خطوة تاريخية: السلفادور تشارك في بينالي البندقية للمرة الأولى

يزداد حجم بينالي البندقيّة مع كل دورة بانضمام دول جديدة إلى صفوف الأجنحة الوطنيّة. وهذا ما سيتكرر في دورة 2026 حيث ستشارك السلفادور للمرة الأولى بجناحٍ وطنيّ مستقلّ.

الفنان الافتتاحي هو ج. أوسكار مولينا، فنان سلفادوري–أمريكي وُلِد عام 1971، نشأ على ضفاف خليج فونسيكا جنوب السلفادور، وغادر بلاده عام 1989 وهو في السادسة عشرة من عمره في ذروة الحرب الأهليّة.

“بالنسبة إليّ، ليس مجرد شرف أن أمثّل السلفادور — لقد نشأت هنا — لكن للأسف نحن الآن نمرّ مرة أخرى بدورة هجرة”، قال مولينا في حديثه مع ARTnews. “هذه أوّل مرّة تستضيف فيها السلفادور جناحها الخاصّ في البينالي — أشعر بفرحٍ عظيمٍ وبركة كبيرة. كفنانٍ، أنا ممتنٌ للغاية.”

مقالات ذات صلة

سيحمل جناح مولينا عنوان “خرائط النازحين”، وتشرف عليه القاصة ومؤرِّخة الفن أليخاندرا كابيزاس، بينما تتولى أسترِيد باهموند مهمة المفوَّضة الوطنية، وهي المديرة الوطنية للمتاحف ومساحات العرض في وزارة الثقافة السلفادورية. سيُعرض المشروع في قصر بالازّو مورا بحي كانّارِيجيو في البندقية (الذي احتضن جناح كيريباتي عام 2019). سيضمّ العرض على الأقل خمسة عشر من تماثيل سلسلة “أطفال العالم” لمولينا، بعضها في حديقة مدخل القصر.

سبق أن عرض مولينا سلسلة “أطفال العالم” في السلفادور عام 2024 في القاعة الوطنيّة للمعارض “سالارّوي” في سان سلفادور. “لقد كان المعرض ناجحًا للغاية وتلقّاه الجمهور بحسّ فِكْرِيّ ورسالةٍ قوية خلفه”، قال الفنان، وكان هذا المعرض سبب تواصل باهموند معه في وقتٍ سابق من العام لطلب تولّي الجناح الافتتاحي للبلاد في البينالي.

بدأت سلسلة “أطفال العالم” كلّها على شكل لوحات شبه تجريديّة، تتصاعد فيها خطوطٌ من ألوانٍ متعدّدة على خلفيّاتٍ مناظرية تُظهر السماء في أوقاتٍ متباينة من اليوم. “كان من الصعب تقليد ذاكرات كلّ هؤلاء المهاجرين الذين عملوا معي من أجزاء مختلفة من العالم”، قال مولينا، “لكنّي رغبت أن أمنح هذه الأشكال صيغةً بسيطة تسمح لكلّ شخصية أن ترى ذاتها، أن ترفع من نفسها أثناء بحثها عن شيءٍ أعظم أو أبعد من لحظتنا الراهنة.”

يقرأ  كشف هوية سيدة رومانية مجهولة عبر تمثال أثري في شبه جزيرة القرم

تحوّلت تلك الأشكال المتلوّنة قريبًا إلى منحوتات ثلاثية الأبعاد، مستفيدًا من خبرته التي تمتدّ لأكثر من خمسة وعشرين عامًا في مجال البناء. خلال السنوات الثلاث الماضية عُرضت هذه التماثيل في الولايات المتحدة والمكسيك والسلفادور.

“كنت أحاول أن أتذكّر مروري عبر صحراء أريزونا”، قال مولينّا عن السلسلة. “إنها واحدة من الوسائل التي أستدعي بها الذكريات عبر الفن باعتباره علاجًا. مع الوقت، لم أعد أرى اللوحات والتماثيل بخوف، بل برؤيةٍ مليئةٍ بالأمل. حينها بدأ عملي يتحوّل، وبدأت أرى رسالة مختلفة تمامًا وراء تركيب ‘أطفال العالم’.”

