متحفّات جديدة من تصميم ديفيد أدجاي تثير التساؤل: ماذا حلّ بحركة #أنا_أيضًا؟

من بين الحركات السياسية التي شهدها عقد 2010 وفشلت في بناء سلطة فعلية، بدا #MeToo بالنسبة إليّ الأكثر إيلاماً وشخصية. كنتُ في مراحل الدراسات العليا عند ذروة الحركة، حيث تعرّضتُ للتحرش من قِبَل أستاذ وكنت أشارك قصصي مع زميلاتٍ في مواقف مماثلة. وصفها المنتقدون لاحقاً بأنها مجرد سجال في حرب ثقافية ليبرالية خاسرة، لكن في حينه كانت تجربهٌ مشحونة بالكهرباء: حين تراسلت مع نساء أخريات في مجالي أدركتُ أنني لستُ وحيدة، وأن الحالة كانت شائعة إلى حدّ مُقزز، ومع اتساع هذا الوعي تزايدت لديّ وإلى جانبي الإلحاحية على التغيير، مغذّاة بغضبٍ جماعي وحزن تحوّلا إلى قوة محسوسة وربما خطيرة.

مقالات ذات صلة

كانت الخطورة حقيقية. لفترة وجيزة، ورغم أنها كانت قصيرة، نُقلت مسألة الاعتداء الجنسي في أماكن العمل — التي طالما كانت موضوع شبكات الهمسات والإشارات المُبطنة — من الظل إلى الضوء العام. بدا لنا لوهلة أن التغيير الجاد ممكن؛ ربما لن يضطر أحدٌ آخر لتحمّل ذلك. كم كاتبة، ما أظل أتذكّره هو الإيمان المشترك — وشأنه نوعٌ من السذاجة ربما — أن مشاركة القصص والكلام بحد ذاتهما ليسا مجرد تصدير تجربة بل وسيلتان لتغيير توازن القوى.

أن #MeToo شكّل أقرب ما كان لدى مؤسسات كثيرة من تصحيح مسارها إزاء الاعتداءات والتحرشات المنتشرة بدا نصراً آنياً، لكنه، بعد ما يقارب عقدٍ من الزمن، تحوّل إلى فشل ذريع. عاد إلى الحياة العامة بعض من وُجهت إليهم اتهامات آنذاك، مثل لويس سي. كيه، وبيل أورايلي، ومورغان فريمان، وجوني ديب، بعد فترة عقوبةٍ قصيرة نسبياً، في زمنٍ أصبح فيه الخطاب أقل ليبرالية في العقد 2020. ثمة أسباب لذلك: تعب الاحتجاج، التحوّل الرجعي في خطاب الجمهور الذي طوّته الخوارزميات، والتطرف المقلق بين فئة من الشباب الذكور، وكلها تفاقمت بفعل العزلة في فترة الإغلاق.

يقرأ  هدية فنية في هارفارد: متاحف الجامعة تستلم عملاً لِهاينز ماك — والمزيد من أخبار الفن

بشكلٍ عام، المعماريون السياسيون لتراجع #MeToo ليسوا مفعمين بالجرأة من التحوّل المحافظ بقدر ما أُعطوا إذناً للجبن؛ وعندما تكون المؤسسات مُنحازةً إلى الليبرالية أو تدّعي ذلك، فإن هذا الجبن يتجلّى بهدوء: يتوقف الناس عن الحديث عن ما جرى ويصمتون على أمل أن يجرف التيار القضية بعيداً إلى الأبد.

هذه الديناميكية تنطبق على حالة ديفيد أديجي، الذي وُجهت إليه في 2023 اتهامات من ثلاث نساء بالاستغلال الجنسي والتحرش وخلق بيئة عمل معادية في شركته Adjaye Associates. نفى أديجي جميع الادعاءات، لكن تحقيقاً في الـFinancial Times رسم صورة رجلٍ استغلّ موقعه ونجاحه لمصالح شخصية لسنوات. استمر نمط الاعتداء المزعوم طويلاً لأن لديه سلطةً مادية على هؤلاء النساء — ليس فقط على الأجور وساعات العمل بل أيضاً على وضعهنّ في قضايا الهجرة في مكتب شركته في أكرا، غانا. وورد أيضاً أن أديجي سلّم أسماء ضحاياه للحكومة الغانية للتحقق من أوضاعهم الهجرية. أكثر من ذلك، وصفت إحدى النساء الاعتداء بأنه كان ذا بُعد عنصري، ونقلت عن أديجي قوله إن النساء السود “ثمار تتدلى منخفضة”، و«لو كنتُ أبيض لكان لجسدي احترام». نفى أديجي هذه التصريحات أيضاً.

