أوكرانيا تشكك في رغبة روسيا في السلام وسط تقارير عن خطة أعدتها الولايات المتحدة — أخبار حرب روسيا وأوكرانيا

يحاول المدافعون الأوكرانيون إسناد خط دفاعي حول المدينتين الشرقيتين المحاصرتين بوكروفك و ميرنوهراد، بعد شهر من محاولة روسيا الأخيرة للسيطرة عليهما.

بينما دارت المعارك على خطوط الجبهة يوم الخميس، قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي في تسجيل نُشر على منصة X إنّ روسيا «لا تبدي أي رغبة حقيقية في إنهاء الحرب»، رداً على تقارير تفيد بأنّ واشنطن وموسكو أعدّت خطة سلام من 28 بنداً. وتقول التقارير إنَّ المقترح يضغط على أوكرانيا للتنازل عن أراضٍ، وهو ما اعتبرته كييف طوال الحرب «خطاً أحمر». (الجزيرة)

أفادت كييف بأنّ روسيا خصّصت 150 ألف جندي لاحتلال الجيب الذي يضم بوكروفك وميرنوهراد، وإنّ المدينة باتت محاطة من ثلاث جهات، وتبقى خطوط الإمداد الأوكرانية مفتوحة نحو الغرب فقط.

وخلال اجتماع افتراضي ثنائي الحزب مع أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في 12 نوفمبر، قال زيلينسكي إنّ روسيا تكبّدت أعلى معدل خسائر لها طوال الحرب في بوكروفك، مقدّراً هذه الخسائر بنحو 25 ألف قتيل أو جريح، من دون أن يحدد إطار الزمن الذي يشمله هذا الرقم.

تسلطت الأضواء على جهود الدفاع الأوكرانية أيضاً من خلال قصة جندي من الكتيبة الآلية 155، الذي أمضى نحو مئة يوم داخل هيكل مبنى مدمَّر، منفصلاً عن وحدته، إلى أن تمّت إنقاذه.

أصدر الأركان العامة الأوكرانية شريط فيديو للقتال في بوكروفك أظهر، كما تدّعي، وصول تعزيزات إلى المدينة، ما يوحي بأنّ قنوات الاتصال ما زالت تعمل. وعلّق صوت المقطع: «هذه لقطات لوصول معداتنا ونزولها وتقدّم مجموعات. في هذه اللقطات تتقدّم مجموعات اقتحام إضافية نحو الجزء الشرقي من المدينة». وأضاف أنّ هذه التعزيزات تدعم المعقل الأوكراني في الجزء الشمالي من بوكروفك. وفي مشاهد لاحقة، أظهر الفيديو وحدات «تطهر مواقع في الأطراف الغربية لبوكروفك وفي محيط مدخل المدينة. وفي المبنى الإداري في مركز المدينة، يحتفظ جنود اللواء بمواقعهم».

صوّر تقرير صحفي شرطياً يخرج مُقيماً من مبنى سكني أصيب في كييف بتاريخ 14 نوفمبر 2025 [صورة لصحفي عبر وكالة رويترز].

كتب القائد العام للقوات الأوكرانية أولكسندر سيرسكي على منصة تيلغرام: «ثمة صراع مستمر ومتواصل مع مجموعات مشاة هجومية صغيرة للعدو، وأحياناً تدمير لمعدات خفيفة له».

يقرأ  اعتقالات مشتبه بانتمائهم لحماس تشعل جدلاً في ألمانيا حول الجنسية المزدوجة

كان الفعل الرئيسي من نصيب مشغلّي الطائرات المسيّرة على الجانبين، الذين يخوضون صراعاً شرساً على السيطرة على السماء. وقال قائد الحرس الوطني الأوكراني، الذي يقاتل في بوكروفك، إنّ كييف بحاجة إلى تصعيد إنتاج وطرد الطائرات المسيّرة وشرائها لإيقاف تحرّكات القوات الروسية بينما هي لا تزال في العراء.

«نحتاج إلى إيقاف العدو أثناء اقترابه سيراً على الأقدام، حتى لا يتسلّل»، قال أولكسندر بيفننكو لوكالة رويترز. وأضاف أنّ أوكرانيا حققت تكافؤاً في الطائرات المسيّرة في بعض أجزاء الجبهة، لكن ليس في كلّها.

