قضاة المحكمة الجنائية الدولية يبدون رباطة جأش أمام عقوبات أمريكية بسبب قضايا جرائم الحرب الإسرائيلية

أثر عقوبات الولايات المتحدة على حياة موظفي المحكمة الجنائية الدولية

وصف موظفون في المحكمة الجنائية الدولية كيف غيّرت العقوبات الأمريكية تفاصيل حياتهم اليومية بشكل جذري. فقد قُطعت خدمات بنكية وبطاقات ائتمان وخدمات شركات تقنية كبرى مثل أمازون عن قضاة ومدّعين في المحكمة بهولندا، بعد عقوبات فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على خلفية تحقيقات بشأن جرائم حرب يُشتبه بارتكابها من مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين.

أفادت وكالة أسوشييتد برس أن ثمانية موظفين على الأقل — بينهم ستة قضاة والنائب العام — تعرّضوا لآثار عقابية واسعة النطاق نتيجة هذه الإجراءات. وقد حدّت تدابير صدرت في أمر تنفيذي هذا العام من وصولهم إلى خدمات مالية أساسية وأنشطة يومية مثل التسوّق الإلكتروني والبريد الإلكتروني، كما منعتهم من دخول الولايات المتحدة، ما وضعهم في وضع مشابه لشخصيات خاضت قيوداً مماثلة مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي سُمح له خلافاً لذلك بزيارة ولاية ألاسكا في أغسطس لعقد قمة مع ترمب.

وقالت القاضية الكندية كيمبرلي بروست، إحدى المسؤولات المُدرَجة على قوائم العقوبات، لوكالة الأسوشييتد برس: «عالمك بكامله محدود». وأضافت أنها فقدت الوصول إلى بطاقاتها الائتمانية وأن كتبًا إلكترونية اشتراها وأختفت من جهازها، كما أنّ ألكسا لدى أمازون توقفت عن الاستجابة لديها. وأكدت: «اللايقين هو الأسوأ. إنها مضايقات صغيرة، لكنها تتراكم».

سُلطت العقوبات على بروست بسبب تصويتها للسماح لمكتب الادعاء بمواصلة التحقيقات بشأن مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أفغانستان، شملت مزاعم ضد عناصر من الجيش والمخابرات الأميركية. وهي تقول: «قضيت حياتي في العمل في مجال العدالة الجنائية، والآن أجد نفسي في قائمة إلى جانب من يُشتبه بتورطهم في الإرهاب والجريمة المنظمة».

كما قالت القاضية البيروفية لوز دل كارمن إيبانييث كارّانزا، المستهدفة أيضاً بالعقوبات، إن قيود السفر الأميركية التي شملت أفراد العائلة حالت دون مشاركة بناتها في مؤتمرات عقدت في الولايات المتحدة. وتُهدّد هذه العقوبات الشركات والأفراد بعقوبات مالية كبيرة وسجن إذا قدّموا «دعماً مالياً أو مادياً أو تكنولوجيا» للأشخاص المدرجين، مما يدفع العديد من مقدمي الخدمات إلى سحب خدماتهم عن المستهدفين.

يقرأ  السلطة الفلسطينية تعتقل مشتبهًا فلسطينياً بعد عقود من الهجوم القاتل على مطعم في باريس — أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

وعن تعقيدات التنفيذ، لفتت نائبة المدعي نزهت شميم خان إلى الصعوبة في معرفة إن كانت تعطل بطاقة في مكان ما مجرد عطل فني أم عقوبة مباشرة: «لا يمكنك أن تكون متأكداً أبداً».

قضايا مرافقة وتهديدات

تُعد العقوبات إحدى السلسلة من الضغوط الممارسة على المحكمة بعدما أصدرت أوامر توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهم «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب» أثناء الحرب على غزة. لم تكن إسرائيل ولا الولايات المتحدة عضويْن في المحكمة.

ذكرت تقارير أن مكتب المدعي العام تلقّى تهديدات مباشرة بإجراءات انتقامية إن لم تُسحب أوامر الاعتقال؛ ففي يوليو أورد موقع ميدل إيست آي أن محامي دفاع بريطاني-إسرائيلي مرتبط بمستشار لنتنياهو حذّر المدعي العام كريم خان من أن الأخير والمحكمة «سيُدمَران» إذا لم تُسحب المذكرات. وأضاف الموقع أن مستشار نتنياهو القانوني عرض على خان «اقتراحاً» يتيح له «الانسحاب من الشجرة»، بحسب ما نُقل.

وفي تقارير أخرى وُجهت تحذيرات دبلوماسية، منها رسالة مفادها أن المملكة المتحدة قد توقف التمويل وتنسحب من المحكمة إذا أصدرت مذكرات قبض ضد نتنياهو وغالانت، كما هدّدت شخصيات أمريكية من بينهم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام بفرض عقوبات على خان لو مضى في طلب المذكرات.

إجازة واستجابة الدفاع

في مايو أعلن مكتب خان أنه أخذ إجازة مؤقتة بانتظار تحقيق تقوده الأمم المتحدة بشأن ادعاءات سوء سلوك جنسي ضده، وتولَّى نائبان المدعي مهامّه مؤقتاً. ونفى خان ما وُجه إليه من اتهامات واتّهم وسائل الإعلام بالتدقيق المفرط، مؤكداً أنه انسحب مؤقتاً فقط حتى انتهاء التحقيق.

أضف تعليق