وجدت الحملة المضادة رداً قوياً في حينه؛ أُلغيت مشاركة أديجي في كثيرٍ من المشاريع قيد التطوير، ومنها مشاريع ضخمة مثل نصب ولاية ويستمنستر لضحايا الهولوكوست. لكن لم يمض وقت طويل حتى بدأ بعض الموكلين يتراجعون، مقدمين تصريحاتٍ شكلية عن دعم حقوق النساء بينما يواصلون دفع مستحقاتٍ لشركته. هذا الخريف، تستمر مكتبه في إكمال العديد من المشاريع، من بينها متحف برينستون للفنون، وستوديو سيتي في هارلم، ومتحف الفن الإفريقي الغربي في مدينة بنين بنيجيريا. زبائن هذه المشاريع أعلنوا تبرؤهم من أديجي، زاعمين أن أعمال التصميم أنجزتها فرق داخل المكتب نفسه دون إشرافه المباشر؛ وفي المقابل يظل هو على رأس المكتب.

يقرأ  هل ستدفع منطقة اقتصادية مدعومة من الولايات المتحدة لبنان إلى نزع سلاح حزب الله؟— في ظل هجمات إسرائيل على لبنان

مع افتتاح هذه المباني، ينشأ فضاء غامق نقاشياً. بحسب نيويورك تايمز، لم يُدع أديجي لافتتاح متحف برينستون. لم تردّ إدارة ستوديو متحف على سؤال الصحيفة عن دعوته لكنها أكدت أن أديجي لم يشارك منذ 2023. أما MOWAA فدعت المكتب بأكمله دون أن توضح ما إذا كان أديجي نفسه حضر. في رأيي، ومع صعوبة وتكلفة تغيير المعماريين أو إيقاف مشروع تجاوز مرحلة تطوير التصميم، فإن الضرر قد وقع بالفعل؛ والأخطر أن الضرر لحق بمُدّعِيَات أديجي اللواتي، على ما يبدو، لن يَنلنَ عدلاً، وقد ضيّعن سنوات من حياتهنّ في ظلّ الاعتداء، بينما لا تزال الشركة التي عملن بها تجني ملايين الدولارات من الرسوم.

يبدو تافهاً بالمقارنة أن المؤسسات التي موّلت أعمال أديجي لم تعد تستخدِم اسم النجم المعماري صراحةً في موادها الدعائية، لكنها تبقى شريكةً في الجريمة بالاستمرار في دفع أتعاب المكتب على أمل أن تكفي عبارة شديدة اللهجة. أياً كانت جودة هذه المشاريع من ناحية الشكل أو الرقي، فإنها عمل معوّب أخلاقياً؛ وأي ناقد مهتمّ بأخلاقيات المهنة سيتحتم عليه ملاقاة ثقل ما جرى لهؤلاء النسوة والتساؤل عمّا إذا كان ما يُرى أمامه يستحقّ هذه التكلفة الإنسانية.

عائدية أديجي للفوز بجوائز مثل جائزة ماريو باني في المكسيك ومتابعته لعروض مشاريع ثقافية كبيرة تعبّر عن أن ثمة من يعتقد أن المدّ قد انقلب على قضايا التحرش الجنسي، وبناءً عليه فإن عودته لمجال العلني ممكنة. بالنسبة إليّ، هذا مؤشر على مشكل أوسع من عالم العمارة: مشكل السلطة والعمل. التقدّم الذي تحقق بعد #MeToo كان محدوداً لأن شعاراً مهما كان قوياً ليس تغييراً دائماً؛ كانت تلك الكلمات التي صدّقتُ بها بداية، لكنها الآن تبدو تشبه لصقة حينما تتطلب الحالة جراحة إصلاحية. القواعد المؤسسية الجديدة لسلوك الجنس في أماكن العمل، سواء عبر التشريع أو بوسائل مثل النقابات، توسيع حقوق العمال، وسياسات حماية المبلغين، لم تتبلور بالشكل الكافي. وحتى لو تحقق جزء منها، فلا بد من تنفيذها؛ وكما شهدنا مع تراجع جهود التنوع، فالسلطة تستطيع أن تنقلب في الاتجاه الآخر. واحدة من المعتقدات المحبطة التي يبدو أن الأمريكيين يتشاركونها هي الاعتقاد بأن التاريخ يتقدم دائماً إلى الأمام؛ وعندما يتراجع محبطاً، لا نعرف بالضبط كيف نفعل. نتساءل: هل على المرء أن يخوض المعركة من جديد حقاً؟

يقرأ  أقوى سلاح في مجموعة أدوات المستقل: ليس الموهبة بل مهارات التواصل

قضية أديجي تُبَيِّن أن المؤسسات الليبرالية والجمعيات الخيرية والحكومات والمؤسسات المانحة التي تموّل أعماله تبدو أكثر اهتماماً بالملايين المصروفة من أتعاب المعماريين مما تهتم بمعاناة العاملات. لذا يفتحون المباني الجديدة، ويتبرؤون من أديجي، ويدفعون لمكتبه، كلهم على أمل ألا يشتكي أحد. الخطوة الأولى لمواجهة هذه المعركة من جديد هي ألا نسمح لهم بالفرار بهذه السهولة.

أضف تعليق