في شباط/فبراير عيّنت الحكومة البريطانية مجموعة عمل لصياغة تعريف واضح لـ«كراهية المسلمين/الإسلاموفوبيا»، وكان من المقرر أن تنهي مهمتها بنهاية آب/أغسطس. وفي الصيف شنّ النائب المحافظ نيك تيموثي وجماعات متفقة معه حملة ضد أي تعريف من هذا القبيل، بزعم أنهم يدافعون عن حرية التعبير لأولئك الذين يريدون انتقاد الإسلام.
منذ ذلك الحين تراجع موقف الحكومة إلى الصمت والتأجيل. ونشرت هيئة الإذاعة البريطانية تقريراً الأسبوع الماضي يوحي بأن المصطلح «الإسلاموفوبيا» لن يظهر في التعريف، واستُبدِل بعبارة «عداء ضد المسلمين».
هذا خطأ جسيم؛ فعداء الإسلام في جوهره يفسر الكثير من أشكال العنصرية الموجَّهة إلى المسلمين. ومع عجز الدولة البريطانية عن تسمية الإسلاموفوبيا ومواجهتها، يواجه المسلمون مستوى غير مسبوق من الخطر. إن رفض الحكومة البريطانية الاعتراف بالإسلاموفوبيا أو التصدي لها يُعدّ فضيحة إلى حدٍّ كبير، يمرّ عليها الإعلام السائد مرور الكرام.
قبل هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 على إسرائيل، كان عدد الحوادث المبلَّغ عنها ضد المسلمين في إنجلترا وويلز مرتفعاً بالفعل ووصل إلى 3,432 حادثة. خلال السنة المنتهية في مارس 2024 ارتفعت هذه الأعداد بنسبة 13٪، ثم زادت بنسبة إضافية بلغت 19٪ بحلول مارس 2025. وهذه الأرقام الأخيرة تستبعد لندن بسبب تغيّر طريقة تسجيل الجرائم لدى شرطة العاصمة، لذا فالمحصلة الحقيقية قد تكون أعلى.
وفق أحدث البيانات (بدون لندن)، استهدف 24٪ من الجرائم ذات الدافع الديني اليهود، بينما وقعت 44٪ ضد المسلمين. بالإضافة إلى ذلك، يظل المسلمون أكثر عرضةً لأن يكونوا ضحايا للاعتداء، والمطاردة، والمضايقة.
من العجيب إلى حدٍّ ما أن الهجمات المعادية للمسلمين في المملكة المتحدة خلال العامين الماضيين لم تُسفر عن وفيات. لكن أعمال شغب صيف 2024، التي أعقبت مقتل ثلاث فتيات في ساوثبورت على يد مهاجم غير مسلم، تميّزت من بدايتها باستهداف المساجد. هذا العام شهدت المساجد هجمات متعدّدة، بينها حوادث إحراق متعمّد. وفي كانون الأول/ديسمبر اعتقلت الشرطة في شمال أيرلندا عدة أعضاء مما يُعرف باسم «الجيش الدفاعي الأيرلندي» بتهمة التخطيط لمهاجمة مسجد وإسكان للمهاجرين في غالواي بجمهورية أيرلندا.
رغم ارتفاع جرائم الكراهية، تواصل الحكومة البريطانية حملتها الحازمة ضد معاداة السامية — وهو ما ينبغي عليها فعلاً — لكنها لا تبذل أياً من رأس المال السياسي نفسه لحماية المسلمين. يكشف نهج الدولة في تعريف كلتا الصيغتين من العنصرية هذا التفاوت بوضوح.
في كانون الأول/ديسمبر 2016 اعتمدت المملكة المتحدة تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة لمعاداة السامية، وهو تعريف أثار جدلاً كبيراً بسبب مزجه بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية. بالمقابل، أبطأت الحكومة في اعتماد أي تعريف للإسلاموفوبيا.