هل يحيطون أم يتسلّلون؟

قال معهد دراسة الحرب (ISW) في واشنطن إنَّ القائد الروسي بدا متردداً بين خيار التسلل إلى المدن أو تطويقها، ومضى في مسارين متوازيين، ما أبطأ تقدمه. «لا يبدو أن القيادة العسكرية الروسية تركز قواها ووسائلها على إكمال تطويق منطقة بوكروفك-ميرنوهراد، الأمر الذي عادة ما يكون أسرع وأقل كلفة للاستيلاء على المنطقة بأكملها، بل تستمر في شن نوع من الهجمات المواجهة المباشرة»، وفق تقرير المعهد. (الجزيرة)

بدوْ أن جزءاً من مشكلة روسيا راجع إلى «الدفاع النشط» في دوبروبيلا، المدينة الواقعة شمال غربي بوكروفك، والتي حاولت روسيا الاستيلاء عليها في أغسطس ضمن خطة تطويق واسعة. ودعا ذلك الهجوم إلى هجوم معاكس أطلق سراح نحو 189 كيلومتراً مربعاً من الأراضي المحتلة، ما أفسد الحصار الروسي.

تشنّ الجيشان الثاني والحادي والخمسون للذخائر المشتركة هجوماً على بوكروفك وميرنوهراد من الجنوب والشمال على التوالي، ويبدو أنهما يسعيان إلى إحاطة محدودة للجيب إلى جانب محاولة تسلل أمامي عبر مجموعات صغيرة من الجنود. وقد تقدّم التسلل إلى بوكروفك من الجنوب خلال الأسبوع الماضي، بينما ظل المدافعون الأوكرانيون يحتفظون بالأحياء الشمالية.

كما شنت روسيا هجمات في أجزاء أخرى من جبهةٍ بطول نحو 1200 كيلومتر، تختبر فيها نقاط الضعف وتجرب تكتيكات التسلّل التي أثبتت نجاحها في بوكروفك. (الجزيرة) وخلال أسبوع 13–19 نوفمبر سيطرت روسيا على عدة قرى في مناطق خاركيف ودنيبروبتروفسك وزابوروجيه.

يقرأ  ارتفاع جديد في انبعاثات الوقود الأحفوري

من مزايا روسيا سيطرتها على الجو؛ إذ تُسقط طائراتها يومياً نحو 200–250 قنبلة منزلقّة (غلايد بومب) على خطوط الجبهة الأوكرانية. وقال نائب رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية فاديم سكيبيتسكي لوكالة رويترز إنّ روسيا تخطط لإنتاج 120 ألف قنبلة منزلقة العام المقبل، ما قد يرفع المتوسط اليومي إلى 330 قنبلة.

«من الممكن إسقاطها، لكن كمية هذه القنابل الجوية المنتجة في روسيا… هائلة»، قال سكيبيتسكي. «هذا تهديد. تهديد سيتطلب منا أن نرد بالشكل الملائم».

حرب المسافات الطويلة

استخدمت روسيا طائرات مسيّرة وصواريخ طويلة المدى لضرب المدن الأوكرانية. خلال الأسبوع الماضي أطلقت ما يقارب 1600 طائرة مسيّرة و78 صاروخاً؛ واعترضت أوكرانيا 86% من الطائرات المسيّرة وثلاثة أرباع الصواريخ. وقد أصابت العديد من الطائرات والصواريخ مناطق سكنية مراراً.

وكان أسوأ هجوم يوم 19 نوفمبر، عندما قتلت الضربات في مدينة ترنوبيل ما لا يقل عن 25 شخصاً بينهم أطفال إثر تحطيم الطوابق العليا من مبنى سكني مكوَّن من تسع طوابق، وأُصيب ما لا يقل عن 80 آخرين. (الجزيرة)

ردّاً على ذلك، تواصل أوكرانيا هجماتها على البنى التحتية للطاقة الروسية، وقالت يوم الجمعة إنها ضربت محطة نفط في نوفوروسيسك. علّقت روسيا عمليات التصدير في المحطة، التي تمثل نحو 2% من التجارة النفطية العالمية.

