هل يسعى ترامب حقاً إلى نفط فنزويلا؟
كم تملك فنزويلا من النفط؟
فنزويلا تملك أكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم — نحو 303 مليارات برميل — لكن هذا الرقم يبقى إسميّاً إذا ما قورن بالإنتاج الفعلي اليوم. الإنتاج انهار منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بعدما سيطرت حكومات هوغو تشافيز ثم نيكولاس مادورو على شركة النفط الوطنية PDVSA، ما أدى إلى هجرة خبراتٍ فنية وإدارية وانهيار البُنى التحتية للمحطات والمنشآت.
العقوبات الأميركية التي بدأت مع إدارة باراك أوباما واشتدت لاحقاً حدّت من قدرات فنزويلا على استيراد قطع الغيار وجذب الاستثمارات. النتيجة أن إنتاج البلاد بات محدوداً للغاية — نحو 860 ألف برميل يومياً وفقا لوكالة الطاقة الدولية في نوفمبر — أي أقل من ثلث ما كان عليه قبل عشر سنوات وتمثل أقل من 1% من استهلاك العالم.
هل يسعى ترامب لنهب نفط فنزويلا؟
البعض في الولايات المتحدة يربطون التدخّل المحتمل بفنزويلا بالمصالح الاقتصادية وفرص إعادة إحياء القطاع النفطي لصالح شركات أميركية. تصريحات بعض النواب وفاعلي السوق تصوّر بلداً غنياً بالخام جاهزاً لإعادة تشغيله من قبل شركات مثل شيفرون، وهو سيناريو قد يُعيد كميات من الخام الثقيل المطلوبة لمصافي ساحل الخليج في الولايات المتحدة.
لكن الإدارة الأميركية رسمت موقفها رسمياً حول المخاوف من الاتجار بالمخدرات و”شرعية” نظام مادورو كأولوية. كما أن بعض الخبراء يتعاملون مع هذه التصريحات “بمظاهرها الظاهرة” ويقولون إن الدلائل التي تُثبت أن النفط هو المحرك المركزي لسياسة واشنطن غير قاطعة.
ما هي مصالح واشنطن في فنزويلا؟
من الناحية العملية، شركة شيفرون هي الفاعل الأميركي الوحيد الكبير المتبقّي في فنزويلا بترخيص استثنائي أعطته إدارة بايدن، واستمرّت إدارة ترامب بمنح بعض التسهيلات لها هذا العام بينما سحبتها عن شركات أوروبية أخرى. المصافي الأميركية على ساحل الخليج تقدّر الخام الثقيل الفنزويلي لكونه أقل كلفة ومعيّباً اقتصادياً للمعالجة، ما يجعل الطلب عليه قوياً حتى لو لم تشارك الشركات الأميركية في الإنتاج مباشرة.
ما هي التحديات أمام استغلال النفوذ النفطي؟
حتى لو أُزيلت العقوبات أو تغيّرت السلطة، إعادة بناء قطاع نفطٍ منهك تتطلب استثمارات هائلة ووقتاً طويلاً. دراسات صناعية تشير إلى أن تحسينات إدارية واستثمارات طفيفة قد ترفع الإنتاج إلى نحو مليوني برميل يومياً خلال سنتين، لكن رفع الإنتاج بشكلٍ كبير سيستلزم عشرات المليارات من الدولارات وربما عقوداً من الزمن.
إضافة لذلك، هناك مخاطر تنظيمية وسياسية — مثل العضوية في أوبك وتعقيدات قانونية وسياسية — قد تثنِي الشركات الخاصة عن الإقدام على مخاطرة طويلة الأمد. ثمّ إن الطلب العالمي على النفط لم يعد في حالة نموٍ مطرد كما في السابق؛ التحوّل نحو مصادر طاقة أنظف قد يحدّ من الجدوى الاقتصادية للاستثمار الضخم في البُنى التحتية الفنزويلية.
الخلاصة
نفط فنزويلا يظل مورداً استراتيجياً ذا قيمة اسمية كبيرة، لكن إعادة تحويله إلى قوة إنتاجية واقتصادية قابلة للاستخراج والتصدير ليست أمراً بسيطاً أو سريعاً. السؤال الحقيقي ليس فقط “هل تريده واشنطن؟” بل: “هل يستحق هذا الحجم من الاستثمار والمخاطرة في ظل تحولات الطاقة العالمية؟” بلاشك أن الإجابة تتوقف على مزيج من اعتبارات سياسية واستراتيجية واقتصادية.