مشروع التعريف الذي نشرته الـBBC في 15 كانون الأول/ديسمبر، والذي لم يذكر كلمة الإسلاموفوبيا، ناقص خطيراً بل وخطير فعلاً لأنه يمنح من يريدون مهاجمة الإسلام شيكاً على بياض. كان هذا النقص متوقعاً إلى حدٍ ما: فقد أصرّت الحكومة في شروط إحالة مجموعة العمل على «الحق الثابت للمواطنين البريطانيين… في انتقاد أو إظهار عدم الإعجاب أو إهانة الأديان و/أو معتقدات وممارسات أتباعها».
تخيّل للحظة أن الحكومة حددت أن تعريف معاداة السامية يجب أن يسمح بإهانة اليهودية. حتى فهم تاريخي سطحي لمعاديّة السامية يبيّن أن العداء لليهود واليهودية كانا متلازمين عبر القرون: من افتراءات الدم في العصور الوسطى التي اتهمت اليهود بذبح أطفال مسيحيين لأغراض طقسية، إلى نظرية «الاستبدال» المعاصرة التي تزعم أن اليهود يخططون لإضعاف ما يسمى «العرق الأبيض».
بنفس الطريقة، ارتبط اضطهاد الغرب للمسلمين تاريخياً بمعارضة الإسلام ذاته والدور المزعوم العنيف والفتاك الذي ينطوي عليه، بدءاً من العصور الوسطى وحتى اليوم. سواءً في زمن الإصلاح الديني في القرن السادس عشر بأوروبا أو في حقبة استعمار شمال إفريقيا وآسيا في القرن التاسع عشر، كان الساسة والمفكّرون الغربيون يميلون إلى تصوير الإسلام كدين إمبريالي وميال للعنف، يسعى للسيطرة العالمية إما عبر الحرب المقدسة أو عبر مؤامرات خفية.
في القرن السادس عشر وسم اللاهوتي الألماني مارتن لوثر كلّاً من اليهود والمسلمين بـ«المتعصّبين»، أي الثوريين العنيفين الملهمين دينياً. وفي القرن الثامن عشر كتب الباحث الفرنسي ألكسندر ديلير أن «حينما يكون الحكم مؤسَّساً تماماً على الدين، كما بين المسلمين؛ فإن التعصّب يوجّه نفسه غالباً إلى الخارج، ويجعل من هذا الشعب عدواً للإنسانية».
قاد اعتقاد قادة الإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية بأن الإسلام يولّد قابليّة متأصلة للعنف الثوري إلى سياسات رقابية ورقابة على المعلومات وسياسة تروّج لـ«الاعتدال».
يمكن تتبّع تأثير هذا التصور القائم على ربط الإسلام بمؤامرة عنيفة عبر القرنين العشرين والحادي والعشرين في الغرب بوضوح، لا سيما منذ بدء «الحرب على الإرهاب» مطلع الألفية. وامتدت هذه الأفكار عبر الطيف السياسي، وكانت في صلب موجات الذعر من الهجرة في المملكة المتحدة منذ 2015، عندما دفعت الحرب وصعود تنظيم الدولة الإسلامية أمواج لجوء من الشرق الأوسط.
كراهية الإسلام، المبنية على قرون من الفكر الغربي الذي صور ذلك الدين كتهديد وجودي للحضارة المسيحية، هي جذر مجموعة من الصور النمطية الإسلاموفوبية: أن المسلمين كلهم إرهابيون محتملون، واضطهادي النساء، ومتحرّشون جنسياً، وتهتمّهم السلطة الدينية حتى الهوس.
في هذا السياق، الادعاء بأن الإسلام ليس هدفاً لسهام الكراهية في الواقع يسهل العنصرية. إنه يمنح الضوء الأخضر لمن يهاجمون الاسلام بشغف حارق — هذا العداء يغذي العنف اللفظي والجسدي ضد المسلمين. وتمجيد مثل هذه الهجمات تحت غطاء «حرية التعبير» هو تمجيد للكراهية.
الآراء الواردة هنا تخص كاتبها ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.