تحذير علمي من عواصف مغناطيسية شمسية تقترب من الأرض؛ أضواء شمالية مبهرة واضطرابات اتصال مؤقتة
أصدرت وكالات الأرصاد والفضاء تحذيرات من وصول سلسلة من العواصف الشمسية —بانتقالها إلى عواصف مغناطيسية على الأرض— متوقع أن تنتج عروضاً ضوئية ساحرة (الشفق القطبي) فوق أجزاء من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، مع احتمال حدوث اضطرابات مؤقتة في شبكات الاتصال والطاقة.
ما الذي سجّلته المراصد؟
أبلغت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية (NOAA) أن عدة انبعاثات جوية تاجية (Coronal Mass Ejections – CMEs) سجلت خلال الأيام الماضية. على مقياس شدة العواصف المغناطيسية المكوّن من خمس درجات، أصدرت الوكالة تحذيراً على مستوى G4، ما يعني إمكانية حدوث عواصف قوية جداً. أفاد علماء الوكالة أن اثنين من هذه الانبعاثات —اللذان اندلعا في 9 و10 نوفمبر— أصابا الأرض بالفعل، فيما يسير انبعاث ثالث أسرع باتجاهها، وقد يصطدم بالأرض يوم الأربعاء حوالى منتصف النهار بتوقيت الساحل الشرقي الأمريكي (حوالي 17:00 ت.ع.م). وبحسب التقرير، تسبّب أحد هذه الانبعاثات التي اندلعت في 11 نوفمبر في انقطاعات راديوية مؤقتة فوق أجزاء من أفريقيا وأوروبا.
لماذا تحدث هذه العواصف؟
الظاهرة تنشأ عندما تعيد الحقول المغناطيسية على سطح الشمس ترتيب نفسها فجأة، ما يؤدي إلى اندلاعات على شكل فلاشات ضوئية (الوميض الشمسي) أو إلى طرد سحب هائلة من البلازما المشحونة (CMEs). تنتقل جزيئات الوميض بسرعة الضوء فتبلغ الأرض خلال نحو ثمانية دقائق، أما سحابات الـCMEs فتتحرك أبطأ بكثير وقد تصل بين عدة ساعات إلى عدة أيام، اعتماداً على سرعتها.
كيف تُنتج هذه العواصف الشفق القطبي؟
عندما تصطدم الجسيمات المشحونة ذات الطاقة العالية بالغلاف الجوي العلوي للأرض تُنقَل طاقة هذه الجسيمات إلى ذرات وغازات الغلاف فتتوهّج، الأمر الذي يولّد الألوان المميزة للشفق —من الأخضر الزمردي إلى الوردي القوي— وتظهر هذه العروض بقرب قطبي الأرض لأن خطوط المجال المغناطيسي تقود الجسيمات نحو تلك المناطق. تُعرف الظاهرة في نصف الكرة الشمالي باسم aurora borealis (الشفق القطبي الشمالي) وفي نصف الكرة الجنوبي باسم aurora australis (الشفق القطبي الجنوبي).
موقع الشمس في الدورة الشمسية الحالي
الأضواء القطبية أصبحت أكثر تكراراً لأن الشمس الآن في ذروة دورة نشاطها البالغة 11 عاماً، حيث تتبدل أقطابها كل دورة وتزداد النشاطات المغناطيسية. يعتقد العلماء أن نهاية الدورة الحالية بدأت العام الماضي وستستمر على الأقل حتى نهاية هذا العام. في مايو 2024 ضربت الأرض أقوى عاصفة مغناطيسية خلال عقدين، مسببة عروض ضوئية مذهلة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا.
أين شوهدت الأضواء هذا الأسبوع؟
شارك بعض السكان مقاطع فيديو وصوراً على منصات التواصل تُظهر الأضواء الشمالية، ولا تزال التوقعات تشير إلى إمكانية رؤيتها في عدة ولايات أمريكية أيام الأربعاء، من بينها: إلينوي (شيكاغو)، كولورادو، ماساتشوستس (بوسطن)، واشنطن (سياتل)، كاليفورنيا (سان فرانسيسكو/لوس أنجلوس)، أوريغون (بورتلاند)، تكساس (دالاس)، جورجيا (أتلانتا)، داكوتا الشمالية (بيسمارك)، نيويورك، وايومنغ (شايان)، كارولاينا الشمالية (رالي)، وآيوا. في كندا يُتوقع ظهورها مساء الأربعاء فوق مونتريال وإدمونتون وفانكوفر ووايتهورس ومناطق أخرى، حسب شبكة The Weather Network. في أيرلندا رُصدت أضواء في كورك وكارلو وروسمكوم، بينما تتوقع خدمة الأرصاد البريطانية أن تكون الرؤية ممكنة في النصف الشمالي من المملكة المتحدة.
هل تشكل هذه العواصف خطراً على البشر أو البنية التحتية؟
ليس هناك خطر إشعاعي مباشر على الأشخاص بفضل غلافنا الجوي، لكن الطفرات المغناطيسية قد تعطل الأنظمة التقنية مؤقتاً: أنظمة تحديد المواقع (GPS)، الاتصالات الراديوية، الأقمار الصناعية، وأنظمة اتصالات تحكم الطيران. كما يمكن أن تؤثر بشدة على شبكات الكهرباء. في حالات نادرة أدت اندلاعات شمسية تاريخية إلى أضرار كبيرة؛ أشهرها حدث كارينغتون عام 1859 الذي تسبب بشرر وحرائق في محطات التلغراف، وفي أغسطس 1972 سببت أحداث مغناطيسية قوية تعطلات كهربائية واتصالاتية في الولايات المتحدة وأدت بشكل عرضي إلى تفجير ألغام بحرية أمريكية في فيتنام. حذّرت NOAA مسؤولين في مجال الملاحة الجوية وشبكات الطاقة، ومن المُحتمل إلغاء إطلاق فضائي مخطّط له.
نصيحة للرصد
للحصول على أفضل مشاهدة للشفق، يوصي الخبراء بالابتعاد عن مصادر الضوء الاصطناعي قدر الإمكان والبحث عن أماكن مظلمة وسماء صافية. الفيديوهات والتقارير الميدانية تشير إلى أن العرض قد يستمر لعدة ساعات متقطعة، فاحرص على تجهيز كاميرا أو هاتف مع إعداد تعريض طويل لرصد الألوان والأشكال المتحركة.
ملاحظة: رصد الكثيرون هذه الظاهرة في 12 نوفمبر 2025 ومشاركاتهم على وسائل التواصل شاركت لقطات خلابة، مما أتاح للعموم فرصة مشاهدة حدث فلكي نادر ومبهر. (ملاحظة صغيرة: الاقمار الصناعية والراديو تأثّرتا مؤقتاً في بعض المناطق.)