نتيجة استحواذ ضخم: نتفليكس تتفق على شراء استديوهات التلفزيون والافلام وقسم البث لدى وارنر بروس ديسكفري مقابل 72 مليار دولار
أعلنت نتفليكس يوم الجمعة عن اتفاق لشراء وحدات التلفزيون والافلام وخدمات البث التابعة لشركة وارنر بروس ديسكفري، في صفقة قد تنقل ملكية أحد أقدم وأهم أصول هوليوود إلى رائد البث الرقمي.
خلفية الصفقة
الاتفاق جاء بعد أسابيع من مزايدات مكثفة بين نتفليكس وكونسورتيوم باراماونت–سكايدانس. وفق مصادر مطلعة نقلتها وسائل إعلام، عرضت نتفليكس حوالى 28 دولاراً للسهم بينما عرضت باراماونت 30 دولاراً للسهم.
تفاصيل مالية وشروط
بموجب الاتفاق، سيحصل مساهمو وارنر بروس ديسكفري على 23.25 دولاراً نقداً لكل سهم وحوالى 4.50 دولارات على شكل أسهم نتفليكس، ما يقدر قيمة السهم عند 27.75 دولاراً، وبقيمة إجمالية تعادل نحو 72 مليار دولار من حقوق الملكية، أو نحو 82.7 مليار دولار شاملة الدين.
تضمنت الصفقة بندي تعليق مهمين: قدمت نتفليكس مكافأة فسخ تبلغ 5.8 مليار دولار لصالح وارنر بروس ديسكفري، وفي المقابل ستدفع وارنر 2.8 مليار دولار لنتفليكس إذا انهارت الصفقة.
تأثيرات تشغيلية وإدارية
تتوقع نتفليكس تحقيق وفورات سنوية تشغيلية تقدر بين 2 إلى 3 مليارات دولار اعتباراً من السنة الثالثة بعد إتمام الاندماج. كما أعلن أن ديفيد زازلَّف سيغادر منصبه كرئيس تنفيذي لدى اكتمال الصفقة.
مكتبة محتوى ضخمة ومخاوف مكافحة الاحتكار
الاستحواذ يمنح نتفليكس حقوق امتيازات ثقافية وإعلامية ضخمة مثل Game of Thrones وعلامة DC وHarry Potter، وهو ما يثير مخاوف قوية في أوروبا والولايات المتحدة بشأن تركيز قوة الشراء وسيطرة مفرطة على سوق التوزيع والبث، لا سيما وأن نتفليكس بالفعل لاعب مهيمن في الصناعة.
التوظيف والردود الرسمية
قالت نتفليكس إن الصفقة ستخلق وظائف وفرصاً للمواهب، لكن ممثلي الشركة لم يقدموا تفاصيل لتوضيح كيف ستتحقق هذه الوعود عند التواصل مع وسائل إعلام دولية. من جهة أخرى، أعرب عدد من مسؤولي القطاع والقيادات السياسية عن قلقهم من تبعات الصفقة على المنافسة واستقلالية المحتوى.
انتقادات من قيادات سابقة وصناعة السينما
وصف جايسون كيلار، المدير التنفيذي السابق لشركة وارنر ميديا، البيع بأنه أحد أكثر الطرق فعالية لتقليص المنافسة في هوليوود. منظمات عرض الأفلام العالمية حذرت من تهديد “غير مسبوق” لدور السينما حول العالم، بينما حذر محللون من رقابة تنظيمية صارمة متوقعة على الصفقة.
التدقيق السياسي في واشنطن
حتى قبل إغلاق العروض، أبدى أعضاء الكونغرس مخاوف من أن يحرم هذا الاندماج المستهلكين ويضعف المنافسة في هوليوود؛ كما أعربت الإدارة الأمريكية عن “تشكيك كبير” حيال الصفقة. السيناتور إليزابيث وارن وصفت التحرك بأنه “كابوس لمكافحة الاحتكار” محذرة من أن صفقة بهذا النطاق قد تكوّن عملاقاً إعلامياً يسيطر على نحو نصف سوق البث، ما قد يؤدي إلى زيادات في الأسعار وتقلص الخيارات للمشاهدين.
ردود مشرعة أخرى
قالت النائبة براميلا جايابال، المشاركة في رئاسة caucus مكافحة الاحتكار في مجلس النواب، إن الصفقة ستكون “كابوساً” للمستهلكين والعاملين في الصناعة، مع توقعات بارتفاع الأسعار، زيادة الإعلانات، محتوى نمطي أقل، تراجع سيطرة المبدعين، وانخفاض الأجور. الجمهوريون أيضاً عبّروا عن مخاوف مماثلة بشأن تقليص الاختيارات وترك نسبة سوقية كبيرة بيد نتفليكس.
الأبعاد السياسية ووسائل الإعلام
أثارت المنافسة بين العروض تساؤلات بشأن الروابط السياسية لبعض الجهات الإعلامية؛ فشبكات إخبارية تابعة لبعض المنافسين لها علاقات قريبة بالإدارة الحالية، فيما اتُهمت جهات بقرارات تحريرية قد تتقاطع مع رغبات بيت الحكم، بحسب تقارير وتحليلات. كما سجلت تعيينات إدارية ومسؤولين جدد في بعض شبكات الأخبار التي تثير جدلاً حول خلفياتهم السياسية ومصداقيتهم الصحفية.
تأثير على المشتركين والسوق
إذا أُقِرَّ الاندماج، فسيُضاف عدد مشتركي HBO Max البالغ نحو 128 مليوناً إلى أكثر من 300 مليون اشتراك لدى نتفليكس، ما يصنع لاعباً ضخماً يهيمن على المشهد العالمي للبث. في الأسواق المالية انعكست الأخبار على أسواق الأسهم؛ إذ تراجع سهم نتفليكس بنحو 0.8% في التداولات منتصف اليوم بينما ارتفع سهم وارنر بروس ديسكفري بنسبة حوالى 3.5%.
الخلاصة
الصفقة تمثل نقطة تحول محتملة في صناعة الترفيه العالمية: توسع هائل لمكتبة محتوى واحدة وقدرة شرائية مركزة على نحو لم تشهده الصناعة من قبل، مع وابل من التساؤلات التنظيمية والسياسية حول تأثيرها على المنافسة، حرية التعبير، ومستقبل دور السينما والعمالة في هذا القطاع.