كما استهدفت أوكرانيا مصفاة ساراطوف للنفط ومستودع وقود قرب قاعدة إنجلس الجوية.

وبعد يوم، أوقفت مصفاة ريازان عملياتها أيضاً إثر ضربة.

ومع ذلك، لم يتضح ما إذا كانت هذه الحملة تُحدث الأثر المقصود على قدرة روسيا في تزويد قواتها بوقود الديزل.

وقد أُفيد أن روسيا خسرت نحو 20% من طاقتها التكريرية بين أغسطس وأكتوبر، لكن هذا الانخفاض تقلّص سريعاً إلى 3% بفضل تشغيل طاقات احتياطية، وفق تقرير حديث لرويترز نقلاً عن مصادر وبيانات.

أجندات متباينة

التقى زيلينسكي، يوم الأربعاء، بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، الذي تدخل سابقاً بنجاح لدى روسيا لترتيب تبادلات أسرى الحرب.

وقال مسؤولو إعلام إن زيلينسكي أثناء تواجده تجنّب لقاء المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، الذي بدا أنه كان يحمل خطة سلام من البيت الأبيض مكوّنة من 28 بنداً.

يقرأ  الجيش الأوكراني: جبهات القتال في أوكرانيا لا تزال نشطة

وتضمنت الخطة، بحسب مصدرين مجهولين لرويترز، تنازلات إقليمية لصالح روسيا وتقليصاً في حجم القوات الأوكرانية، وهما مطلبان رئيسيان لموسكو. وقال مصدر أوكراني إن كييف لم تشارك في صياغة المقترح.

وكانت Axios قد أفادت في وقت سابق أن واشنطن تعمل على خطة سلام من 28 نقطة.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين إنه لا توجد «ابتكارات» في موقف روسيا «يمكن الإبلاغ عنها».

وبشكل منفصل، أعدّت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون مسودة لوقف إطلاق النار تطالب بوقف الأعمال العدائية كاملاً وبشكل غير مشروط. ولم تطلب أوروبا من أوكرانيا التنازل عن أراضٍ، بل تؤيد تعزيز قدرات قوات كييف.

زيلينسكي يُظهر ميلاً واضحاً نحو الخطة الأوروبية. وبدأت جولته الأوروبية من أثينا، حيث أعلن هو ورئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس نية البلدين لإنتاج مشترك لطائرات مسيرة سطحية.

صافح رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحفي في قصر مونكلوا، مدريد، إسبانيا، في 18 نوفمبر 2025 [Violeta Santos Moura/Reuters]

وكان زيلينسكي في باريس يوم الإثنين لتوقيع اتفاق عشر سنوات مع الرئيس إيمانويل ماكرون لشراء الأسلحة والإنتاج المشترك، يشمل 100 مقاتلة رافالي F4 بحلول 2035، وثمان منظومات دفاع جوي SAMP/T كل منها مزوَّد بست منصات إطلاق، ورادارات دفاع جوي، وصواريخ جو-جو، وقنابل موجهة جوياً.

أصبحت إسبانيا، يوم الثلاثاء، أول دولة تعلن تخصيص مبلغ مباشر ضمن برنامج الاتحاد الأوروبي للأمن Action For Europe (SAFE) للإنتاج المشترك للأسلحة مع أوكرانيا بقيمة 215 مليون يورو (حوالي 250 مليون دولار). كما وعدت إسبانيا بتسليم 40 صاروخاً من نوع Iris-T وتخطط لتوفير رادارات بعيدة المدى.

واقترح المستشار الألماني فريدريش ميرتس، يوم الخميس، إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ كروز بعيدة المدى من طراز تاوروس التي طالما طلبتها.

وقال ميرتس: «في الأشهر الأخيرة عملنا بجد مع الحكومة الأوكرانية على مشاريع نُصطلح عليها تقنياً بـ(النيران طويلة المدى). سيتم تزويد الجيش الأوكراني بمثل هذه الأنظمة.»

أضف تعليق