تحفظات واسعة لدى المعلمين بشأن العدالة التصالحية لنبدد ثلاث مغالطات شائعة

نظرة عامة:
تشارك استاذة تجربة تطبيق ممارسات العدالة التصالحية وكيف أنّ هذه الممارسات، رغم الشكوك والتحفظات، غيّرت سلوك تلميذ مضطرب وساهمت في بناء بيئة صفية أكثر شمولاً ودعمًا.

وصلت تانيا متأخرة إلى الصف وأخبرتني أن كريس دفعها إلى الأحراش لأنه اعتقد أن الأمر مضحك. حين سألت كريس بهدوء ومن دون اتهام، أصبح موقفه دفاعيًا وبدأ يصرخ ويطلق ألفاظًا نابية. وقع الحادث بعد أسابيع قليلة من بدء العام الدراسي، فلم أكن أعرف كريس جيدًا بعد. وبما أنه كان يستفز بسهولة، ذهبت إلى المكتب للاطلاع على سجله التأديبي. تبين لي أن هذا التلميذ في المرحلة الإعدادية له سجلات تأديبية متعددة — من سلوك عدواني وتحدٍ إلى تخريب وسرقة — تمتد منذ الروضة، وهو ما يذكّرنا بمخاطر المسار من المدرسة إلى السجن. قررت أن يكون ردّي تطبيق ممارسات العدالة التصالحية.

كان هناك رد فعل مضاد من بعض الأهالي وحتى من بعض الزملاء الذين يرون أن إجابات تربوية أكثر عقابية يجب أن تُستخدم لمواجهة السلوكيات الصعبة. قيل لي إن هذه الممارسات غير فعّالة. لنفند هذه الخرافات.

الخرافة الأولى: العدالة التصالحية تعني غياب العواقب.
الحقيقة أن العاملين في المدارس غير المدربين على ممارسات العدالة التصالحية يميلون أحيانًا إلى خلط عدم الاستجابة أو التساهل مع ممارسات تصالحية، فيُحكم عليها بالفشل خطأً. عندما تُطبّق هذه الممارسات بشكل صحيح وبامانة، يكون العكس هو الصحيح: المساءلة عبر إصلاح الضرر هي العاقبة على السلوك السيئ، وهي أكثر تأثيرًا من الإجراءات العقابية. الردود العقابية بطبيعتها انتقامية ولا تصلح السلوكيات؛ بل غالبًا ما تفاقمها. بمطالبة التلاميذ بإصلاح الضرر، يتعلمون التعاطف ويمارسون التأمل الذاتي فيسهم ذلك في بناء الشخصية. كما يتعلمون حل النزاعات والتعامل الإيجابي مع الأقران والبالغين، وتصبح هذه الممارسات — عند الاستمرارية — وسيلة وقائية تقلل من ظهور السلوكيات الصعبة وتزيد من انخراط الطلاب في الدرس.

يقرأ  تنبيه سفر أمريكي بشأن «الإرهاب» في المكسيك — لماذا صدر؟أخبار الجريمة

الخرافة الثانية: العدالة التصالحية تهتم فقط بالطلاب الملونين وتستثني البيض.
أكبر فئة ديموغرافية في مدرستي هي الطلاب البيض. استطلعت رأي 97 من طلابي حول مشاعرهم تجاه الممارسات التصالحية؛ 58% منهم كانوا من البيض. أربعة طلاب أبدوا لامبالاة تجاه هذه الممارسات، فكانت فرصة للالتقاء معهم واستخدام نهج تصالحي للاطمئنان عليهم. أما بقية الطلاب فكان تقييمهم إيجابيًا غالبيًا؛ قالوا إن هذه الممارسات تجعلهم يشعرون بالانتماء وكأنّهم جزء من عائلة. غالبًا ما يطلب هؤلاء الطلاب التدخلات التصالحية عندما يحتاجون إلى دعم عاطفي، أو مساعدة في حل نزاع، أو تجارب تعليمية مجتمعية تبني التعلم.

الخرافة الثالثة: استخدام الممارسات التصالحية يخلق بيئة صفية غير آمنة ويضُر بالمناخ المدرسي.
في الواقع، الإجراءات العقابية هي التي تُسهم في مناخ مدرسي سلبي. معاقبة الطلاب وإخراجهم من الصف بسبب سلوكيات مزعجة وغير عنيفة يرسل رسالة مفادها أنهم أعضاء غير مُقدّرين في المجتمع المدرسي، ما يكرّس معتقداتهم ويزيد من السلوكيات عند عودتهم. من واجبنا كمعلمين بناء علاقات مع جميع الطلاب، لأن الطلاب الذين يعانون سلوكيًا سيعودون في نهاية المطاف إلى الصف. لا خلاف على ضرورة إبعاد الطالب في حالات العنف أو لتهدئة الموقف سريعًا، لكن يجب أن يكون هناك مسار للعودة المرحّبة إلى الصف. يمكننا تحقيق مناخ ثقافي إيجابي إذا طُبِّقت الممارسات التصالحية باستمرار وبواسطة إداريين ومعلمين وطاقم داعم مدرّبين.

قررت ألا أحرر إحالة تأديبية لكريس على سلوكه؛ وبدلًا من ذلك وفّرت له دعمًا إضافيًّا طوال العام الدراسي. بدا عليه الدهشة — وأفترض أنه قلما يُختار للمشاركة أو للتقدير. بصفتي قائدة المصالحة في مدرستي، كان هدفي بناء علاقة مع كريس وكسر دائرة العلاقات السلبية التي يشير إليها سجله التأديبي بينه وبين الأقران والكبار منذ بداية مسيرته الدراسية. بنهاية العام، وبمجهود كبير من الطرفين، تطوّر بيننا احترام متبادل، وخفّت حوادث السلوك السلبي بشكل ملحوظ.

يقرأ  متنزّه يتسبب في سقوط أكوام الحجارة الإرشادية على درب إنجليزي تاريخي

علينا كمعلمين أن نعترف بأن مهمتنا لا تقتصر على تعليم مادة دراسية فحسب، بل تتعداها إلى تنمية شخصية الطلاب ليصبحوا بالغين فاعلين ومتكاملين. تلعب ممارسات العدالة التصالحية دورًا مهمًا في تحقيق هذا الهدف، وفائدتها لا تقتصر على الطلاب فحسب بل تمتد إلى المجتمع بأسره.

رينيه توماس معلمة تبلغ خبرتها 25 عامًا في تدريس التاريخ الأميركي والإسبانية في المدارس الإعدادية. هي أيضًا قائدة المجتمع التصالحي في موقعها، واختيرت كمعلمة العام في مقاطعة سان دييغو عام 2021. تشغل حاليًا منصب نائب رئيس مجلس المستشارين للمعلمين النموذجيين، الذي يضم معلمي وحاصلين على جوائز معلم العام في مقاطعة ومدينة سان دييغو.