دونالد ترامب طيّ ملفات متهمين جنسيين معروفين مثل جيفري إبستاين.

أثارت عضوة الكونغرس الجمهورية مارجوري تايلور جرين القضية، فاستشهدت بتناقض بين السماح لألكساندروفيتش بالرحيل ومنع أطفال فلسطينيين من غزة من دخول الولايات المتحدة لتلقّي رعاية طبية، وكتبت أن القرارين الأخيرينَ يتعلّقان بالأطفال: «نحتاج لأن نكون أميركا التي تسمح لأطفال محتلَّة الحروب بالمجيء لإجراء جراحات تنقذ حياتهم، وأن نكون أيضاً أميركا التي لا تُفرج أبداً عن مُتحرّش جنسي أجنبي قبض عليه ضُبّاطنا الكبار».

يقرأ  لابيد ومستشار نتنياهو السابق يتبادلان الاتهامات حول روابط مزعومة بدولة موالية لحماس

من جهته، نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يكون ألكساندروفيتش قد اعتُقل، ووصف الحادثة بتخفيفٍ في التغطية، قائلاً إن «مُوظفًا حكومياً سافر إلى الولايات المتحدة لأمور مهنية واستجوبهت السلطات الأميركية أثناء إقامته»، وأكد أن الموظف «لم يكن حاملاً تأشيرة دبلوماسية ولم يُعتقل وعاد إلى إسرائيل كما هو مُخطط».

محاولة للتهرّب من المساءلة

سعت وزارة العدل إلى تحميل مسؤولين محليين في نيفادا مسؤولية الإفراج عنه، فقد أصدرت القِيمة بالنيابة عن الولايات المتحدة سيغال شاتاه بياناً قالت فيه إن مكتب مدّعي مقاطعة كلارك — وليس السلطات الفدرالية — «يتولّى مقاضاة المسؤول الإسرائيلي». وأضافت لاحقاً على منصات التواصل أن «مدّعياً محلياً ليبرالياً وقاضياً في محكمة الولاية فشلا في إلزام المشتبه به بتسليم جواز سفره، مما سمح له بالفرار من بلادنا». وذكرت أن المدّعي العام بام بوندي ومدير الـFBI كاش باتيل «غاضبان» من الحادثة ودعت إلى إعادة المشتبه به فوراً لمواجهة العدالة.

هذا الهجوم أثار كذلك الاهتمام بسجلّ شاتاه نفسها، إذ تداولت وسائل إعلام تسجيلات من حسابها الشخصي السابق على إكس، الذي حُذف لاحقاً، تظهر فيها تعليقات وصفها البعض بأنها تحرّضية وعنصريّة ضد الفلسطينيين في غزة، شملت أوصافاً تطلق عليهم «حيوانات» والدعوة لإزالة القطاع «من على الخريطة»، والقول إن «حتى الأطفال» في القطاع «إرهابيون». ولم ترد وزارة العدل أو مكتب شاتاه على طلب الجزيرة للتعليق.

يُذكر أن ألكساندروفيتش قد يُسلم إلى الولايات المتحدة لمحاكمته، لكن ذلك يتطلّب إرادة سياسية قوية من الجهات المعنية. كما يرى ديفيز أن المحكمة كان ينبغي أن تكون أكثر اقتراباً من مسألة حماية الأطفال على مستوى المجتمع والبلاد ككل. من غير المألوف للغاية — ومرة أخرى — أن يُسمح لهذا الشخص بالمغادرة.
هل بإمكانهم تسليمه؟ نعم، بإمكانهم.
أما عمّا إذا كانوا سيفعلون ذلك، فالأمر مازال مجهولاً.

يقرأ  ترامب: أعتقد أن بوتين سيتوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا— أخبار حرب روسيا وأوكرانيا

أضف تعليق