أوضح أيضًا: “فوجئت حين وجدت نفسي أبتكر تركيبةً كانت مألوفةً بالنسبة إليّ بطريقةٍ ما، لكنها تتحدّث بلغةٍ عالميّة عن التشريد.”

سترفق كلّ تمثالٍ من سلسلة “أطفال العالم” في البندقية برمز QR يقود الزائرين إلى رسائل تفاعليّة من مجتمعاتٍ مهجّرة حول العالم؛ إحداها ستروي قصة هجرة مولينا نفسه. “كيف ولماذا غادرت السلفادور؟ أجبرتني الحرب عندما كنت فتىً في الخامسة عشرة”؛ وأضاف: “أتحدّث عن ذلك النوع من الهجرة، عن وصولي إلى الولايات المتحدة، وكيف تغيّرت حياتي تمامًا جرّاء هذه التجربة — كيف منحتني تلك البلاد أدوات وفرصًا تطوّرت بها لأكون إنسانًا أفضل في كلّ النواحي.”

كأهمّ حدثٍ فنّي دولي على مستوى العالم، تتناول معروضات وجناحات بينالي البندقية كثيرًا من القضايا السياسيّة لبلدانها، أو سياسات دول أخرى — كالولايات المتحدة وأوروبا — التي أثّرت على موطنهم. ورغم محاولات بعض الأطراف إبقاء البينالي في إطارٍ غير سياسي، فإن السياسة الدولية تبقى حاضرةً دومًا عند مشاهدة المعرض والأجنحة مجتمعةً.

لطالما كانت السلفادور محورًا للسياسة الجيوسياسيّة في الولايات المتحدة منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير. ففي مارس، استندت إدارة ترامب إلى قانون “الأعداء الأجانب” وشرعت بترحيل مهاجرين — زعمت الإدارة أنّهم مشتبهٌ بهم بالانتماء إلى عصابات — إلى السلفادور، التي وافقت على احتجازهم في مرفقٍ سجنِي ضخم يُعرف بمركز احتجاز الإرهاب (CECOT). كشفت وثائق محكمة في سبتمبر أن الإدارة دفعت للسلفادور مبلغ 4.67 مليون دولار لاستضافة ما قيل إنهم عناصر عصابات.

يقرأ  واديفول يحذّر بوتين من «اللعب على الوقت» في حرب أوكرانيا

أصبح رئيس السلفادور، نجيب بوكيل، محبَّبًا لدى المحافظين بسبب سياساته الصارمة تجاه الجريمة، التي أدّت إلى توقيف أكثر من 80 ألف شخص للاشتباه بصلتهم بعصابات، وبفضل شخصيته التصريحيّة الجريئة التي شَبَّهها كثيرون بأسلوب ترامب. وقد أطلق على نفسه لقب “أبرَد دكتاتور في العالم”.

عند سؤاله عن الوضع السياسي، قال مولينا: “أنا لا أعرف الكثير عن السياس… «ليس لدي الكثير لأقوله، لكن ما أستطيع قوله هو أنه لأمر مدهش أن تأتي إلى مكان (السلفادور) كان ينتمي لعالم مغاير تمامًا. أتذكر أنني كنت آتي إلى هنا لرؤية والديّ، وكنت خائفًا. الآن، بعد نحو سبع سنوات، أستطييع الذهاب إلى أي مكان وفي أي وقت. أشعر بأمان تام.»

قال مولينا إنه يأمل أن يحظى جناحه بصدى قوي خلال البينالي، في زمن باتت فيه مسألة الهجرة القسرية قضية عالمية. «نحن نمر بلحظة صعبة فيما يتعلق بالنزوح العالمي،» قال. «كلمة “هجرة” تُستَخدم أكثر فأكثر عبر أنحاء العالم، ونحن نعيش تفاصيلها ونلمس تأثيراتها. كانت الهجرة موجودة دائمًا. الرسالة من “أطفال العالم” هي أن نُدرك جميعًا انتماءنا المشترك — وأن نُظهر مزيدًا من الرحمة والتعاطف تجاه الآخرين، وخصوصًا تجاه أولئك الذين لا يجدون مكانًا يؤوِّهم.»

أضف تعليق